أسئلة تحتاج إلى إجابة، ليس على طريقة التعليم في المدارس، من سؤال التلميذ وإجابة المدرس، وإن كنا نحتاج إلى ذلك لنتعلم أبجديات السياسة، ولنتعلم أيضا ثقتنا بالإجابة على الخيارات السياسية الصحيحة للأمة من دون تعقيد ولا تركيب في الأسئلة، ومن دون تعقيد ولا هواجس في الإجابة، وإنما بسط الإجابة بطمأنينة ومن دون خوف، فما نجيب عليه درس من دروس الوطن، إلا أن الإجابة على هذه الأسئلة ستكون على طريقة «كيوم ولدته أمه» لأننا بحاجة إلى أن نشرح أنفسنا إلى أنفسنا، ونحن تحت مظلة الوطن الواحد والقدر الواحد إن كان كذلك.
والأسئلة البدائية هذه، هي: لماذا تعمد المعارضة إلى عقد مؤتمر دستوري لمناقشة الأزمة الدستورية مع وجود استحقاق كالحياة النيابية؟ هل هذا الموقف فيه تحد للدولة والحكم الذي أنشأ هذا الاستحقاق؟ هل معنى إقامة المؤتمر الدستوري الدعوة إلى تقويض التجربة البرلمانية الحالية؟ وما أجندة المعارضة الفعلية في هذا المؤتمر؟ ولماذا تقف المعارضة الموقف المعارض دائما، ولا تتعامل مع الاستحقاقات الحالية بإيجابية؟ إذن ... هل لدى المعارضة أجندة غير معلنة تغلفها بالشعارات التي ترفعها كالأزمة الدستورية والتجنيس وغيرهما من الملفات الساخنة؟ هذه هي الأسئلة البدائية التي ترد بشكل مقصود وغير عفوي على لسان الكثير من الصحافيين، ممن يجمعون أسلحتهم القديمة الجديدة بين قانون أمن الدولة وعهد الإصلاح؟ ويمكن الإجابة عليها قبل طرقها، وهي بحق بحاجة إلى إجابة تبرئة (كيوم ولدتك أمك) أكثر من إجابة شرح موقف سياسي يحتكم فيه إلى العقل والمنطق، ولا بأس بممارسة هذا الدور.
بداية، لابد من إقرار حقيقة موضوعية وتاريخية مهمة، وهي أن الحكم حينما أراد أن يدشن مشروع الإصلاح، لم يلجأ إلى أي من هذه الأطراف التي تثير هذه الأسئلة وغيرها على هامش المعركة الإصلاحية الدائرة، وإنما لجأ مباشرة إلى الأطراف التي تثار حولهم أسئلة النوايا دائما، لتدشين مشروعه الإصلاحي في إجابة تاريخية محققة وموثقة بأن هذه الأسئلة مجرد أسئلة نوايا لا طائل منها، لا تؤثر على موقع المعارضة من مشروع الإصلاح، حتى وهي خارج اللعبة، وأي توافق مستقبلي بين الحكم والمعارضة إذا ما أنجز بصورة نهائية، سيرجع هذه الأسئلة ومن أثاروها إلى الصفوف الخلفية في الصراع الدائر على معركة الإصلاح الفعلي، لتنبثق عن أسئلتهم أسئلة أخرى تفصيلية على هامش التجربة التي ستدشن مستقبلا إذا تم التوافق عليها، وتبقى الإجابة على هذه الأسئلة ضرورية، ليس لتبرير موقف المعارضة، وإنما لفرز الأدوار وحقيقتها وصدقيتها بشكل فاصل، فهذه المهمة أقدس من مفهوم التبرير، وهي بحق من عطايا وهبات الأنبياء والمصلحين في صراعهم الدائم من أجل التغيير، لذالك فقد وجبت الإجابة على هذه الأسئلة، لإعطاء فرصة لهذا المؤتمر أن يطرح نفسه وفق ما أراد له أصحابه، تأكيدا لحق التكافؤ في التعبير عن الآراء من دون مصادرتها أو إشغالها بمعارك جانبية.
أولا: لماذا تعمد المعارضة إلى عقد مؤتمر دستوري لمناقشة الأزمة الدستورية مع وجود استحقاق الحياة النيابية؟ هل هذا الموقف فيه تحد للدولة والحكم الذي أتي بهذا الاستحقاق؟ هل معنى إقامة المؤتمر الدستوري الدعوة إلى تقويض التجربة البرلمانية الحالية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، يمكن تحديد فاصل فعلي يمنع خلط الأمور عند الإجابة على هذا السؤال وغيره فيما يتعلق بالمؤتمر الدستوري والأزمة الدستورية، وهو أن مناقشة الدستور البحريني سواء كان دستور 73 أو دستور 2002 في كل مواده من أجل الدعوة إلى تغييرها أو تثبيتها حق مشروع لكل أبناء الوطن، وهو ليس حكرا على البرلمانيين فقط، وخصوصا مع الاختلاف على التجربة ووجود أطراف معارضة ترى غير الرأي الرسمي في هذا الخصوص، وإلا لم يصبح هذا الدستور حاكما لكل الشعب البحريني وملزما لهم أيضا، وبالتالي فإن الحساسية من مناقشة دستور 2002 هي حساسية غير مبررة، وتنبئ عن عجز فعلي ومصادرة فعلية للآراء التي لا ترى الرأي الرسمي، وإذا شاء الرسميون ألا يناقش دستور 2002، فليعلنوا أنه لم يكن لشعب البحرين، وإنما لفئة معينة، عندها سيكون للناس الحق أيضا في المطالبة بدستور يشملهم ويتكلم عن حقوقهم.
القناعة التي تتناسب مع كرامة إنسان هذا البلد، أن دستور 2002 كما غيره من الدساتير هو عبارة عن أحكام ستطبق على إنسان هذا البلد، وسيتضرر منها كما سيستفيد منها على قدر المساواة، بحسب التطبيق وما يحتويه هذا الدستور من آليات عاجزة أو قادرة على الإنجاز، ودعوة الناس إلى عدم مناقشة هذا الدستور لا تتناسب مع كونه مطبقا عليهم، وله أثر مباشر على حياتهم ومستقبلهم ومصائرهم، فقط توجد نقطة توافق وتوازن فعلية لايمكن التفريط فيها أبدا، فقد ارتضاها جميع المعارضين حين قرروا المطالبة بحقوقهم، وهي التوافق على كون الحكم في أسرة آل خليفة، ويشاركهم الناس في أعباء الحكم، وهذه بحق ضمانة فعلية لأن يكون ما دون هذا التوازن مثار جدل ونقاش، لأنه حق طبيعي للناس، وهو جزء من الضمانة لبقاء هذه التوازنات قائمة على أساس من العدل والمساواة بين الجميع.
والسؤال: هل فعلا يمثل المؤتمر الدستوري تحديا للحكم، أم تعزيزا للضمانات السياسية والقانونية التي تحفظ أمن واستقرار البلد؟ ضمن أرضية التجربة البرلمانية الحالية، فإن الشق الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة، فالمعارضون لدخول التجربة البرلمانية الحالية يرون أنها لا تمتلك الأرضية الفعلية للاستمرار في التجربة الديمقراطية النيابية بما يحفظ حقوق الحكم والناس معا، وليس ضمانة موقف شخص أو شخصين أو حتى فئة ضعيفة الخيار في ظل واقع مليء بمخلفات الماضي وقانون أمن الدولة، ولا حتى الإشارات التي تطلق هنا وهناك لا تعد ضمانة يرتكز عليها، لأنها أشبه بالإشارات المتقطعة التي لا توحي بالسلامة في نهاية الطريق، فهي ليست ضمانات من الأساس في ظل وجود واقع مناقض لها، ويعمل على دحضها باستمرار.
لهذا كان الفيصل أن يفترق الفريقان، ويعمل كل واحد برأيه، ويؤسس لمواقفه بالخطوات والآليات التي يراها مناسبة، على أن تراقب التجربة الحالية، للنظر فيما تتمخض عنه، وما إذا كانت سترجح أحد الخيارين وفق ما تملكه من آليات وأدوات، ومن دون تدخل فوقي في عملها، بما يعزز الإرادة المنفردة في التغيير، ويعكس عدم احترام التجربة من الأساس وما أفرزته من آليات وأدوات مختلف ومراهن عليها، وقد اختار المقاطعون ألا يشاركوا في التجربة، وراهنوا على أنها لن تنتج شيئا في ظل العجز في الأدوات الدستورية، واختاروا لأنفسهم طريق «المؤتمر الدستوري» لطرح خياراتهم ومرئياتهم، وإيجاد الآليات والأدوات السلمية لإنجاح هذا الخيارات، وهذا يتطلب من الطرف الرسمي أن يكون حياديا فيما سيفرزه «المؤتمر الدستوري» كما أن المقاطعين كانوا حياديين إن لم يكونوا مجانبين للتجربة الحالية، بغية إفساح المجال لها لتكشف عن نفسها، فإذا كانت التجربة تستحق الوجود، فستكشف عن ذلك عمليا، ولا قوة للمقاطعين أن يمنعوا نجاح هذه التجربة، لأنهم خارج هذه اللعبة.
ويبقى السؤال الأهم: هل في ذلك تحدٍّ للدولة؟ هل في ذلك إضعاف لهيبتها؟ هل في ذلك إضرار بالأمن والاستقرار في البلد؟ والجواب: إن الخيار الأساسي للمعارضة، كان الحوار مع القيادة السياسية، ولم يضمر هذا الخيار أو يضمحل، ولم ينته من قاموس المعارضة بعدُ، ولا يوجد خيار للبحرين ولأهلها ولقيادتها غير الحوار، ومازالت الذاكرة مليئة بالكثير من المواقف المسئولة من الكثير من الرموز، ولا أبلغ من كلام الناشط السياسي عبدالوهاب حسين في ندوة النادي الأهلي مع إعلان صدور الدستور الجديد، دستور 2002، في 14 فبراير/ شباط 2002، عندها كانت المشاعر تغلي كالمراجل، وكانت المزايدة حينها تكفي لأن تؤجج الكثيرين، وقد زايد بعضهم فعلا بإطرائه الفاضح والمكشوف على من حملوا (السلندر) تلويحا باستخدام العنف، فما كان من حسين ومعه رئيس جمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان إلا أن أكدا أن استخدام العنف يصل إلى درجة الحرمة دينيا، إلا أن حسين عاد وقال: «بإمكاننا مهادنة النظام، والمضي معه في التجربة، وبإمكاننا التأسيس لنضال سلمي دستوري من جديد»، وقد رجح حسين الخيار الثاني، وكان هو الخيار الأرجح فعليا، فيما بقي الخيار سلميا ومسئولا من دون أن تسقط قطرة دم واحدة.
إن إعلان موقف مغاير لموقف الحكم ليس فيه تحد لإرادته بمقدار ما فيه إفصاح عن وجود إرادة شعبية تختلف سلميا مع الحكم، وتحتكم إلى الوقائع للتدليل على صحة موقفها، ولكنها لا تجنح أبدا إلى استخدام العنف، فخيارنا حكاما ومحكومين في هذا البلد هو التعايش السلمي مع وجود التعارض والتباين الطبيعي، ما أمكن إلى ذلك سبيلا، وبالتالي، فالاحتكام إلى التجربة وإلى الأدوات السلمية في التغيير، وكذلك إلى موقف القيادة السياسية التي أكدت أن هذه التجربة ليست منزلة من السماء، وأن بالإمكان تغييرها.
وهنا يجب التحذير من ثلاثة محذورات، أو لنقل ثلاث قنابل سياسية موقوتة، لا يمكن للمعارضة ولا حتى الحكم مهما تكن قدرتهما ضبط الشارع مع وجودها، إذا أحس الشارع بخطر وجودي منها، أو إنها تهدد كيانه ومصيره، فهذه يقينا خارج اللعبة السياسية في إطارها السلمي، وستتكشف هذه الحقيقة مستقبلا إذا لم تتم معالجة هذه المحذورات.
- التجنيس السياسي: وخطورته ليس في إضراره بالتركيبة الديمغرافية للبلد فحسب، وخلق اصطفاف جديد وفئة جديدة غير متجانسة مع المجتمع البحريني، وإنما إضرارها الفعلي بالنظام السياسي وبهيكله الهرمي ككل، وكل فئاته ونظمه من دون استثناء، وجوهر المشكلة أن الطابع الاسترزاقي للمجنسين مع التجيير السياسي الحالي والمستقبلي لهم، لا يدخل ضمن الولاءات والاصطفافات التاريخية للمعارضة والحكم، وإنما هو خارج هذه المعادلة تماما، لأنه خارج معادلة المجتمع البحريني بكامل ولاءاته واصطفافاته سواء باتجاه الحكم أو المعارضة. هذا يعني في حال استقواء المجنسين سياسيا واجتماعيا، وهم قادرون بحكم طبيعتهم الشرسة والبدوية في الغالب، وبحكم الارتزاق المفتوح على كل خيرات البلد، أن يشكلوا معادلة جديدة مستقبلا، قد تطالب بنفوذ وصلاحيات خارج ما يطالب به شعب البحرين، وخارج معادلة الصراع بين المعارضة والحكم، يساعد على ذلك صعوبة استزراعهم بين فئات المجتمع البحريني، وكونهم يعيشون في «كانتونات» معزولة عنهم، وإذا ما اقتربوا من مناطق سكناهم، أحس المجتمع بالمشكلات المتعددة التي نسمع عنها الكثير، لفارق الهوية الواضح بين المجتمع البحريني والمجنسين.
- البطالة: وهي قنبلة موقوتة ثانية يمكن أن تفجر الوضع السياسي إذا لم توجد الحلول الناجعة لها، و في حال استمر الفساد الإداري والمالي والسرقات متتاليا على أسماع هؤلاء المحرومين، وخطورة مشكلة البطالة أنها قادرة على تفجير الوضع السياسي في أكثر من موقع، ولأكثر من سبب وتداع، صغيرا كان أو كبيرا، وهي قادرة فعلا على إحراج الحكومة والمعارضة معا، وجعل كل الفعاليات والمناورات فيما بينهما مسكونة بلغم التفجير المضاعف، ولهذا: فإن الدعوة إلى استخدام الخطاب السلمي، وانتقاء الكلمات والتعبيرات المناسبة التي لا توجج الوضع، ومعالجة الكثير من حالات الإحباط بالحكمة والموعظة الحسنة، هي الرسالة الدائمة للمعارضة والحكم، شرط ألا يكون ذلك بمثابة المخدر السياسي، فإذا تشرب الجسم الموجع والمريض بالمخدر، فإما يبطل مفعول هذا المخدر، أو يقضى على الجسم المريض تماما.
- أزمة الإسكان: وهي قنبلة موقوتة وجودية، ستسبب على المدى القريب احتقانات مشابهة لأزمة التجنيس السياسي والبطالة، وخصوصا مع إصرار الكثير من المتنفذين على التملك الجائر للأراضي، لتبلغ عدد الأراضي العامة 5 في المئة من أراضي البحرين، فيما تبلغ الأملاك الخاصة من الأراضي والعقارات 95 في المئة، وهذه دعوة لأن يخلي هؤلاء المتنفذون هذه الأراضي للشعب، إذا لم يكونوا يريدون خنقه، وأرادوا أن يكون في هذه الأرض نفس من حياة كريمة طيبة، فإحساس الإنسان بأن لا مأوى له، قد يجعل منه وحشا كاسرا في المستقبل، ليكون خارج كل المعادلات السياسية التي تحكم علاقة الحكم بالمعارضة، فإذا اقترب الإنسان من الإحساس بقرب وقوع الكارثة، وإذا تحولت أزمة السكن إلى ظاهرة عامة، فلا يلومن أي مسئول في هذا البلد سواء أكان معارضا أم رسميا إلا نفسه.
ثانيا: ما أجندة المعارضة الفعلية في هذا المؤتمر؟ ولماذا تقف المعارضة الموقف المعارض دائما، ولا تتعامل مع الاستحقاقات الحالية بإيجابية؟ إذن ... هل لدى المعارضة أجندة غير معلنة تغلفها بالشعارات التي ترفعها كالأزمة الدستورية والتجنيس وغيرهما من الملفات الساخنة؟
لاستكمال الإجابة على هذه الأسئلة، وتوضيح الهدف من إقامة المؤتمر الدستوري، يمكن الآن الفصل بين المضي قدما في الاستحقاقات غير المتفق عليها بين المعارضة والحكم، وما ستفرزه هذه الاستحقاقات من وقائع سلبية قد تكون المعارضة غير قادرة على معالجتها، وبين نهج المعارضة وتمسكها بثابت العمل السياسي السلمي والمعارض للحكومة، فالاستحقاقات السلبية كالتجنيس السياسي، والبطالة المفتعلة، وأزمة الإسكان، والتمييز الطائفي، وغيرها من الاستحقاقات، إذا ما ثبتت أسلوبا وممارسة لكسر إرادة الناس، فهي يقينا ستكون خارج المعادلة السياسية بين الحكم والمعارضة، وبالتالي فإن الحديث عن الأجندة الخاصة للمعارضة لا يستقيم مع وجود أجندة حكومية خاصة قادرة على حرف المسار السياسي عن سكّته الصحيحة، ومع ذلك، يبقى الخيار السلمي هو الخيار الأفضل لشعب البحرين إذا ما كان فاعلا ومسئولا، ويحمل إرادة التغيير معه مع الحفاظ على نقطة التوازن بين الحكم والمعارضة، كضمانة أساسية للحراك الداخلي المشروع.
هناك حقيقة يعرفها الداعون إلى المؤتمر الدستوري، وهم يطالبون بمزيد من المشاركة في أعباء الحكم وصولا إلى تداول السلطة سلميا، وهي أن تركة ثلاثة عقود من الممارسة السياسية والإدارية بعيدا عن إرادة الناس غير ممكن تغييرها بين عشية وضحاها، ولكن هذا لا يعني القبول بتجربة خالية من ضمانات بقائها واستمرارها، لأن ذلك أشبه بالخبال السياسي، ومادام وضعنا في البحرين أننا نخوض تجربة إصلاح سياسي، فليكن القبول بالتسويات السياسية على قاعدة من الحوار المتكافئ بين المعارضة والحكم هو المخرج الفعلي من أزمة الإدارة السياسية للبلد بشكل منفرد، وكل تبعاتها التي باعدت الشقة بين الشعب والحكم، وصولا إلى مصالحة سياسية تاريخية، تمهد لتجربة ديمقراطية تحفظ التوزانات، وتكون قادرة على البقاء السياسي وفق مقومات بقاء ذاتية، من دون الاضطرار إلى إبقائها مع كونها عاجزة.
وبذلك يمكن القول، وبالفم الملآن كما يقول نصر الله: لا أجندة خاصة لدى المعارضة من عقد المؤتمر الدستوري، ولا في كل حراكها السياسي، والحقيقة الأهم: أن المعارضة في غاية الاعتدال، وتحمل هاجس المسئولية تجاه أمن الوطن واستقراره، وتجاه فتح الحوار مع الحكم، والمؤتمر الدستوري بدعوته لممثل القيادة السياسية خير شاهد على ذلك، ولكنها (المعارضة) لا تقبل بالاضطرار السياسي الذي يقوض دعائم الأمن والاستقرار في البلد، ودعائم التجربة الإصلاحية الوليدة، وإن كلفها ذلك أن تكون خارج التجربة لفترة، وإذا ما كان هناك تحذير، فمن المفرزات السلبية الناتجة عن عدم التوافق بما يشبه «الهروب إلى الأمام»، وهذا لا يعني وجود أجندة خاصة لدى المعارضة، لأن المعارضة لا تستطيع تقييد هواجس الشارع وانفعالاته وإحباطاته على الدوام، ولكنها تحذر من عدم تمكنها من السيطرة على الوضع إذا ما تعززت الوقائع السلبية التي قد تفرض أساليب غير أساليبها في الدفاع عن النفس، ولا يوجد حريص واحد على مصالح البلد واستقراره يرغب في هذا التداعي الخطير
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 515 - الإثنين 02 فبراير 2004م الموافق 10 ذي الحجة 1424هـ