العدد 514 - الأحد 01 فبراير 2004م الموافق 09 ذي الحجة 1424هـ

المجالس البلدية... والدور المطلوب

تعقيبا على كلمة وزير البلديات والزراعة

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

شارك وزير البلديات والزراعة في الاحتفال بالذكرى السابعة لليوم البلدي الخليجي الموافق يوم السبت 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، وكنا نتمنى أن يكون بمعيته رؤساء المجالس البلدية، إذ ستتحصل عدة فوائد، بالإضافة إلى المشاركة مع الاخوة الخليجيين البلديين والاطلاع على تجاربهم.

استهل الوزير كلمته: بـ «أن الوزارة تسير بخطوات واثقة نحو الارتقاء بمستوى الخدمات البلدية إلى أعلى درجات الجودة... بالإضافة إلى تعزيز الموارد المالية للبلديات من أجل تلبية احتياجات الأجيال الحاضرة والمستقبلية بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة»... وذلك ما نصبو إليه جميعا نحن المواطنين وأبناء هذه الأرض الطيبة، وأن يتم من خلال وضع الأسس السليمة للعمل البلدي الصحيح، المؤسس على الإرادة الشعبية، المتمثلة في المجالس البلدية.

تغيير الذهنية المركزية

وقال الوزير: «إن العمل البلدي في مملكة البحرين في ظل العهد الزاهر له طابع خاص ومميز في إطار النظام البلدي الجديد الذي عزز المشاركة الشعبية في صنع القرار البلدي، وقد اتضح ذلك جليا من خلال جهود الاخوة في المجالس البلدية وإسهامهم الكبير في دفع عجلة التنمية البلدية».. وهذا العهد الجديد يا سعادة الوزير يحتاج إلى ذهنيات جديدة وعقليات منفتحة متحررة من النظام القديم والماضوية المركزية السابقة، وتستلهم في تطويرها العمل البلدي تجارب الدول المتقدمة.

والوزير في الفقرة السابقة يلقي بالكرة في ملعب المجالس البلدية، لكي تسهم وبفاعلية في تطوير العمل البلدي من كل النواحي، ويعبر الوزير هنا عن تفهمه للإشكال القانوني والواقعي الذي يعاني منه (الاخوة في المجالس البلدية)، ومن جهتنا نتمنى على المجالس البلدية صوغ مذكرة تفسيرية لقانون البلديات (سواء بالاستعانة بالمستشارين الرسميين أو الخاصين، وفي كليهما خير، ولا نعتقد أن أحد القانونيين يريد تأزم وضع المجالس البلدية بأكثر مما هي مأزومة ومكبلة، بالسلاسل كما يقول رئيس بلدي العاصمة مرتضى بدر)، وصوغ مذكرة تفسيرية وتقديمها إلى مجلس النواب لكي تصدر في إطار قانوني وتأخذ الصفة التشريعية الملزمة، ذلك كي تكون تجربتنا في العمل البلدي مثالا يقتدي به جيراننا في دول الخليج، وبالنسبة إلى الاخوة المقاطعين لمجلس النواب مع كامل احترامنا لإرادتهم، نقول: إذا تم رفع المذكرة إلى جلالة الملك فإلى أين سيرسلها جلالته؟ وبحسب الدستور لا تكون ملزمة ولا شرعية ما لم يوافق عليها مجلس النواب، فعملية (وين أذنك يا حبشي) هي مضيعة للوقت، وإذا كان هناك من حرج، فلماذا لا يأخذها أعضاء المجالس البلدية المشاركون في العملية النيابية ولديهم تكتلات نيابية لا بأس بها.

إن نجاح التجربة، ومقومات النجاح، لحد الآن، لم تتهيأ وتكتمل، فالبحث والسجال (الواعي) الذي يثور بين لحظة وأخرى هو ما يثري التجربة، ولا ينتقص منها أو يقيض أركانها كما يتصور البعض. وقد تطرق الوزير في كلمته تلك إلى إنجازات الوزارة في مختلف المجالات، منها إحياء العيون التراثية وإنشاء المنتزهات ومشروع عين عذاري وزيادة الرقعة الخضراء، ووضع حجر الأساس لمشروع مجمع سترة التجاري، والكثير من المشروعات التجميلية والترفيهية والتطويرية التي تم تنفيذها بعد أن أقرتها المجالس البلدية.

وتحدث الوزير الستري أيضا عن: «إنشاء المركز البلدي الشامل للخدمات الذي يضم تحت مظلته ممثلين عن الجهات المعنية ذات العلاقة بإصدار تراخيص البناء المختلفة»، وهنا يجب التوقف قليلا فما الداعي لوجود مثل هذا المركز، وما هو دور المجالس البلدية في هذا المركز وتأثيرها في قراراته؟ وهل يؤدي وجود هذا المركز إلى (سحب) اختصاصات المجالس البلدية؟ والرجوع إلى المركزية السابقة أم ماذا؟ والوزير يعلم أن المادة (19) الفقرة (ص) من قانون البلديات تنص على: «تنظيم رخص البناء والهدم والترميم وتعديل الأبنية» والفقرة (ن) من المادة نفسها نصت على: «الاشتراك مع الجهات المختصة في دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة ومخططات المناطق التفصيلية» والمادة نفسها (19) الفقرة (ق) نصت على: «... وتنظيم المناطق السكنية والتجارية والصناعية،... وإقرار الأولويات في تنفيذها» والفقرة (ر) نصت أيضا على: «اقتراح فرض الرسوم ذات الطابع البلدي وتعديلها والإعفاء منها وإلغائها وطرق تحصيلها»، وجاء في اللائحة التنفيذية لقانون البلديات في المادة (12) الفقرة (ح) وفي المادة (13) الفقرة (ح) والمادة (14) الفقرة (ب) الخاصة بالاستثمارات والمشروعات الخاصة، وفي اللائحة أيضا في المادة (16) فرض الرسوم ذات الطابع البلدي، فلماذا القفز على تلك الاختصاصات يا سعادة الوزير؟ ألا تستحق التجربة إعطاء الثقة للبلديين ومساعدتهم بدلا من تهميشهم وجعلهم خارج اللعبة، فإن نجاح تجربة المجالس البلدية نجاح للوزارة، وإخفاق التجربة وفشلها لا يعلقان في (رقبة) رؤساء وأعضاء المجالس! فالمطلوب تغيير في الذهنية المركزية ناحية اللامركزية والأعراف الصحيحة للعمل البلدي، كما في الدول المتقدمة.

المجالس البلدية والمكرمة الملكية

وكان للمكرمة الأبوية السامية بترميم وإعادة بناء ستة آلاف منزل من المساكن الآيلة إلى السقوط، مجال واسع وواضح في حديث الوزير... يشار إلى أن الرقم ستة آلاف منزل حددته وزارة الإسكان، وإلا فكرم (أبو سلمان) يتعدى الستة آلاف منزل، ولذلك كان لجلالته كلمة في هذا الشأن إذ قال البيوت الآيلة إلى السقوط، ولم يحصرها في عدد معين، والجهة التي تريد (حصر) مكرمة جلالته الأبوية هي وزارة الأشغال والإسكان، فجلالة الملك أب لجميع البحرينيين، وجلالته يشعر بحرج الموقف لأصحاب البيوت الآيلة إلى السقوط جميعهم؛ وبما أن المجالس البلدية هي الجهة المشرفة على المشروع، وهي التي تحدد المعايير والشروط؛ فيجب عليها إدراج جميع من تكون بيوتهم آيلة إلى السقوط في تلك المكرمة، وقد تجعل من الستة آلاف ستين ألفا، فإن (29,09 في المئة) من المباني عمرها أكثر من 25 سنة، و(14,36 في المئة) عمرها بين (20) و(25) سنة، و (16,05 في المئة) عمرها بين (15) و (19) سنة، أي أكثر من الثلثين من المباني في البحرين يفوق عمرها خمسة عشر عاما وأكثر من النصف يزيد عمرها على العشرين عاما ومعظمهم في المناطق القديمة من المحرق والشمالية والوسطى. (راجع: النتائج الأساسية للتعداد العام للسكان والمساكن والمباني والمنشآت، الجزء الأول، العام 2001م الصادر عن وزارة شئون رئاسة مجلس الوزراء/الجهاز المركزي للإحصاء)، وبالتالي فلماذا ستة آلاف يا وزارة الأشغال والإسكان؟ ويجب أيضا أن يكون المعيار الحاجة وليس المنطقة، فتوزيع المكرمة بحسب المنطقة هو عدل وبالنتيجة مساواة في التوزيع، وتوزيع المكرمة بحسب الحاجة هي عدالة وتطبيق لروح المكرمة وليس نصها أو ما يفهم منها، إذ قد يكون في (العاصمة) ما لا يتعدى خمسمئة منزل آيل إلى السقوط مثلا فهل من العدالة مساواة نسبة محافظة العاصمة بنسبة المحافظة الشمالية أو المحافظة الوسطى؟ أم إعطاء المحافظة الجنوبية نسبة تتساوى فيها مع نسبة محافظة المحرق، فالحاجة هي التي تقرر، والضرورة تفرض نفسها، وذلك ما يساعد في التنمية المناطقية المتوازنة للمحافظات.

التعاون والتنسيق بين المجالس والوزارة

تحدث الوزير في كلمته، في الاحتفال المشار إليه سالفا، عن أن وزارته «ستسخر الإمكانات كافة للتنسيق مع المجالس البلدية ومساندتها في ما قد تحتاج إليه»... وبما أن الوزارة أيضا وكما ذكر الوزير «قامت وبالتنسيق مع الأمانة العامة لدول المجلس للتعاون مع الاتحاد الأوروبي للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال والتي سيكون لها بلا شك مردود إيجابي بالغ على العمل البلدي في مملكة البحرين»، فلماذا لا تطلب المجالس البلدية من الوزارة الاستعانة ببعض الفنيين، وتطلب استشارة خبراء الهندسة في مملكة البحرين أو في دول الاتحاد الأوروبي كما ذكر الوزير، فالوزارة مستعدة وعلى المجالس تقديم طلباتها.

أشاد الوزير في كلمته بدور الصحافة، وفي تلك الإشادة الديمقراطية انتصار للرأي الحرّ، وهذا الموقف المثمن لدور الصحافة التي تبرز الإيجابيات والسلبيات، كما يقول سعادته، دليل تحول إيجابي في نظرة المسئولين إلى الصحافة، ولكن طبعا ليست أية صحافة، وهنا، وعلى سبيل المثال، نشرت صحيفتنا «الوسط» صحيفة محلية أخرى نص كلمة الوزير كاملة وبلا نقصان، ولكن الصحيفة الثالثة قامت (ببتر) كل ما قاله الوزير عن المجالس البلدية، و(حذفت) أي إشارة إلى المجالس البلدية، وكأن المجالس البلدية كيان غير دستوري، وغير قانوني، وأعضاءه غير ممثلين عن الشعب ويجب القضاء عليه، وتلك الصحيفة باتت لا تنشر إلا الأخبار السلبية المحبطة عن المجالس وأعضائها، فهل المقصد تشكيل رأي عام مضاد للمجالس البلدية و (تحسير) الناس على أيام المركزية السابقة!؟... فالعملية غير أخلاقية بالمرة وباتت مفضوحة، فكفى يا إخوان ويا أخوات، فأعضاء المجالس البلدية هم أبناء الشعب، وليوا غزاة قادمين من المريخ!! ومادمتم مصرين على مثل هذا التعامل مع تلك التجربة الديمقراطية الوليدة، فلا ضير في ذلك فالقافلة تسير، وجلالة الملك حفظه الله يرعى تلك المجالس البلدية التي هي مشروعه الخاص، ويسعى لإنجاح تجربتها الديمقراطية وخلفه شعبه الوفي

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 514 - الأحد 01 فبراير 2004م الموافق 09 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً