لقد فرحنا نحن شعوب الأمة العربية المستضعفة وظننا أن الشعب الجورجي الذي تخلص من رئيسه إدوارد شفاردنادزه من خلال عصيان مدني وفي ظني أن المواطنين العرب جميعهم تمنوا أن تأتيهم شجاعة الشعب الجورجي ما جعل شفاردنادزه يتنحى عن الحكم مرغما تحت الضغط الشعبي، فصار ذلك أنموذجا صادقا للشجاعة والقوة والإرادة الشعبية التي استطاعت تغيير النظام المستبد دون إراقة قطرة دم.
ولكن على رأي المقولة المصرية (يا فرحة ما تمت) فإن ذلك الشعب الذي كبر في عيوننا وتمنينا أن نكون مثله في أرجاء الوطن العربي سقط من أعيننا بعد أن أوصل مخلوقا هايفا اسمه (سكاشفيلي) لرئاسته، وهذا المخلوق فعل ما يقوله المثل الخليجي (أول ما شطح نطح)، فقد أعلن خلال حملته الانتخابية أنه غربي الهوى ويتمنى أن يزور «إسرائيل» ويقيم معها علاقات وطيدة ويقيم علاقات مع دول الخليج للاستفادة اقتصاديا من هذه الدول، وما أن سمعت أن هذا المخلوق الذي كل رأسماله هو بدلات أنيقة وطول كالزرافة وثخن كالفيل وشعر ناعم يشبه شعر الفتيات حتى تذكرت المثل المعروف (رحم الله الحجاج عن ابنه). لكن الذي لفت انتباهي ذلك الربط بين أمنيته لزيارة «إسرائيل» وتوثيق العلاقة مع دول الخليج، ترى هل هناك ارتباط بين هواه الغربي وأمنيته لزيارة «إسرائيل»، ولا أعتقد أن هذا المخلوق الأنيق المحامي تحدث دون دراية أو وعي، إذ لابد أنه درس الوضع وعرف أنه كلما ارتبط بالغرب و«إسرائيل» فُتحت له أبواب الترحيب به في بعض الدول العربية لأن بعض القيادات لها علاقات بعضها سرية وأخرى علنية مع «إسرائيل» وهي لا ترد طلبا للولايات المتحدة وأوروبا بضرورة الترحيب بالمخلوق الجورجي الجديد الذي حالفه الحظ وترأس الشعب الجورجي الذي صام ليفطر على بصلة.
والمرجو من القيادة الخليجية أن تقف بصلابة وتلجم هذا الأفاق الأنيق وتقول له ما يثلج صدر المواطن الخليجي بأن دول مجلس التعاون ترفض أن تقيم العلاقة مع بلد يترأسه مخلوق كل أمنيته زيارة «إسرائيل» وإقامة علاقات معها
العدد 514 - الأحد 01 فبراير 2004م الموافق 09 ذي الحجة 1424هـ