في فترة متداركة، أصدرت كل من مجلة «لايف» و«تايم» الأميركيتين كتابين مصورين عن الحرب على العراق، انتهجا النهج نفسه تقريبا، وذلك التوثيق للحرب يوما بيوم، منتقلين بين دول العالم، والعراق، في محاولة للإحاطة بالحدث الجلل الذي ميز العام 2003.
وفي كلا الكتابين، يتم استعراض ملامح الانتصار للآلة العسكرية الأميركية، و«بطولات» التحالف، وتهاوي الأسطورة البعثية للإحكام الهش على مجريات الأمور، واختبار التأييد والهتافات التي صمَّت آذان الدنيا قبل التاسع من أبريل/نيسان الماضي، ولكن كلا الكتابين - أيضا - لم ينسيا أن يعرَّجا على آلام الشعب العراقي التي تسببت فيها القنابل والقذائف في فترة الأعمال العسكرية الأساسية، كما لم يغفلا مظاهرات الاحتجاج التي عمَّت الدول في مختلف القارات.
وفي مقابل الكتابين، يقف المراسل العربي لإحدى المحطات العالمية ليتحدث عن الطائرة المنكوبة في شرم الشيخ، فتحدث عن أن المطار لا تمر منه إبرة إلا وكشفها، لرغبته في نفي شبهة «الإرهاب» في سقوط الطائرة، وأن السياح لم يتأثروا لموت 148 راكبا كانوا بينهم بالأمس، وأن كل شيء طبيعي في منتجع شرم الشيخ.
إن الإعلام الذي يري المشاهد الأمر من جانبيه، ويوصل - في الوقت نفسه - الرسالة التي يريد إيصالها بذكاء، هو المطلوب أن يتعلمه إعلاميونا، وتحديدا متخذو القرار منهم، فالشعوب لم تعد تقنع اليوم بالطرح الأحادي، الذي لا يبين من أي موضوع إلا ما يريده الحاكم، أو ما يظن متخذ القرار الإعلامي أن هذا ما يريده الحاكم.
فالتربية الإعلامية العربية إما أن تقول إنّ كل شيء على ما يرام ويسير نحو الأفضل، وإما أن لا ترى من الألوان إلا أكثرها قتامة وسوادا، وكلا الطرحين عفا عليه الزمن، وتجاوزته الوسائط الحديثة، ولا يصنع رأيا عاما واعيا
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 486 - الأحد 04 يناير 2004م الموافق 11 ذي القعدة 1424هـ