إذا كانت مجريات الدوري البحريني لكرة القدم تسير بصورة متواضعة في جميع نواحيها من دون أن يحرك أحد ساكنا لتغييرها منذ سنوات، فإن الشيء اللافت في الموسم الجاري هي عملية الانتقالات بين الأندية المحلية وأقواها كانت لصالح فريق الرفاع الذي استطاع ضم 8 من أبرز اللاعبين المحليين إلى صفوفه في مشهد غير مسبوق على رغم المنافسة التي دارت بينه وغريمه المحرق على الفوز باللاعبين الثمانية، فيما سجل المحرق عملية نوعية بضم مهاجم غريمه التقليدي الأهلي عبدالله وحيد الذي دخل التاريخ بأن يكون أول لاعب كرة قدم ينتقل بين الغريمين التقليديين!
لاشك في أن عملية الانتقالات تحمل عدة أوجه بين الإيجابية والسلبية وهو يبقى في النهاية حقا مشروعا لكل نادٍ يسعى إلى تعزيز صفوفه ويتطلع إلى المنافسة وطموح البطولات.
ولعل من الأسئلة المثارة في خضم موجة الانتقالات هو هل من الممكن أن تتكرر تجربة الانتقالات التي حدثت بين الأندية في مجال كرة السلة في السنوات الأخيرة في كرة القدم، وأننا رأينا تنقل مجموعة من اللاعبين الجيدين بين الأندية السلاوية المختلفة الأمر الذي قلص الفوارق الفنية وكسر الاحتكارات الطويلة التي كانت سائدة في البطولات السلاوية في الثمانينيات والتسعينيات وجعل اليوم كل مباراة قوية يصعب التكهن الفائز بها حتى أصبح الدوري السلاوي الأفضل والأقوى محليا.
من المؤكد أن طبيعة الكرة تختلف عن السلة لكن ذلك يجب ألاّ يكون عذرا للتوقف عندها وأن السعي إلى التطوير والتغيير يحتاج إلى البحث عن آليات من ضمنها عملية الانتقالات لكن بضوابط معينة تكون مدروسة تتلاءم مع وضعية الأندية وطبيعة اللعبة وذلك يفتح الباب أمام دور المؤسسة العامة للشباب والرياضة واتحاد الكرة وحتى الأندية المعنية.
وبالتأكيد أن الكلام في هذا المجال يقودنا إلى العمود الفقري لعملية الانتقالات وهو الجانب المالي والتفاوت بين إمكانات الأندية، ويفتح أمامنا أسئلة مهمة ظلت تبحث عن إجابات منذ سنوات منها ما يعلق بمن سمح باستقدام اللاعبين الأجانب بواقع 3 لاعبين لكل نادٍ وهي تجربة حان الأوان لتقييمها من النواحي الفنية والمالية... فللأسف أن غالبية المحترفين الحاليين في أنديتنا هم من أصحاب المستويات العادية أو أقل منها إلاّ ما ندر، وبالتالي فأن الأندية تصرف أموالا على «أشباح محترفيها» من مرتبات - أيا كان سعرها - وسكن وتذاكر وغيرها من مصاريف، فضلا عن مسلسل التجارب الذي يطبقه كل ناد على لاعبين مغمورين قبل التعاقد معهم وذلك يحمل الأندية أعباء مالية أيضا.
وفي لحظة تأنٍ نتساءل ونقترح أليس بالإمكان أن تقنن عملية الاستفادة من اللاعب الأجنبي وتحديدا للأندية التي لا تخوض مشاركات خارجية، وبالتالي توفر هذه الأندية أموالها للصرف على لاعبيها المحليين أو الاتجاه لاستثمارها في جلب بعض اللاعبين المحليين الجيدين لتدعيم صفوفه، بل حتى أن هذه الأندية عندما توفر المبالغ للاعبيها فإن ذلك سيجعل عطاءهم جيدا ويجعل تمسكهم بناديهم أكثر، لكننا للأسف نلاحظ أن بعض الأندية ممن تشكي ضعف إمكاناتها تتفنن في جلب اللاعبين الأجانب للاحتراف أو التجريب وتكون «بخيلة» على لاعبيها حتى في أقل المطلوب!... كما أن اللافت هو أن غالبية الأندية التي تشارك في مسابقات الكرة هي ممن تشارك في السلة وليس أندية قادمة بملايين من المريخ، فأين يكمن الفارق!
وفي هذا الصدد يجب أن نسجل كلمة تقدير وإشادة لرئيس نادي الرفاع الشاب الطموح الشيخ عبدالله بن خالد في نظرته وتقديره إلى اللاعب البحريني ومنحه الأولوية في التعاقدات في نظرة تتخطى البعد الفني والتنافسي وهو الكلام الذي سمعته منه منذ نحو 7 سنوات عند تعاقده مع النجمين طلال يوسف وسلمان عيسى من نادي مدينة عيسى، ثم تكرر عند تعاقد الرفاع مع مدافع المالكية حسن خميس البري الأسبوع الماضي عندما فضله على التعاقد مع محترف أجنبي، وبالتالي فإن المردود من عملية الانتقال تكون على الوضع العام اللاعبين البحرينيين سواء من حيث ارتفاع مستواهم في نادٍ منافس ويشارك خارجيا وتتوافر فيه الإمكانات الجيدة للتدريبات والاهتمام الإداري، أو من حيث المردود المالي لأبناء البحرين وعائلاتهم والشواهد كثيرة
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 2690 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ