ما جرى في القدس من قبل بعض الفلسطينيين الذين تسببوا في سقوط وزير الخارجية المصري أحمد ماهر عند دخوله المسجد الأقصى هو إضافة جديدة لتلك الأخطاء الفلسطينية التي حدثت في السابق، سواء ما فعلوه في الكويت أو غيرها مما يؤلب عليهم الرأي العام بسبب أخطائهم القاتلة.
صحيح أن الصورة لم تتضح عن من كان وراء ذلك، لكن المهم أن خطورة ذلك في أن الشعب المصري العاطفي المعروف بموقفه الصلب مع الشعب الفلسطيني قد يسبب له رد فعل معاكس إذ يستغل الإسرائيليون بدهاء كبير مثل هذه النقاط ويقومون بالاصطياد في الماء العكر، فها هم قد أخذوه إلى المستشفى وعالجوه، ثم أعادوه إلى مصر يرافقه طبيب إسرائيلي خاص!
ترى كم خسر الفلسطينيون في عملية كهذه من رصيد التعاطف لدى الشعب المصري؟، وكم استفاد الإسرائيليون من هذه العملية؟، أنا لا أقول إن «إسرائيل» لا تخطط مؤامراتها بذكاء واقتدار، ولا أستبعد أن يأتي ذلك ضمن اللعبة الإسرائيلية، لكن الذي لا يمكن تجاهله أن هناك من الفلسطينيين من لديه استعداد للتبرع بتقديم خدمة مجانية لها بهذه الأعمال اللامسئولة.
أنا في اعتقادي أن مأساة الفلسطينيين هو أن بينهم المئات إن لم نقل الآلاف من الذين يتعاملون مع «إسرائيل»، وإلا ما سر أن يعرف الجنود الطريق مباشرة إلى منزل أي فلسطيني وسط أية حارة أو داخل أي مخيم ويعرفون بالتحديد أسماء الصغار قبل الكبار المنتمين إلى الفصائل المختلفة؟، ثم يتساءل المرء كيف يعرف الطيار الإسرائيلي الذي يحلق بطائرته في السماء سيارة هذا أو ذاك من أعضاء المنظمات لإلقاء صاروخ عليها مباشرة دون غيرها؟. ألا يعني أن هناك تعاونا بين عشرات من الفلسطينيين والمخابرات الإسرائيلية؟
صحيح أن هناك آلاف الشرفاء والمناضلين ممن لا يرقى إليهم الشك، وجيش الشهداء ممن يبذلون حياتهم رخيصة من أجل الدفاع عن الوطن والقضية هو تأكيد على ذلك، لكن كل ذلك لا يمكن أن ينسى المواطن العربي أن أخطاء تاريخية كبرى ارتكبوها ومازالوا يواصلون ذلك آخرها جرح الشعب الكويتي حتى بعد أن انتهى سفاح الشعب العراقي صدام حسين، وما فعله بعض الفلسطينيين بوزير الخارجية المصري في القدس إلا دليل على بعض الأخطاء الكبيرة، سواء من قام بذلك من خلال اقتناع أو من خلال التبرع بالمجان للعدو الصهيوني
العدد 482 - الأربعاء 31 ديسمبر 2003م الموافق 07 ذي القعدة 1424هـ