يواجه الاقتصاد البحريني عدة تحديات في العام 2004 أهمها البطالة واستمرار الاعتماد على النفط كمصدر محرك للاقتصاد ومجابهة المنافسة الإقليمية خصوصا من دبي والتكيف مع انعكاسات توقيع اتفاق التجارة الحرة مع أميركا.
لاشك أن البطالة هي الهاجس الأكبر للاقتصاد لما لها من انعكاسات سلبية على واقع الحياة في البلاد. ويعتقد أن البطالة سبب رئيسي لانتشار ظاهرة السرقات على طول وعرض البلاد إذ ان بعض العاطلين ربما يلجأ للانتقام من المجتمع. عرفنا حديثا أن إحصاءات البطالة بلغت مستويات مخيفة إذ تشير إلى أن نحو 20 ألف بحريني تقريبا من دون وظيفة. طبعا تم الكشف عن هذه الأرقام في الندوة التي رعاها سمو ولي العهد لبحث نتائج دراسة مؤسسة «ميكنزي» فيما يخص واقع سوق العمل في البحرين. وتشير الدراسة المفعمة بالأرقام إلى أن 10 آلاف مواطن سيدخلون سوق العمل سنويا حتى العام 2013، ويخشى ألا يتمكن نصف هؤلاء من الحصول على وظائف تمكنهم من العيش الكريم.
ويكمن التحدي الثاني في استمرار الاعتماد على النفط إذ يشكل 25 في المئة من الناتج المحلي و60 في المئة من دخل الموازنة العامة و70 في المئة من حجم الصادرات وهذا بدوره يجعل الاقتصاد البحريني تحت رحمة تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية.
ويتطلب التحدي الثالث التكيف مع المنافسة الإقليمية وبالخصوص من دبي وقطر، إذ تعمل إمارة دبي على جلب مختلف الاستثمارات لدرجة أنها قررت منافسة البحرين في قطاع الخدمات المالية عن طريق تأسيس مشروع مركز دبي المالي الدولي في تحد مباشر لمرفأ البحرين المالي، أيضا تمثل الصحوة القطرية تحديا جديدا بعد أن فرضت نفسها في صناعة الغاز، وباتت الدوحة عاصمة الغاز في العالم. ومن المتوقع أن تصبح قطر أكبر مصدر للغاز المسال في العالم في السنوات القليلة المقبلة، ويعود هذا النجاح المبهر إلى جلب الاستثمارات من شركات الطاقة وخصوصا الأميركية منها.
ويتمثل التحدي الرابع في التعامل مع تداعيات اتفاق التجارة الحرة المزمع توقيعه مع أميركا خلال العام الجاري، إذ من المتوقع أن يلزم الاتفاق الحكومة البحرينية بإجراء تغييرات وتعديلات في أكثر من مجال منها وضع ضوابط لسوق العمل على أن تشمل حدا أدنى للأجور يتناسب وواقع الاقتصاد البحريني. وتكمن العلة في رغبة أعضاء الكونغرس بشكل عام في الحفاظ على الوظائف في أميركا من المنافسة غير النزيهة، ومن الممكن جدا أن يتضمن الاتفاق فقرة تلزم الحكومة بإفساح المجال أمام مختلف شرائح المجتمع لإبداء آرائها على أي مشروع مقترح قبل التصويت والمصادقة عليه من قبل البرلمان. وفي نهاية المطاف سيمثل الاتفاق فرصة ذهبية لجلب الاستثمارات الأميركية إذ التوقيع عليه ومصادقته توفر ضمانا للمستثمرين بأن القوانين المعمول بها في البحرين جديرة بالثقة. والمعروف أن الخطوة التالية تتمثل في موافقة الكونغرس الأميركي على اقتراح إدارة جورج بوش بإبرام الاتفاق المقترح أما مصادقة البرلمان عندنا فتحصيل حاصل.
ويبقى أن ما يدعو إلى الاطمئنان هو قرار جلالة الملك بإسناد الملف الاقتصادي لعهدة سمو ولي العهد، والأمل كبير في قيام الشيخ سلمان بقيادة السفينة الاقتصادية إلى بر الأمان
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 484 - الجمعة 02 يناير 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1424هـ