العدد 2687 - الأربعاء 13 يناير 2010م الموافق 27 محرم 1431هـ

صالح المطلك

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حَدَثَ ما يُخشَى منه في العراق. فقد قرّر المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة علي اللامي حِرمان زعيم الجبهة العراقية للحوار صالح المطلك ومعه أربعة عشر كيانا من خوض الانتخابات البرلمانية القادمة.

رئيس اللجنة في البرلمان فلاح حسن شنيشل نَقَلَ عن النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عارف طيفور قوله: «إن الهيئة لديها ما يُثبت ترويج المطلك لحزب البعث المنحل جهارا، فضلا عن اتهامه بالثراء على حساب المال العام».

حسنا. لماذا الخشية من ذلك القرار؟ ببساطة هو محذور التأويل الطائفي وحسب. فصالح المطلك علماني التوجّه، لكنه سُنّي الهويّة، حاله حال علمانية أحمد الجلبي المنتمي للائتلاف الشيعي! والبائن أن اختلاط العلمانية بالطوائف والأديان باتت سهلة التماهي في بلد كالعراق نظرا لحسابية الآيدلوجيا الفكرية على أعداد الفردية المذهبية.

في أوروبا ظهرَ ما يُشبه ذلك. فقد دعا جيوبرتي (1801 - 1852) إلى إقامة دولة إيطاليّة ليبراليّة تحت مظلّة البابوية. وجَرى ذلك التقارب أيضا بين التلموذيّة اليهودية والتيار الليبرالي. بل ان البعض بات يُصرّح أن النزعات الفردية والعقلانية وحتى التحرريّة الثقافية قد أنجبتها البروتستانتيّة المسيحية.

بالتأكيد فإن ذلك التلازم (في العراق) قد خلقته ظروف معقدة ومتشابكة لكنه في النهاية استطاع أن يفرض نفسه على السياسة والثقافة. وأصبح من غير الصائب تجاوزه وتبسيطه. لأنه وبكلّ وضوح لن يُساهم إلاّ باضطراب اجتماعي وفقد للتوازن القائم.

فإذا كانت تلك اللّوثة قد وردت إلى أصقاع عربية وإسلامية مختلفة بعد احتلال العراق في العام 2003، فما بالك ببلد الأصل حين جرّب أقسى أنواع الدمج بين العلمانية والأديان بسبب غزارة الدم الذي أرِيق، فبات من غير الصحيح (بالنسبة لناسه) أن لا يتخندق الجميع في جوف النواة الصلبة للكيانات وهي المذاهب.

لن يفهم المواطن العراقي الذي أعطى للمطلك صوته في الانتخابات الأخيرة تفسيرات هيئة المساءلة. إنه لا يُدرك سوى استهداف مُمنهَج للمكوّن السُّنّي أولا وللمكوّن العشائري ثانيا، والذي لم يعُد يقنع كغيره من الكيانات بأكثر من حصة توزاي أزمته في العشيرة والمذهب.

في جوار العراق مَثَلٌ قائم. خلال الانتخابات النيابية الإيرانية في العام 2004 رَفَضَ مجلس صيانة الدستور أهليّة 1206 للانتخابات وأجَاز لـ 5625 فردا بالتّرشّح. في حالة إيران كان الأمر سياسيا بامتياز، ولم تدخل فيه قضايا دينية (مسيحية، يهودية، زرداشتية) أو طائفية (سُنّية، شيعية) أو قوميّة (آذرية، بلوشية، كرديّة، عربية... إلخ) فلذلك استطاع المرور بخسائر قليلة.

ولأنه سياسي خالص فقد مُنِعَ شقيق المرشد الأعلى من الترشّح (هادي خامنئي). وشقيق لرئيس الجمهورية أيضا (محمد رضا خاتمي). وكريمة لرئيس مجمَع التشخيص (فائزة رفسنجاني). ومعهم 82 نائبا سابقا ومثقفين ورجال دين ورؤساء تحرير صحف. كان الموضوع خارج الطائفة والقوميّة.

ورغم ذلك فقد أعاد مجلس صيانة الدستور النظر في 200 شخص من أصل 380 كانت وزارة الأمن قد أيدت أهليتهم بعد إيكال المُهمّة لها من قِبَل المرشد الأعلى بعد تدخله للمرة الثالثة ومنحهم حقّ الترشّح لأسباب تتعلّق «بالمصلحة العامة» (راجع نص تصريحات أحمد جنتي في هذا الشأن).

في حالة العراق لم تتجاوز الأمور شئون الطوائف لتسقر على السياسة بعد. بل مازال البعض يلعق جراح الحرب المذهبية التي ضربت البلد طيلة عامين (2006 - 2007). هذه هي المشكلة. والنصيحة التي يُمكن لأي فرد يتمنى للعراق أن يتخطّى أزمته وهمومه هو القول لسياسييه «إنه ما دام الأمر يُرواح على ذلك الخط فمن غير الصحيح معاندة استحقاقاته.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2687 - الأربعاء 13 يناير 2010م الموافق 27 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:55 ص

      الموضوع خارج عن

      الموضوع خارج عن (يستاهل) أو (ما يستاهل) الموضوع مرتبط بالمذهبية وبإحساس السنّة بأنهم مستهدفون وهنا الخطورة

    • زائر 1 | 12:53 ص

      يستاهل

      يستاهل و هذي الضربة اللي تقصم ظهر البعثيين و الدول التي كانت تدعمهم !

اقرأ ايضاً