العدد 482 - الأربعاء 31 ديسمبر 2003م الموافق 07 ذي القعدة 1424هـ

صورة العام 2004: جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى

إلياس حنا comments [at] alwasatnews.com

كاتب لبناني، عميد ركن متقاعد

تكمن أهميّة جنوب شرق آسيا، والشرق الاقصى، في أن الاولى تعتبر المدخل الجغرافي للثانية، وفي أنّها، أي جنوب شرق آسيا ستشكّل رؤوس الجسور للاستراتيجيّة الأميركية في المستقبل. وهذا يعود إلى أهميّة المنطقة لأميركا منذ تأسيس الولايات المتحدة، وحتّى الآن. فهي قد خاضت حروبا كثيرة، قديمة وقديمة جدّا في المحيط الهادئ، وقبل أن تصبح امبراطوريّة كما هي الآن. وهذا يعود إلى ما قاله الرئيس الأميركي السابق جورج واشنطن في العام 1781: «من دون قوّة بحريّة لا يمكن لنا ان نفعل شيئا. ومعها يمكن لنا ان نقوم بكل ما هو مُشرّف ومجيد». كذلك الامر كان للمفكّر والكاتب الاستراتيجي ألفريد ماهان أهميّة كبرى في رسم الاستراتيجيّة البحريّة الأميركية. فهو كان قد اعتبر في أحد أهمّ كتبه، في ان عظمة بريطانيا تقوم كلّها بسبب سيطرتها على البحار. فأميركا دولة، أو شبه قارة يحدّها من الشرق والغرب محيطان هما الاطلسي والهادئ.

من هنا كانت لهذه الدولة نظرة مزدوجة بالاتجاهين، الاوروبي كما الآسيوي. ومن هنا كانت اهميّة خلق بلد كبنما، وحفر القناة بعد ان اقتطعت الأرض قسرا من كولومبيا. كلّ ذلك كي تستطيع الولايات المتحدة أن تكون حاضرة عسكريّا في المحيطين. فعلى سبيل المثال، خاضت أميركا حروبا للسيطرة على كل من: بورتوريكو، غوام، الفلبين، كوبا، ميدواي وهاواي. هذا في المحيط الهادئ، لكنها، أي أميركا، عادت لاحقا وبعد تبوّؤها مركز الصدارة، لترث الامبراطوريّة الانجليزّية. كان الشرق الاوسط، وما يحوي، وكل الطرق التي تصله بجنوبي شرقي آسيا، والشرق الاقصى من المغانم الأميركية. إنّها بالفعل صورة كونيّة لاستراتيجيّة كونيّة.

كان هذا عندما اعتبر الرئيس جورج واشنطن، أنه يجب على أميركا ألا تتورّط في مشكلات القارة العجوز، أوروبا. وأنه يجب على أميركا، أن تركّز على العلاقات التجاريّة. أما الآن، وبعد سقوط الدبّ الروسي، ووقوع حادثة 11 سبتمبر/ أيلول. لا يمكن، ولا تستطيع أميركا ان تسير بما نصح به قائد ثورتها على الانجليز، الرئيس جورج واشنطن. وقد يتساءل المرء عن سبب التركيز على الدور الأميركي. فهل هذا تبجيل، أم هو محاولة تحليل عقلانيّة؟ نحن نقول أنه تحليل عقلاني. لكن لماذا؟

تتفرّد أميركا بمصير العالم حاليّا. فهي الأقوى، وفي كل المجالات. والدليل على ذلك هو عدم امكانيّة ردعها. فحتّى الآن، تفعل أميركا ما يحلو لها. وهي ترسم نوعيّة السلوك السياسي المطلوب اتباعه، من الصغير والكبير. وهي امبراطوريّة تفكّر على المديين القريب والبعيد. وكما قلنا في المقال السابق، في أن أميركا تخوض حاليّا حربين في الوقت نفسه. واحدة معلنة ضدّ الارهاب. وأخرى مُموّهة، تقوم على منع قيام أيّ منافس لها. لكن المنافسين يعرفون ذلك. وهم يحضّرون انفسهم لساعة التحدّي. وفي وقت من الاوقات، وعندما يقوى عودهم. سيتقدّمون إلى ساحة العراك لأخذ المكان الذي يريدونه. لذلك، يبدو هنا أن المنافسين المحتملين، موجودون في الشرق الاقصى. لذلك قلنا أن جنوب شرق آسيا، هو المعبر او رأس الجسر لتلك المنطقة. كذلك الامر، كل الرؤوس الاستراتيجية الاخرى التي تسيطر عليها أميركا، والحاضرة في المحيط الهادئ (هاواي، غوام وغيرها).

ما هي العوامل التي تؤثّر على المنطقة ككل؟

إذا اعتبرنا أن أميركا هي القاطرة للعالم حاليّا. وإذا ما اعتبرنا أنها هي التي تسيّر امور العالم. وإذا ما اعتبرنا أنه لا يوجد منافس لها. وإذا ما سلّمنا أنها تغيّر العالم حاليّا، كما تتغيّر في داخلها. فإن العوامل المؤثّرة على المنطقة، التي ستدور بشأنها الاستراتيجيّات في جنوب شرق آسيا، وفي الشرق الاقصى في العام 2004، هي الآتية:

- سيبقى الارهاب والحرب عليه من قبل أميركا وحلفائها، هو المحرّك والدليل لأي سلوك في المنطقتين.

- سيبقى السعي الأميركي حثيثا لتحضير ورسم صورة الصراع لمرحلة ما بعد الحرب على الارهاب والتي تدور حاليّا. فهي تريد تأمين أسسه منذ الآن، وخصوصا انها تمسك بزمام المبادرة حاليّا.

- ستبقى فتائل التفجير في المنطقة تقوم على ما يأتي: «السعي لاسترداد أراض مفقودة لتوحيدها مع البلد الام (Irredentism). تندرج تايوان، جزر سبراتلي وغيرها في هذا التصنيف». وستبقى اسلحة الدمار الشامل الهمّ الاساسي للدول الكبرى في المنطقة، وللولايات المتحدة الأميركية. تندرج كوريا الشماليّة كعامل اساسي هنا. وستستمر الحركات الانفصاليّة مستمرّة خصوصا في الفلبين، واندونيسيا. وسيبقى الارهاب الهاجس الاكبر لدول المنطقة، كما لأميركا في العام 2004. فهو الذي سيحدّد ويرسم الاستراتيجيّات كلّها في الوقت الحالي.

وأخيرا وليس آخرا، سيستمرّ الصراع قويّا لكن مستورا بين كل اليابان والصين. فالبلدان كبيران، ويريدان الهيمنة على المحيط الجغرافي المباشر بهما.

ما هي أهميّة هذه المنطقة؟

قبل سقوط الاتحاد السوفياتي، وبعد ان بدأت تظهر ملامح هذا السقوط، كانت تدور في البنتاغون أحاديث كثيرة، وتُكتب دراسات عدة عن تراجع اهميّة أوروبا في الاستراتيجيّة الأميركية، ومن ان الخطر والتهديد قد انتقل إلى آسيا. وقد أصبح من الضروري تعديل الاستراتيجيات العسكريّة، وإجراء تعديلات في العقائد القتاليّة لمواجهة الخطر الجديد المحتمل. لكن حادثة 11 سبتمبر، كانت قد عدّلت المسار الأميركي لفترة قصيرة. من هنا تركيزنا على ازدواجيّة السلوك الاستراتيجي الأميركي (حرب ضد الارهاب منع قيام أي منافس). شكّل عجوز البنتاغون أندرو مارشال رأس الحربة في هذا التفكير الجديد.

إن نظرة جغرافيّة إلى منطقة جنوبي شرق آسيا، وهي المعبر كما قلنا إلى الشرق الاقصى. تظهر لنا اهميّة هذه المنطقة. فهي بوابة العبور إلى الشرق الاقصى. وأهميّتها تكمن في أنها السبيل، أو الممر الوحيد الذي يربط الشرق الاقصى بمصادر الطاقة، في الشرق الاوسط. فطرق النفط إلى الدول الكبرى في الشرق الاقصى هي على الشكل الآتي: من قناة السويس وعبر البحر الأحمر، ومن الخليج العربي وعبر باب المندب، تسير قوافل الطاقة باتجاه الشرق الاقصى، لكن بعد المرور قرب القارة الهنديّة (المحيط الهندي)، من ثمّ تتفرّع قسمين، يذهب الاوّل عبر مضيق مالاكا (بين سنغافورة واندونيسيا). أما الثاني فهو يتّجه جنوبي اندونيسيا باتجاه الممرّين البحريّين، سوندا ولومبوك (Sunda+Lombock). من هنا كان تفجير بالي الخطير بهدف ضرب خطوط المواصلات في تلك المنطقة. وتكمن أهميّة هذين الممرّين ايضا، في انهما يعتبرا الشريان الحيوي بين جنوب شرق آسيا، الشرق الاقصى واستراليا. هذا مع العلم انه في العام 2020، سيذهب حوالي 90 في المئة من نفط الشرق الاوسط إلى الشرق الاقصى. وذلك بحسب الباحث الأميركي جوفري كامب. فهل ستتورّع أميركا عن السيطرة على هذه المنطقة؟ وهل ستترك الشرق الأوسط من يدها بعد ان سيطرت عليه الآن؟ طبعا كلاّ.

تكمن أيضا أهميّة هذه المنطقة، في أن المنافس المستقبلي المحتمل للولايات المتحدة موجود فيها، ألا وهو الصين. وفي ان المنطقة تندرج كمسرح اساسي في الاستراتجية الأميركية. هذا مع العلم ان لأميركا ما يقارب الـ 150000 جندي في الكثير من البلدان. هذا في البر، وعدا العائمين على البحار. كذلك الامر تعتبر أميركا انه توجد في تلك المنطقة كل المخاطر التي تهدّد أمنها. فيها الارهاب، اسلحة الدمار الشامل، الدول المارقة والمنافسون لها. وهي اصلا لها رؤوس جسور عسكريّة هناك، وهي تطلّ على المنطقة عبر شاطئها الغربي. فهل ستترك المنطقة طوعا؟ طبعا كلاّ.

في ظلّ هذا الرسم السريع للمنطقة، وفي ظلّ العوامل المُسيّرة والمؤثّرة في سياسات كل اللاعبين تقريبا، كيف ستبدو عليه صورة جنوب شرق آسيا، والشرق الاقصى في العام 2004؟

به القارة الكوريّة: ستبقى المسألة الكوريّة ظاهرة وبشكل كبير. فقد خاضت أميركا فيها حربا دمويّة في الأعوام 1950 - 1953. وهي لا تزال تنشر في جنوبي كوريا ما يقارب الـ 35000 جندي. ويبدو ايضا ان الكره الكوري لهذا الحضور قد بدأ بالارتفاع، خصوصا بعد مرور نصف قرن تقريبا على الصراع، وتغيّر الاجيال. كذلك الامر، لا يمكن لأميركا ان تطبّق عقيدتها الجديدة الاستباقيّة على دول وتمتنع عن تطبيقها في كوريا. فالنظام الكوري الشمالي، هو تقريبا النظام الوحيد والذي تنطبق عليه مواصفات الحرب الاستباقيّة. فهو نظام في دولة مارقة، لا يحترم حقوق الانسان. وهو نظام ستاليني بامتياز. وهو نظام يهدّد محيطه عبر اسلحة الدمار التي يملكها. كذلك الامر، هو نظام يساعد دولا أخرى مارقة عبر تزويدها بالتكنولوجيا البالستيّة. لذلك من الاكيد انه في العام 2004، ستبقى المسألة الكوريّة على جدول اعمال الرئيس بوش. كذلك الامر، سيستمر الزعيم الكوري في تحدّي أميركا حتى الحصول على ضمانات عدم اعتداء عليه. وستبقى كل من كوريا الجنوبية، وخصوصا الصين واليابان يسعون إلى نزع فتيل الانفجار. فالكل لا يريد حربا على مقربة منه خصوصا الصين.

الصين: سيبقى الهاجس الصيني متمثّلا بوحدة البلاد. فقد كان هذا الهاجس مستمرا في الفكر الصيني. فبعد استعادة هونغ كونغ، يبقى الهدف الصيني الاهم في استعادة تايوان. لكن الاكيد ان الصين سوف لن تلجأ إلى استعمال القوّة ضد تايوان، لانها تريد زرع الطمأنينة في كل المنطقة. وهي لا تريد ان ترسم صورة مارقة عنها كي لا يتكتّل الكل ضدّها. وهي ايضا لا تريد التصرّف كما تصرّفت اليابان قبيل الحرب العالمية الثانية. تريد الصين المحافظة على التبت وتريد استرداد تايوان عبر اتباع سياسة النفس الطويل، وهي المعروفة بهذا النمط من السلوك. تريد تايوان عبر الخنق الاقتصادي، وذلك بعد ان أصبحت هي، أي الصين المركز الاساسي لاستثمار الاموال التايوانيّة. وبعد ان أصبحت تايوان معزولة تماما، تريد الصين المحافظة على الاقليم الغربي جيانغ جينغ (Xianging) المسلم والذي يريد الانفصال عنها. وهي تستغل الحرب على الارهاب من قبل أميركا لتجعل حركات الانفصال في هذا الاقليم إرهابيّة. وفعلا فقد قتل حديثا في باكستان أحد زعماء الانفصال، الامر الذي وضع حركته ضمن التصنيف الذي ينطبق على القاعدة. كذلك الامر، تريد الصين المحافظة على معدّل النمو الاقتصادي والمقدّر بحوالي 10 في المئة. ويعتبر هذا الامر حيويا لها. فهي تعيش مرحلة الانتقال إلى السوق الحرّة. وهذا قد يعني تبدّلا اجتماعايا كبيرا، ونزوحا من الريف إلى المدن. وقد يؤدّي إلى اضطرابات اجتماعيّة داخليّة. وبهدف المحافظة على هذا النمو، تحاول هي ايضا عدم استعداء، أو تخويف احد، خصوصا أميركا. من هنا هي تماشيها في مجلس الأمن. وبهدف المحافظة على النمو الاقتصادي، تريد الصين تأمين الموارد الطبيعيّة، وتنوّع مصادر الطاقة. من هنا هي تعقد الاتفاقات مع دول أميركا اللاتينيّة من اجل استيراد المواد الاوليّة، وتسعى لاتفاقات مع روسيا لاستيراد الطاقة، هذا عدا محاولاتها الحثيثة للهيمنة على الممرات البحريّة. كذلك الامر، ستستمر الصين بمحاولة الارتقاء إلى مصاف الدول العظمى. لكن الامر يتطلّب امرين مهمّين هما: إمكان التدخّل عسكريّا اينما كان، وهذا متوافر حاليا لأميركا. وإمكان الصرف للاموال من دون حساب او قلق، وهذا ايضا متوافر لأميركا. فالقوى العظمى تقوم على هذين البُعدين. وحتى الآن، وفي العام 2004، ستبقى الصين تسعى إلى تأمين هذين البعدين. وهي تبدو في مرحلة إعادة ترتيب البيت الداخلي، عبر الانتقال التدريجي من الشيوعيّة إلى شكل قد نطلق عليه شيو - ماليّة (شيوعيّة رأسماليّة)، وذلك بعد السماح للرأسماليّين بالانضمام إلى الحزب الشيوعي، وإصدار قانون يحمي الملكيّة الفرديّة.

اليابان: ستبقى اليابان تعاني من مشكلات اقتصاديّة. وهي تبدو عاجزة عن الخروج من هذه المآزق، لأكثر من عقدين من الزمن. من هنا تسير دائما مع ما ترسمه أميركا، خصوصا بعد 11 سبتمبر. فقد اصبح الحديث يدور الآن بين الاثنين، حول المزيد من التعاون، بعد ان كان يدور حول كيفيّة الانسحاب الأميركي من أوكيناوا. ستستمرّ اليابان تقلق من السلوك الكوري الشمالي. فشواطئها كانت عرضة لتجارب صواريخ كيم جونغ إيل. لذلك ستستمر في العمل ضمن المجموعة التي تعمل على حل هذه الازمة. ستبقى الحكومة اليابانيّة تتعاون مع أميركا في مشروعها الأمني الكبير، وعلى المستوى العالمي. فهي قد ساعدت في افغانستان، وفي الحرب الاخيرة على العراق. وستستمرّ في المساعدة على إعادة بناء العراق. وهي حتما ستقبض ثمنا ما، خصوصا وهي بأمس الحاجة إلى الاموال. ستستمرّ الروح القوميّة اليابانيّة في النمو. وقد اصبح الحديث عن تعديل المادة التاسعة من الدستور، والمتعلّقة بعدم التسلّح، امرا عاديّا، بعد ان كان محرّما. لكن الاكيد، ان اليابان، لا تريد إحياء ذكرى الحرب العالميّة الثانية لدى الدول المحيطة بها. لكن الاكيد، وإذا ما شعرت اليابان ان امنها القومي اصبح مهدّدا بسبب التصرّف الكوري الشمالي، أو الصيني. فهي قادرة وبسرعة على التحوّل إلى دولة نوويّة، خصوصا أنها تملك التكنولوجيا والمعرفة في هذا المجال. ستبقى اليابان في العام 2004، نقطة اساسيّة في الاستراتيجيّة الأميركية إلى جانب كوريا الجنوبيّة واستراليا. وستبقى عاملا أساسيّا، إذا ما تأزمت العلاقة الصينيّة - الأميركية.

استراليا: يبدو ان استراليا قد دخلت من الباب العريض على امن المنطقة المحيطة بها. فهي وبعد 11 سبتمبر، قد دخلت في مرحلة ما يسمّى بإعادة تحديث قواها العسكريّة، عبر إدخال المزيد من التكنولوجيا الحديثة. وهي وكما يبدو، ستصبح محطّة رئيسيّة للبحريّة الأميركية في المستقبل. كذلك، ستكون أحد أضلع المثلث الاستراتيجي والذي تتكلّ عليه أميركا في المنطقة (المثلث = استراليا + كوريا الجنوبية + اليابان). وهي قد تدخّلت أخيرا في فيدجي، وقد تتدخّل في اماكن أخرى، ومن يدري؟ قد نرى في العام 2004، المزيد من السعي الاسترالي لرسم منطقة نفوذ تحيط بالقارة.

هذا في صورة الماكرو والتي من المحتمل ان نراها في العام 2004. فماذا عن صورة الميكرو؟

ستقود أميركا عمليّة رسم صورة الماكرو، وتحت حجّة محاربة الارهاب، وتحت حجّة منع انتشار اسلحة الدمار الشامل. ستعيد أميركا نشر قواتها، والسعي إلى تحديثها وبسرعة، خصوصا في كوريا الجنوبيّة. فهي تريد جعل قواتها سريعة، خفيفة واكثر قدرة على التدمير، كي تستطيع التدخّل في كل المنطقة وبسرعة. وإلا فما معنى زيارات رامسفيلد للمنطقة، وخصوصا انه وزير الدفاع التغييري للقوى العسكريّة؟ ستركّز أميركا جهدها على السيطرة على الممرات البحريّة، فهي تملك قاعدة في سنغافورة، الامر الذي يعني السيطرة على مضيق مالاكا الحيوي. كذلك الامر، هي قيد التفاوض مع فيتنام لاستئجار مرفأ هوشي منه. وهي أيضا موجودة في الفلبين، هذا عدا كوريا الجنوبية. وهناك قانون أميركا يتعهّد بحماية جزيرة تايوان. وإن ما نراه من شجب أميركي للسلوك التايواني بشأن الاستفتاء على استقلال الجزيرة، ليس سوى تكتيكا لا يؤثّر على الاستراتيجيّة الكبرى. وهو حتما سيتغيّر لاحقا. ألا تعني هذه الامور، السيطرة على الممرات البحريّة لمنع الصين من التوسّع؟ وتهديد امنها المتعلّق بالطاقة؟ ألا يعني إعادة الانتشار الأميركي بعد 11 سبتمبر في الشرق الاقصى، وفي جنوبي شرق آسيا (ضمنا آسيا الوسطى)، كمحاولة أميركية من ضمن استراتيجيّة كبرى، تهدف أوّل ما تهدف إلى احتواء التنين الصيني؟ لذلك سيكون الصراع طويلا بين النسر الأميركي، والتنين الصيني. ولن يُحسم حتما في العام 2004، لكن هذا العام سيكون حتما سنة من إحدى السنوات التي تحضّر للانفجار الكبير في وقت ما من المستقبل

العدد 482 - الأربعاء 31 ديسمبر 2003م الموافق 07 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً