في إحدى الأمسيات الثقافية انتهزت فرصة وجودي بالقرب من سعادة السفير المصري فقلت له من دون أن أهمس إليه لأنه هو وأذنه كانا بعيدين عني بعض الشيء، لهذا قلت بصوت مسموع قبل بدء الأمسية: رجائي أن تُفهموا أي محاضر أو أديب أو شاعر يأتي من مصر أنه في البحرين من الأفضل ألا تطيل في مديحك للمسئولين ويكفي أن تشكر هذا الوزير المرتبط بالثقافة أو ذاك من دون مبالغة، لأنك في بلد شعبه يختلف عن الشعب المصري وكثير من الشعوب العربية الأخرى فالعلاقة الرسمية والشعبية منذ منتصف السبعينات فرضت شيئا من نظرة الترقب وعدم الارتياح تجاه بعضهما فالشعب البحريني يرى أن الحكومة سرقت منه شيئا عزيزا لا يمكن تناسيه ببساطة. ولهذا يكفي لأي مثقف مصري حين يأتي لإحياء أمسية ثقافية أن يكتفي بالشكر من دون المبالغة لأن الجمهور الذي يحضر هذه الفعاليات لا يفرح كثيرا بذلك. وقلت صحيح أن جلالة الملك بحكمته ووعيه تمكن من تلطيف الأجواء بعد الإصلاحات التي أدخلها في البلاد والانفتاح الذي رفع كابوسا من على صدر المواطن البحريني، لكنه ينظر إلى أن الشيء العزيز الذي أخذ منه لم يعد بعد، ذكرت له تلك الملاحظات على خلفية ما قاله واحد من الأدباء المصريين الذي أقام أمسية ثقافية لنا وهو سمير العصفوري، ومع أن هذا المثقف يساري الميل إلا أنه كعادة إخواننا المصريين لطيفين ومجاملين أكثر من المطلوب، فقد بدأ بمدح وزير الإعلام السابق رحمه الله حتى كاد يجعله في مصاف الأنبياء (أولي العزم). وأذكر أن أحد المشايخ المصريين فعل ذلك في محاضرة له في بيت القرآن، ومدح مؤسسهُ عبداللطيف كانو حتى كاد يجعله في مصاف الأولياء إذ يصبح (الخضر والشيخ ميثم) تلميذان في مدرسته ما جعل عبداللطيف كانو يتصبب عرقا، وفي نهاية المحاضرة شكره وقال له (مولانا زوّدتها وايد) فأنا لست بهذه المكانة الكبيرة على رغم تأسيسي لبيت القرآن
العدد 513 - السبت 31 يناير 2004م الموافق 08 ذي الحجة 1424هـ