العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ

في ندوة «الوسط»: مطالبات بتفعيل مبادرة «المنبر التقدمي» لحلحلة الأوضاع

دعا عدد من المشاركين في الندوة التي عقدتها صحيفة «الوسط» يوم أمس (الأربعاء) بشأن المبادرة الوطنية الشاملة التي دعت إليها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، إلى إيجاد آلية فورية لتفعيل المبادرة لحلحلة الأوضاع السياسية في البحرين.

كما أكد المشاركون الحاجة لحوار فعلي بين القوى الفاعلة ونظام الحكم باتجاه تأسيس عقد جديد، ولضرورة أن تخرج مبادرة «المنبر» عن نطاق الجمعيات السياسية.

من جهته لفت عضو الأمانة العامة والمتحدث الرسمي باسم جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي فاضل الحليبي إلى أن المبادرة التي أطلقتها الجمعية تخص الجميع لا جمعية المنبر فقط، وأن الجمعية ستعقد لقاء خلال الأسبوع المقبل مع عدد من الأطراف الوطنية لمناقشة آليات تفعيل المبادرة.

وأكد رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري، أن «الوسط» ارتأت التركيز على مبادرة جمعية المنبر لدعوة الأطراف والقوى والشخصيات الوطنية لتؤدي الدور المأمول منها لحلحلة الأوضاع.


في ندوة عقدتها صحيفة «الوسط» بمشاركة فعاليات وطنية...

مطالبات بآلية لتفعيل مبادرة «المنبر الديمقراطي» بغرض حلحلة الأوضاع

الوسط - أماني المسقطي

دعا المشاركون في الندوة التي عقدتها صحيفة «الوسط» يوم أمس (الأربعاء) بشأن المبادرة الوطنية الشاملة التي دعت إليها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، إلى إيجاد آلية فورية لتفعيل المبادرة وذلك بغرض حلحلة الأزمة ومنع تدهور الأوضاع في البحرين.

ولفت عضو الأمانة العامة والمتحدث الرسمي باسم جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي فاضل الحليبي إلى أن المبادرة التي أطلقتها الجمعية تخص الجميع لا جمعية المنبر التقدمي فقط، وأن الجمعية ستعقد لقاء خلال الأسبوع المقبل مع عدد من الأطراف الوطنية لمناقشة آليات تفعيل المبادرة.

ودعت مبادرة جمعية المنبر إلى منع تدهور الأوضاع أكثر فأكثر، وأكدت ضرورة إطلاق سراح المعتقلين، ووقف أعمال العنف والعنف المضاد، وخلق آلية للحوار بين الدولة والقوى السياسية كافة، سواء تلك الممثلة في مجلس النواب أو غير الممثلة فيه، لبلوغ تفاهمات مشتركة ومتفق عليها بشأن قضايا الإصلاح السياسي، وإعادة البلاد مجددا إلى مناخ الثقة الذي عشناه قبل سنوات، وبناء جسور الشراكة بما يحمي البحرين من المخاطر، ويحقق الاستقرار والأمن فيها.

وأكد رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري أن «الوسط» ارتأت التركيز على مبادرة جمعية المنبر الديمقراطي ودعوة مختلف الأطراف والشخصيات الوطنية لتؤدي الدور المأمول منها لحلحلة الأوضاع، مشيرا إلى أنه بعد الأوضاع السياسية التي مرت على البحرين منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعددت المواقف ما بين الصدمة من دون اتخاذ ردة فعل، وموقف المستفيد مما يجري، وأخيرا موقف العقلاء بشأن الأحداث.

وقال: «نحن نسجل احترامنا وتقديرنا لجمعية المنبر التقدمي إذ عبرت بروح وطنية عن هذه المبادرة، وتقديرا من «الوسط» لهذه العقلانية في الطرح من قبل الجمعية ارتأينا التعامل والتحدث بهدوء بشأن الآلية التي يمكن إنشائها لمناصرة هذه المبادرة».

وشارك في الندوة التي عقدتها «الوسط» إضافة للمتحدث الرسمي باسم جمعية المنبر فاضل الحليبي، النائب السابق عبدالنبي سلمان، النائب السابق المحامي فريد غازي، الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي المحفوظ، الشيخ صلاح الجودر، رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري، وممثل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية السيدهادي الموسوي. وفيما يأتي النقاشات التي دارت في ندوة «الوسط» بشأن المبادرة الوطنية لجمعية المنبر:

هل كانت المبادرة التي أطلقتها جمعية المنبر لإبراء الذمة فقط، أم أن هناك أفكارا لدى الجمعية لتفعيلها؟

- فاضل الحليبي: المبادرة ليست من أجل إبراء الذمة فقط، وإنما لأننا نشعر بأن الوضع في البحرين وحال الاحتقان والتأزم السياسي يتطلب من القوى السياسية أن تأخذ موقفا وطنيا واضحا وصريحا مما يجري، وخصوصا أن العواقب ربما تكون وخيمة، ناهيك عن عدم مبادرة أية جهة أخرى بطرح موقف وطني واضح وصريح قد يؤدي أن تؤول الأمور إلى الأسوأ.

وفكرة المبادرة جاءت خلال اجتماع اللجنة المركزية للجمعية التي ارتأت ضرورة إطلاق مبادرة وطنية شاملة، تتضمن وقف أعمال العنف والعنف المضاد، وخلق آلية للحوار بين الدولة وكل القوى السياسية في المجتمع للوصول إلى تفاهمات في قضايا الإصلاح السياسي والدستوري، بما فيهم أعضاء مجلس النواب، وذلك بغرض العودة للمناخ الإيجابي والزخم الذي أتى به مشروع جلالة الملك في العام 2001 بعد الانفراج السياسي، إذ كان المواطنون متفاعلين مع المشروع، ولا أدل على ذلك مما حدث أثناء زيارة جلالة الملك لمنطقة سترة في يناير / كانون الثاني 2001.

أن ما نراه اليوم هو مسلسل من التراجعات السياسية والتأزيم والتصعيد من مختلف الإتجاهات، والتضييق على الحريات العامة، ولا يقتصر ذلك على الإعلام المرئي والمكتوب فقط وإنما وصل إلى المواقع الإلكترونية التي تم إغلاقها. وربما يقال إن بعض المواقع لها صلة بالإباحية أو إثارة الفتنة الطائفية في المجتمع، ولكن هناك مواقع وطنية أغلقت عن قصد ومن بينها موقع جمعية «وعد»، ناهيك عما جرى من تصريحات تثير الريبة تتحدث عن تغليظ القوانين، وذلك من دون الاكتفاء بقانون العقوبات الذي صدر في غياب المجلس الوطني، ذلك القانون الذي مازال مشبعا بروح وتدابير أمن الدولة، وحتى بعد الانفراج السياسي لم يتم أي تعديل على القانون.

هل المبادرة تستهدف فقط إطلاق سراح معتقلين، أم أنها تهدف الى حلحلة للأمور وتهيأة الأجواء لمستقبل أفضل؟

- صلاح الجودر: من الواضح أن دعوة الجمعية جاءت لمحاولة حلحلة الوضع السياسي الموجود، وذا كانت هناك خطوات ستحلحل الملفات العالقة، فلا بأس بها، ولكن الغاية يجب ان تكون فتح قنوات الحوار الفعالة بين جميع الأطراف للتخفيف من حدة الوضع السياسي المتأزم.

كلنا كنا نرى أن الأوضاع السياسية كانت ستتصاعد وحتى قبل شهر ديسمبر/ كانون الأول، وكانت الفعاليات السياسية الموجودة مشلولة ولكن الأحداث كانت تتواصل في هذا الاتجاه، والمشكلة أن الخطابات التي تزامنت مع الأحداث كان فيها تأجيج للموضوع، إضافة إلى البرلمان الذي أسهم أيضا في التأزيم مع التصعيد اليومي الذي نراه.

ولذلك ومع استمرار تدهور الأوضاع يجب أن نؤسس أجواء إيجابية بهدف فتح الملفات ونعالجها، ومثل هذه المبادرة التي أطلقتها المنبر تحتاج إلى دعم، كما أننا نعاني من مشكلة في عدم وجود قناة تتولى الدعوة إلى الحوار، والوضع الحالي يؤكد الحاجة إلى مثل هذه المبادرات لفتح القنوات... نحن بحاجة لجهة وسط غير منحازة لوضع الملفات الموجودة في الساحة وإعادة دراستها. وهذا يعني ان المبادرة تدرس كل متطلبات التهدئة بما فيها إطلاق سراح المعتقلين وتخفيف الاحتقان الموجود عبر خطوات ملموسة من جميع الأطراف المعنية.

يتردد رسميا أن البرلمان يمكن أن يقوم بدور القناة الحوارية، ولكن الواقع يشير أن الخط المباشر بين من يتخذ القرار والمواطنين أصبح مفقودا، كما أن البرلمان لم يلبِ مثل هذه الحاجة الملحة، فما تعليقكم على ذلك؟

- فريد غازي: الوضع يحتاج إلى تحليل سياسي عميق يتعلق بمفاصل المشروع الإصلاحي، وهناك محطات يجب الوقوف عليها، والتي تتمثل في التصويت على الميثاق، وتجنيس البدون، وصدور الدستور، وانتخابات 2002 والمقاطعة التي شهدتها هذه الانتخابات، ومشاركة المعارضة في انتخابات 2006. وباعتقادي أنه بتتبع هذه المحطات، يتبين أن مفصل مشاركة «الوفاق» في انتخابات 2006 أسهم في أن تكون جماعة سياسية لديها توجه ذو ثقل سياسي في الشارع داخل البرلمان، ولكن أيضا خرجت جماعة من الوفاق كانت منضوية تحت لوائها.

وعلى مدار هذه المحطات في مفصل المشروع الإصلاحي، كان هناك من ينظر إلى كأس المشروع الإصلاحي فارغا ولن يمتلئ حتى بالمشاركة البرلمانية أو بالحصول على المطالب. ولكن لا يمكن إنكار أن المشروع الإصلاحي أسهم في إطلاق المبادرات التي شهدناها بعد التصويتع على الميثاق، ولكن سقف المطالب والتوقعات الشعبية كان عاليا وبقي عاليا، وكان البرلمان مطالبا بمشاركة أكبر لتحقيق مطالب شعبية تتعلق بالسكن والعمل وتتعلق أيضا بملفات كبيرة.

ولابد من ذكر ذلك لنعطي مؤشرا عن أسباب تفجر الوضع في البحرين في الوقت الحالي، وأعتقد جازما أن عدم وجود خط ساخن بين المعارضة ونظام الحكم أسهم في تدهور الأوضاع. صحيح أنه كانت هناك اتصالات بين الطرفين ونشرت في الصحافة المحلية، إضافة إلى اللقاءات التي عُقدت بين النظام ومجموعة من المعارضة التي لها وزنها في الشارع، إلا أنه في الفترة الأخيرة غابت هذه الاتصالات، والطرف الذي قاطع انتخابات 2006 مازال يريد التنفيس عن مطالبه، ووجد نفسه أمام معضلة سياسية، بأن من شارك لا يمكن أن ينتج سياسيا على مستوى الشارع، ولا أدل على ذلك من عدم خروج مشروع قانون من مجلس النواب سوى مشروع إعانة الغلاء المعيشي، وفي هذا الأمر يتحمل مجلس النواب والحكومة كامل مسئوليته.

كما أن هذا الطرف المعارض وجد أن مجلس النواب بمعزل سياسي عن تحقيق المطالب الشعبية، فبدأت الأحداث تتفاقم.

وربما يجب أن نطرح هنا تساؤلا مهما ربما كان عرضيا بالنسبة للبعض ولكن أراه انه ساهم في التأزيم: لماذا تكون هناك جماعة سياسية مستعدة دائما للهجوم على العائلة الحاكمة كلما حدثت أزمة؟ ... يجب التذكير بأن هناك ثوابت يتم الاتفاق عليها جميعا بشأن نظام الحكم، صحيح أننا نختلف على تحقيق المطالب، ولكن خروج بعض الظواهر والتعرض لرموز النظام يكون مطية لعدد من المستفيدين ممن يستخدمون هذه العبارات من أجل تنمية حساباتهم في المصارف بصب أحقادهم على فئة أو طائفة في البحرين.

هل صحيح أن «الوفاق» دخلت للبرلمان ووجدت أن خلفها شارعا لا يمكنها تلبية توقعاته، في ظل وجود سقف محدود لم يتعدَ حتى الآن تحقيق مشروع علاوة الغلاء، ما جعلها في معضلة مع الشارع؟

- سيدهادي الموسوي: أية دولة تؤمن بالحراك الديمقراطي وتنادي بأن لديها ديمقراطية تضاهي الديمقراطيات العريقة يفترض أن تعطي المساحة الكافية للحراك البرلماني بغرفتيه، وكان يفترض أن تعطى الغرفة التشريعية هذه المساحة حتى ينضح منها نتاج حقيقي.

وباعتقادي أن هناك استجابة طبيعية ومتحمسة جدا من «الوفاق» أو من جميع الفعاليات السياسية في هذا البلد بالتعاطي إيجابيا مع اي مبادرة للمساهمة في تعزيز الإصلاحات، وحتى المقاطعة التي حدثت كانت رغبة بالمشاركة وليس رغبة بالمقاطعة، وذلك من أجل تصحيح المسار. ولكن بعد مرور الفصل التشريعي الأول، وحين تمت المشاركة، تبين أن القنوات ضيقة ومزحومة بالمعوقات، ولو ترك الحكم للمجلس التشريعي بالعمل كما تعمل المجالس التشريعية في الدول الحضارية لتم توفير الكثير من الدعوات التي تنطلق من هنا وهناك في محاولة لملمة الوضع المعيشي والاقتصادي. وكان من المفترض أن يكون المجلس التشريعي هو المحطة التي ينبض منها قلب الشارع، لكي لا يحتاج الشارع إلى البحث عن قنوات أخرى يوصل آراءه من خلالها.

كما أن الأزمة في البلد هي في التباين في لغة الخطاب السياسي بين الجانبين الرسمي والشعبي، ما لا يدع مجالا للتفاهم، وهناك أيضا مشكلة الحالة الأمنية والإخفاق في المحافظة على هدوء الشارع والتعاطي الأمني في البلد، والإخفاق في التعاطي مع الملفات. لا إشكال لدينا في أن نقف مع مثل هذه المبادرة التي دعت إليها جمعية المنبر التقدمي.

... ولكن لم نجد تعليقا على المبادرة من جمعية الوفاق، فهل هناك استجابة من قبل الجمعية لهذه المبادرة؟

- الموسوي: حين تُطلق مثل هذه الدعوات من أي طرف، لا يعني أن من يتفق معها يبادر بالاتصال بصاحبها، وإنما يمكن لأي طرف أن يدخل في هذا الحراك، وإن كنا لا نبرئ أنفسنا بعدم الرد على المبادرة. ولكن «الوفاق» شاركت في لقاء وزير العدل وعرضت عليه الأفكار التي كانت متوافقة مع ما طرحته المبادرة.

- الحليبي: الجهة الوحيدة التي دعت لتبني المبادرة هي صحيفة «الوسط»، ويجب التأكيد أن هذه المبادرة ليست ملكا لجمعية المنبر وإنما مطروحة لجميع القوى السياسية والفعاليات الوطنية، كما أننا في الجمعية سنتباحث بشأن المبادرة بغرض بلورتها بشكل أوسع ومن ثم طرحها للمجتمع والجهات الرسمية لتبنيها كمخرج للاحتقان والتأزم الوطني، لأن الدولة وكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني معنية بها.

ألا ترون أنه يجب على المعارضة أن تعلن التزامها بثوابت نظام الحكم وعدم المساس به لاسيما المس بالذات الملكية وبالعائلة الحاكمة، وأن على المعارضة أن تقف ضد المساس بهذه الثوابت من أي مصدر كان، وخصوصا أن البعض يستخدمه لمزيد من التحشيد والتأجيج الحالي؟

- عبدالنبي سلمان: البلد على كف عفريت، وتجتاحها حالات من الاستفزاز والاستفزاز المضاد وكشفت عن أن الواقع في البحرين في وضع هش، والواضح أن كل المسببات التي نعيشها حاليا معروفة لدى الشارع والحكومة التي عليها مسئولية أدبية وتاريخية في هذه المرحلة بالذات، لأن المعارضة أثبتت في أكثر من مفصل منذ الانفتاح وحتى الآن مسئوليتها التاريخية تجاه تهدئة الشارع وإرسال مفاهيم النضال السلمي في البلد، كما أنها أعلنت ومنذ اليوم الأول لحالة الانفتاح السياسي أن الثوابت لا يمكن تخطيها ويجب أن تلتزم بها جميع التيارات السياسية.

لو عرض عليك أن تكون ضمن وفد للمطالبة بتفعيل المبادرة، فهل أنت على استعداد أن توصلها للحكومة؟

- سلمان: مثل أي مواطن بحريني فأنا أعتبر نفسي جنديا لهذا الوطن، ولكن أعتقد أن مسئولية بهذا الحجم لا يجب أن تتحملها جمعية أو شخصية وطنية، ومبادرة المنبر أطلقت لكي تكون بالفعل مبادرة وطنية بامتياز، أي أنها لا يجب أن تحصر على جمعيات سياسية فقطـ، وإنما تشارك فيها الحكومة والنقابات وجميع الأطراف الأخرى. وأقترح أن تأخذ جمعية المنبر الريادة عبر الاتصال بجميع الأطراف بما فيها الحكومة لعرض المبادرة، لكي لا تحصر المسألة في إطارها السياسي.

وفيما يتعلق بالحفاظ على الثوابت الوطنية، فأعتقد أن هناك جزءا من المسئولية الأدبية تتحملها المعارضة تجاه ما يحدث من تخريب والكتابة على الجدران، وهي ثوابت لا يمكن تجاوزها، فمنع تخريب هذا البلد مسئولية الجميع، كما أني أعتقد أنه يجب على الحكومة أن تبادر لإبداء حسن النوايا وتقديم المبادرات لحلحلة الوضع.

الموسوي تحدث عن وجود خطابين ولغتين مختلفين بين الحكومة والمعارض، فهل تؤيد هذه النظرة؟ وهل ترى ضرورة تغييرها، وما هو السبيل لذلك؟

- المحفوظ: هناك أزمة حوار حقيقية، والحوار لا يعني أننا لا نتحدث، فهناك صحافة مفتوحة وأجواء مفتوحة نسبية، ولكن هل يسمع الطرف للطرف الآخر؟ ولذلك فإما يكون هناك غضب في الشارع أو لدى السلطة بسبب أزمة الحوار.

ولا أعتقد أنه يمكن فهم الطرف الآخر من دون حوار، والدليل على ذلك أن حوارات جلالة الملك ولقاءاته بالقوى السياسية في بداية العهد الإصلاحي بشكل مستمر انعكست إيجابا على الوضع السياسي، ولذلك فإن أزمة الحوار لا يمكن أن يحلها وزير، وخصوصاُ أن المشروع الإصلاحي هو مشروع جلالته.

هناك دعوة لحلحلة الوضع، فهل أنتم مستعدون لإنجاحها؟

- المحفوظ: بالتأكيد إذا كانت المبادرة تدعو للحوار، فالمطلوب أن نسعى للتواصل مع بعضنا بعضا، ووقف التعامل بلغة الطرشان أو أية لغة أخرى، فبدلا من تشغيل ماكنة القوة والقوة المضادة والحوارات المتناثرة من هناك، فمن الممكن أن نجتمع لنتناقش بشأنها.

كما أننا في البحرين نعاني من أزمة الشراكة التي نحتاجها لحل أزمات كبيرة. وحتى يكون هذا الوطن مستقرا، يجب أن يكون أب وأم للجميع، وأنا أحد القوى الذي لا أعتبر نفسي شريكا في هذا الوطن.

لذلك أؤكد أنه من خلال الحوار والشراكة، يمكن أن نستوعب الأمر، ويجب أن يشعر الجميع بأنهم جزء من الوطن، وأفضل مثال للشراكة كان على مستوى الرياضة حين وقف الناس جميعا خلف المنتخب باعتباره وطنا لا منتخبا.

هل ترى في ظل ما أشير إليه من أزمة ثقة بين الحكومة والمعارضة أن تتمكن المبادرة التي دعت إليها جمعية المنبر من حلحلة هذه الأزمة؟ وهل تعتقد أن العام 2009 سيشهد تأزيما مستمرا، أم أنه سيشهد حلحلة الأمور بعد التأزيم؟

- عبدالنبي العكري: المشروع الإصلاحي ليس مشروع جلالة الملك فقط وإنما هو مشروع توافق عليه الشعب مع جلالة الملك، وصيغ من خلال ميثاق، ولكن المشكلة أن الوضع بدأ يتراجع منذ فترة غير قصيرة ولم يتحرك أحد لتدارك الأمر بشكل فاعل.

يمكن أن ينتج عن هذه المبادرة أو غيرها تهدئة مؤقتة، وربما يطلق سراح بعض الموقوفين بعفو ملكي، ولكني لا أتوقع أن تنتهي الأزمة تماما لأن الأزمة في بلادنا هي أزمة مركبة.

ولاشك في أن الحل في حلحلة الأمور هو في وجود حوار فعلي ويتم من خلاله اشراك القوى الفاعلة.

من يراقب الساحة يتيقن أن الساحة متعطشة إلى مبادرة كتلك التي أطلقتها جمعية المنبر، وكل صاحب مشروع يجب أن يطمئن بأن المشروع سيخطو الخطوات المطلوبة لتفعيله، فهل قامت جمعية المنبر بخطوات استباقية قبل أن يطلق هذا البيان؟

- الحليبي: المبادرة عبارة عن رؤية أولية لجمعية المنبر الديمقراطي، وسيتم بالفعل إطلاع القوى السياسية عليها ليتم العمل معهم باتجاه تفعيلها، وسيتم طرح هذه الرؤية على جمعيات التحالف السداسي.

ويجب أن أشير إلى أن المبادرة جاءت كفكرة في اجتماع اللجنة المركزية للجمعية، وعادة ما يصدر عن الاجتماع بلاغ سياسي، وصدر عن الاجتماع حينها بلاغ سياسي عن الوضع السياسي العام في البحرين ومن ضمنه هذه المبادرة، وحين تمت مناقشتها تم التأكيد أنها تخص الجميع ولا تخص المنبر فقط.

هل نتوقع أن تقوم جمعية المنبر بزيارات لتفعيل المبادرة؟

- الحليبي: هناك توجه لدينا في الجمعية بعقد ندوة في الأسبوع المقبل سندعو إليها مختلف أطراف القوى الأخرى حتى وإن كان رأيهم مختلفا لمناقشة آليات تفعيل المبادرة.

هل لديكم نية لإقناع جهات وسيطة لتكون حلقة وصل مع الحكومة في إطار تفعيل المبادرة، مثلما كانت هناك جهات وسيطة فترة التوقيع على الميثاق، مثل جواد العريض أو حسن فخرو، فهل يمكنكم الوصول لمثل هذه الشخصيات الوطنية؟

- الحليبي: إذا تبلورت الرؤية بشأن المبادرة بشكل واضح وطرحت بصورة متكاملة فما المانع؟ وخصوصا أن شخصية مثل الوزير حسن فخرو شخصية وطنية تعاملنا معها ويمكن أن نتعاطى معها في مثل هذا الملف.

سلمان: الحديث الذي يدور الآن هو في عدم احتكار الجمعية للفكرة، وإنما الاستفادة من هذه الحوارات بإعطاء طابع شعبي لهذه المبادرة، وبالتالي فإن وجود مثل هذا النوع من الشخصيات وكبار المحامين والحقوقيين هي رغبة وطلب أساسي لتفعيل المبادرة، التي يجب ألا يقتصر دورها على كونها فرصة لإبراء الذمة فقط، وإنما هي مسئولية على الجميع.

أما بالحديث عن موضوع المساس بالثوابت الوطنية، فيجب عدم إغفال أن هناك من يشتم المعارضة في وسائل إعلام معينة وفي المساجد. وإذا أردنا أن نضع حلولا، فيجب أن نتحرك من منطلق مسئولية وطنية، والأيام المقبلة في هذا العام ستكون أصعب، وخصوصا مع توقعات أن تظهر على السطح تداعيات الأزمة المالية قريبا. ونرجو أن يكون هناك في القيادة السياسية والمعارضة من يتحمل مسئوليته هذا الشأن.

هناك اتفاق على أن المساس بالثوابت الوطنية والشتم هو أحد عوارض أزمة الثقة بين الحكومة والمعارضة، فما هي اقتراحاتك لتنقية هذه الأجواء؟

- الجودر: الشتم في المجالس والمساجد والمآتم وبعض الجمعيات، هي ثقافة موجودة منذ فترة، وهذه المسألة انتقلت للشباب وبحاجة لإعادة قيادتها قبل أن ينفلت زمام الأمور، وباعتقادي أن الوطنيين لم يتخلوا عن مسئوليتهم التاريخية، ولكن لولا مبادرة المنبر لما سمعنا استنكارا لرفض سياسة العنف والشتيمة.

كما أعتقد أن الجميع يعاني من قضايا مشتركة، وحين توضع على طاولة النقاش يمكن التقدم برؤية جديدة في الساحة بكل شفافية.

والإشكال الحاصل أن بعض قادة الرأي يسيرون في الاسترزاق السياسي، وإذا لم يحصلوا على مكاسب ذاتية لجمعياتهم فإنهم لا يتقدمون للمشاركة، وتراهم يتقاعسون عن دورهم الوطني.

من سيقود هذه المبادرة؟ وهل سيستمع الحكم لهذه المبادرة؟

- غازي: لابد من استحضار التاريخ، إذ لم توجد مبادرة حقيقية لنزع فتيل الأزمة سوى مبادرة هيئة الاتحاد الوطني مابين 1954 و 1956 التي دعت لنزع فتيل الأزمة الطائفية، ومن الممكن أن نتحدث عن حلول طويلة وقصيرة الأمد، وحلول في مستوى الجمعيات للتوافق على مبادرة وطنية وحلول على مستوى الشخصيات الوطنية، يمكن إضافة الشيخ عيسى قاسم والشيخ عبداللطيف المحمود إليها. وفي كل الحالات يجب المبادرة لإيقاف ما يحصل في الشارع، وبعد ذلك تتم إعادة المراجعة وتحديد استراتيجية للعمل، ومراعاة ألا يطول الحوار ويصل إلى منافذ مسدودة، كما يجب السعي الآن لوضع استراتيجية للتحرك، ولابد من إيقاف فوري للأزمة، كما يجب تشكيل هيئة للشخصيات الوطنية ذات الثقل السياسي في البحرين ليتولوا زمام الحوار.

مبادرة جمعية المنبر جيدة، والحوار مع الجمعيات السياسية أمر مطلوب، ولكن المبادرة على مستوى الجمعيات سوف تكتنفها الكثير من الأمور التي ستؤزمها، ولكننا نتحدث عن سقف بلد، وأزمات مالية مقبلين عليها.

ومن خلال هذه الندوة أدعو إلى التوجه لمبادرة وطنية على صيغة هيئة الاتحاد الوطني فورا، وبعض دول الخليج وضعت مراكز لرصد الكوارث فيها، وفي البحرين من باب أولى أن يكون لنا مثل هذا المركز، ونحن لا نبحث عن تهدئة مؤقتة وإنما دائمة، ولذلك يجب أن تكون هناك شخصيات وطنية تسعى لنزع الفتيل، ومن ثم الجلوس على طاولة نقاش لطرح قضايا السكن والعمل وإيجاد الحلول للقضايا المستعصية بالشراكة بين الحكومة والمعارضة.

- المحفوظ: لو جاءت المبادرة من الحكومة لاتجهت باتجاه الأمن، ويتضح ذلك من خلال قوات مكافحة الشغب التي لا تستطيع أن تعالج الشغب إلا بشغب آخر.

كما يجب اعتبار المبادرة نافذة لمسلسل طويل من المبادرات التي تستطيع أن تعالج المشكلة الموجودة، وينبغي أولا أن نعترف بوجود أزمة بفتح الملفات، كما يجب عدم اختزال الأزمة في جانب معين بالإفراج عن المعتقلين، إذ إن ذلك لن يسحب إلا جزءا من فتيل الأزمة. ومن الواضح أن هناك من يريد استمرار الأزمة، ونخشى أن نعود لوضع لتسعينيات.

تحدثتم عن عدم وجود مبادرة وطنية إنما مطالب، فهل نحن بحاجة إلى مبادرة على شاكلة مبادرة هيئة الاتحاد الوطني في العام 1954؟

- العكري: الهيئة حلت مشكلة الفتنة الطائفية في الخمسينات، وكان لدينا مبادرة في التسعينات من القرن الماضي (لجنة العريضة) التي قوبلت بالرفض من الحكم، وأكدنا في أكثر من مرة أن هناك أزمة تحتاج إلى حوار حقيقي وإلى أن تجلس الحكومة والقوى السياسية سويا، والحكومة ترد على المعارضة دائما بأن الوزراء مجالسهم مفتوحة.

هناك حاجة لإعادة توازن القوى، وتغيير الوضع يتطلب أن تكون هناك قوى واعية ولديها ضمير للاجتماع واتخاذ موقف موحد، وعدم الدخول في صراعات جانبية. كما يجب عدم تحويل بعض الملفات إلى مشكلة .

القوى الوطنية يجب أن تنطلق من موقف، وأن يتم الاستمرار بالعمل السلمي المدني، وخصوصا أن ردود الفعل التي تحدث تؤذي المواطنين أكثر من الحكومة.

هناك اتهامات لجمعية الوفاق بأنها غير مصدومة مما حدث، وبأنها شغلت المجتمع بقضايا غير ذات أهمية في الوقت الذي تحترق فيه البلد؟

- الموسوي: هذا الحديث محزن، فالأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان عاش وأكل وشرب مع الاستاذ حسن مشميع، ونائب الأمين العام للجمعية حسين الديهي كان جزءا من المبادرة التي انطلقت من داخل السجن في 1995، ومشميع في تصرفاته وقناعاته وحركته كانت تدور في إطار حرية الرأي، ونحن نؤمن بأنه صاحب رأي حر.

الحراك السياسي لديه دينامية، وتعقيبا علىمبادرة المنبر الحالية، فانها تأتي لتصلح نتجت من أطراف مختلفة، ويجب أن ندعم هذا النوع من المبادرات على أن تقدم معالجة حقيقية، ونخرجها في منتج نهائي نقول إنها نتيجة الجهود التي أسهم فيها الجميع، كمشارك وكفرد وكجمعية وكأسرة.

بعد النقاشات التي دارت بشأن المبادرة في هذه الندوة التي رعتها «الوسط»، هل أنتم محبطون الآن أم متشجعون للاستمرار في مبادرة الجمعية؟

- الحليبي: أنا متفاعل مع ما طرح في هذه الندوة، وكجمعية تعودنا على الصبر في برامجنا السياسية، وما نطرحه اليوم سوف نحققه غدا، فقضايا المجتمع المدني والنقابات وبقية المكتسبات تحققت بفضل نضال شعبنا.

أما فيما يتعلق بشأن ما أثير على صعيد مسألة التوافق على طبيعة الحكم، فيجب التأكيد أن الشعب صوت في السبعينيات على الحكم، وأكد ذلك في ميثاق العمل الوطني، وبالتالي فإن المشكلة ليست مشكلة طبيعة الحكم، وإنما مسألة الحقوق والعدالة الاجتماعية. فالشعب يريد التوزيع العادل للثروة، ويريد المساواة والعدالة في المؤسسات والوزارات، وهناك حاجة لمقومات صحيحة لإرساء دولة القانون والمؤسسات، لأن المواطن يريد أن يعيش بكرامة في بلده، ولذلك من الأهمية بالحكومة أن تنظر في الحقوق العادلة والمشروعة للمواطنين.

كما يجب أن نؤكد أهمية إرساء أساليب العمل الوطني السلمي، والنضال السلمي الذي يقود إلى تراكمات نوعية وتغيرات تحدث نتائجها في المستقبل، ويجب على الحكم أن يدرك أن تصويت شعب البحرين على الميثاق كان مكسبا للنظام.

نحن نؤكد دور الجميع باتخاذ هذا الاتجاه باعتباره الطريق الصحيح للخروج من المأزق والتأزم السياسي، حتى يعيش شعب البحرين سعيدا، ولاشك في أن الجميع لا يريد لهذا الوطن إلا كل الخير.

العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً