يحق لنا أن نفتخر بزعيم إسلامي عربي كسيدحسن نصرالله. فهذا الرجل استطاع أن ينجز ما عجزت عن إنجازه غالبية الأنظمة العربية... رجل حكيم بكل المقاييس، لم يكن رجل شعارات أو فرقعات إعلامية على طريقة «يا جبل ما يهزك ريح». نصرالله أحرج الجميع واستطاع أن ينقل الشارع العربي من الاحباط الذي سقط فيه. ما بعد هزيمة 67 إلى أيامنا هذه سمّي الجيل بـ «جيل الصدمة»... كل الصور والمشاهد العربية قاتمة... إضافة إلى تعنتر «إسرائيل» العالم العربي مازال يؤسره منطق القبيلة والديمقراطيات مازالت قاصرة عن تغطية ركبة المواطن فضلا عن ستر العورة كما يقول الفقهاء لذلك أصبح جيلنا يسمى بجيل الصدمة أو جيل الطوارئ، تربى على تربية القوانين الطارئة والأحكام العرفية، والمحاكم العسكرية... كل هذه الاحباطات اجتمعت على المواطن العربي، إضافة إلى كل ذلك عنتريات «إسرائيل». حالات الاحباط هذه بدأت في التلاشي مع بزوغ فجر تحرير جنوب لبنان.
واستطاع نصرالله أن يثبت للعالم أن بيت «إسرائيل» من ورق وأنه أوهن من بيت العنكبوت... أرجع الأسرى ومن كل الأطياف وأثبت فعلا لا بالكلام أن نصر الله لا يتأطر بطائفة... فهو يتحرك من المنطلقات الإنسانية وبذلك كسر كل الأقفال التي فرضت على خطابه وحاولت أن تأسره في إطار ضيق.
لاشك في أن نصرالله أسس بخطواته ثقافة جديدة... هي ثقافة المواجهة مع العدو، وأنه بذلك أسقط مقولة «فن الممكن» المغلفة بتطبيقات الاستسلام. لا أحد يستطيع أن يقول عن الرجل إنه غير واقعي وإنه لا يستطيع أن يقود عمليات في الميدان السياسي... على العكس من ذلك، فالرجل استطاع أن يدخل في مفاوضات بفريق عمل قدير وحكيم فاستطاعوا أن يفرضوا على شارون املاءاتهم وعلى رغم كل ذلك... على رغم النجاح ها هو يواصل بقية الملف لاطلاق مزيد من السجناء.
طبعا بعض الأنظمة حاولت أن تحاصر نصرالله وأن تتخذ من عمامته السوداء طريقا لاثبات تهمة الطائفية والمذهبية، فكان يعبر عنه في الاعلام بالرجل الشيعي، لكن نصرالله لم يرَ من العمامة تهمة بقدر ما رآها طريقا لإعادة التقييم وإزالة الفهم الخاطئ من أنه رجل ينطلق من منطلقات طائفية.
لقد أثبت نصرالله باطلاق السجناء العرب أنه أشد من العرب عروبة مادامت العروبة تعني ألا تتعصب لقومك على حساب الآخرين. ولذلك ركز نصر الله على كل الأسرى ولم يفرق بين أسير إسلامي أو ماركسي فقد أصر على ألا يترك لبنانيا في الأسر مهما كان انتماؤه ونجح في فرض احترامه على الجميع على أن العمل يجب أن يكون لكل الوطن. بالسلاح التقليدي نصرالله أحرج ليس فقط العرب بل أحرج مخازن الأسلحة العاطبة والمكدسة التي تقدر بالمليارات... لكن وما الفائدة فهي لا تستخدم للضغط على «إسرائيل» بل بعضها يستخدم للضغط على الجماهير كي لا يطالبوا بأية استحقاقات ديمقراطية من أنظمتهم.
قال أحد الإسرائيليين «نصرالله لم ينتصر علينا عسكريا وسياسيا فقط فهو رجل علاقات عامة من النوع الثقيل... لقد أحرج «إسرائيل» بالصور التي بثها عن تونن باوم... أظهره في زي محترم بلا قيود وأظهر في مفارقة فاقعة صورة الديراني وعبيد كيف يقادان نحو الطائرة والأغلال في أيديهم وأرجلهم».
وكما قال أيضا أحد المحللين الإسرائيليين «إن المقاومة جعلت من «إسرائيل» حمارا ومازالت تركب على ظهره».
نصرالله أوصل رسالة إلى كل الشعوب العربية ان مقولة «السلام» مع «إسرائيل» مقولة خاطئة ومازلنا نحن كعرب أقوى من «إسرائيل» ان امتلكنا الإرادة والاخلاص والعمل المنظم الفاعل... بذلك ستكون «إسرائيل» في التراب.
أبا هادي، سر على بركة الله فليس غريبا عليك الانتصار وأنت الذي قدمت ابنك البكر ذبيحا لأجل فلسطين
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 515 - الإثنين 02 فبراير 2004م الموافق 10 ذي الحجة 1424هـ