ختام هذه المجموعة من المقالات بشأن الشورى، هو معالجة، وليس الرد على، ما طالعته من أراء مجحفة بحق الشورى عندما يقارن بالمجلس النيابي، والتي وردت في تعليقات أو ردود بعض من تناول ما جاء في تلك المقالات الأربعة السابقة من أفكار.
والوتد الذي ارتكزت عليه خيمة تلك الآراء، يتكئ على نقطة محورية تقول إنه بينما يخرج أعضاء مجلس النواب من رحم صناديق الاقتراع، ويتم انتخابهم من خلال عملية اقتراع، بغض النظر عما يشوبها من تشويهات وتدخلات لكنها، تحافظ في نهاية المطاف على الحد الأدنى المطلوب عندما يتعلق الأمر بالتمثيل الشعبي للسلطة التشريعية.
مقابل ذلك ينعم الشوريون، كما جاء في تلك الردود، بعضويتهم عن طريق مكرمات فردية من خلال «تعيينات فوقية» لا يملك الشعب أية كلمة واحدة فيها، ومن ثم فهي لا تعني عنده الشيء الكثير.
يستتبع هذه النقطة المركزية في تقويم مجلس الشورى الكثير من الملاحظات الأخرى التي تمس أداءه، وتصل احيانا إلى ممارسات أعضائه، والكفاءات التي يتمتع بها كل واحد منهم على حدة.
قبل إجراء أية مقارنة بين حجرتي المجلس الوطني، لابد من التأكيد على قضيتين أساسيتين، أرى ضرورة إبرازهما، لوضع حد لأي سوء فهم يمكن ان تولده هذه المعالجة.
1. الهدف الأساسي من إجراء هذه المقارنة، هو الحرص على وضع الأمور في نصابها، وإنصاف الشورى فيما لحق به انتقاص في ذهنية نسبة لا يستهان بها من المواطنين، وعلى وجه الخصوص منهم أولئك الذين انخرطوا في العمل السياسي، وبالتحديد من حمل تركة المرحلة القديمة التي سبقت المشروع الإصلاحي، وخلال فترة سريان بنود «قانون أمن الدولة»، والذين ما زالوا يصرون على أن كل ما هو من الدولة سيئ، ولابد من النضال ضده.
هذه النظرة العدمية التي ترفض رؤية المساحات الرمادية في أي برنامج سياسي تتقدم به الدولة، يصعب عليها القبول بمرحلية النضال، والتمييز بما هو استراتيجي لايمكن المساومة عليه، وبين ما هو تكتيكي يمكن مناقشة شروط الخصم والتحاور معه، مع الاستعداد لتقديم بعض التنازلات التكتيكية، والتي ربما تكون في بعض المراحل شكلية، كي نخدم الهدف الاستراتيجي دون ان نفرط فيه.
2. تجنب أي سوء فهم من مدخل آخر يقوم على اعتبار إنصاف الشورى، هو من أجل الحط من قدر المجلس النيابي، أو التعرض السلبي لأي من أعضاء هذا الأخير. فالقصد هنا إنصاف الشورى، وليس الطعن في «النيابي»، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأداء المجلس النيابي، دع عنك كفاءة الأعضاء أو سلوكهم.
على هذه الأرضية ننطلق لكي نلفت نظر القارئ إلى الحقائق التالية:
1. إذا كنا ننطلق من مقولة إن الاقتصاد، ومن ثم المال هو الذي يسير السياسة، فسوف نجد أمامنا صورة شبه متطابقة لأعضاء المجلسين من الشورى أو النيابي. كلاهما يتلقى مرتبه الشهري ومخصصاته، بل وحتى علاواته من خزينة الدولة. بمعنى آخر مصدر التمويل واحد، مهما اختلفت تسميات المستفيد من التمويل.
ففي البحرين، يتحول، في حقيقة الأمر، الوزير والشوري والنيابي إلى موظفين يتلقون معاشاتهم في نهاية كل شهر من الدولة.
هذه الحالة تختلف نوعيا عند الحديث عن دول ديمقراطية عريقة مثل بريطانيا، حيث يتلقى الوزير ذاته، وليس عضو البرلمان فحسب، مرتبه الشهري من الشعب عبر النظام الضريبي المعمول به في تلك البلاد. وهذا يفسر لماذا يطلق على الوزير هناك صفة الموظف المدني، (Civil Servant)، وليس أي نعت آخر.
2. إذا كان مقياس حسن الأداء يقوم على القضايا التي تطرح وموقف الأعضاء منها، ومداخل مناقشتها، فأحيل القارئ الكريم إلى محاضر جلسات الحجرتين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاجتماعية مثل قانون الأحوال الشخصية، كي يكتشف بنفسه، انه في البعض منها كان الموقف الشوري، أكثر تقدما من الموقف النيابي، ولربما آن الأوان هنا كي نشير إلى «الكتلة النسائية»، إن جاز لنا القول، في مجلس الشورى التي مارست دورا تقدميا ملموسا وجريئا في هذا الجانب، وضعت الشورى في مواقع متقدمة على مجلس النواب.
هذا لا يعني أن موقف الشورى أفضل بالمطلق، لكنه يؤكد أيضا ان الشورى ليس بالصورة السيئة المطلقة التي يوصف بها.
3. إذا انطلقنا من المجلسين كمؤسسة إلى الأعضاء كأفراد، غالبا ما يشار بأصابع الاتهام إلى بعض أفراد مجلس الشورى ممن ساءت سلوكياته، واكتفى بنيله عضوية الشورى وما تغدقه عليه هذه العضوية من امتيازات مالية واجتماعية، «هو لن يستطيع دون تلك العضوية التمتع بها».
لكن هل ينفرد الشوري، دون غيره من مؤسسات المجتمع، بمثل هذه البقعة السوداء التي تشوه صورة أعضاء المجلس برمته، والتي من الخطأ الكبير تعميمها على الأعضاء الآخرين كافة، الذين لابد من قول كلمة حق وإنصاف بما قدموه؟.
من حق عضو الشورى أن يتساءل هنا: أليست هناك حالات سيئة مشابهة في صفوف المجلس النيابي؟ بل وحتى في صفوف المعارضة ذاتها؟ ثم يذهب إلى أبعد من ذلك كي يصل إلى المؤسسة الدينية ذاتها التي تشهد وقائع اليوم وأحداث التاريخ الكثير منها.
ومرة أخرى هنا لا ينبغي ان يكون مثل هذا السلوك الشاذ من النسبة الضئيلة مدعاة لوسم المؤسسة أو ظلم الغالبية الباقية من أعضائها، سواء كانت تلك المؤسسة مجلس الشورى أو المجلس النيابي او المؤسسات الدينية.
هذا لا يعني أن مجلس الشورى مؤسسة نقية طاهرة لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها، ولا يشوب أداءها أي شكل من أشكال الاعوجاج الذي ينبغي التوقف عنده والإشارة له ومطالبتها بإصلاحه، وهو ما تحدثت عنه المقالات السابقة.
لكننا بالمقابل، لابد لنا من أن ننزع نظارات المرحلة القديمة، دون الانتقاص من صحة أدائها في تلك المرحلة التاريخية من حياة العمل الوطني، والبدء في النظر إلى المشهد السياسي الحالي من مدخل جديد وقراءته بشكل مختلف، كي لا تختلط الأمور، ونفقد، جراء هذا الزوغان، القدرة على الرؤية الصحيحة المطلوبة، التي تضع نصب عينيها مصلحة المواطن، دون سواه كائنا من كان ذلك.
وفوق كل هذا وذاك، وطالما نحن في وسط الحديث عن إصلاح حقيقي للمؤسسات التشريعية، فمن الخطأ حصر المساحة في مجلس الشورى وحده، فهناك الكثير مما هو بحاجة إلى معالجة، إذ يبقى مجلس الشورى في نهاية المطاف نتيجة، وليس سببا، تمخض عنها الدستور الذي ربما آن الأوان لإعادة النظر في بعض مواده، وتعديلها، كي تكون قادرة على مسايرة التطورات التي عرفتها البحرين خلال السنوات العشر التي مضت على تدشين المشروع الإصلاحي.
فليس هناك ما هو مقدس في العمل السياسي سوى مصلحة المواطن والحفاظ على حقوقه.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2687 - الأربعاء 13 يناير 2010م الموافق 27 محرم 1431هـ
الشـــــورى ... طُعــم وهمــــي
نحاول نقطّع الطّعم بالأسنان ، فتشمّر الأضراس ذراعها للطحان ، لجعله مستساغ ببيان ، ونحاول و نحاول نبلعه لنهضمه بأمان ، آه وآهات ، للأسف المعدة معلولة - بقرحة – ونشفان ، فيتم الترجيع عبر المريء المصاب بالحرقان ، فتتدهور الصحة ويضيع العمر والزمان ، بنفس المكان ، بلا هدف ولا ضمان وقصور – تقصير - اغلب الأحيان ، لنعلم أخيراً ، مجرد أوهام للأذهان . كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض
مجلس الشوري نزف فلوس على الفاضي
مجلس الشورى وجد (بضم الواو) لكي يعيق مجلس النواب الذي هو بتركيبته معاق جاهز فمجلس الشوري هو لزيادة الطين بلة بمعنى آخر لو أن مجلس النواب عمل العجب وخرق العادة واستطاع ان يخرج بقانون فإن هذا القانون ليس باستطاعته أن يمر من عنق الزجاجة الآخر.
لذلك لا نرى في مجلس الشوري غير الهم المتراكم على هذا الموطن ولا نرى فيه غير استنزاف لحقوقنا وأموالنا
الدولة اوجدت طريقة لسلب الأموال وإعطائها لغير مستحقيها مهما حاولت الدولة التلميع فبريق هذا المجلس معدوم أصلا فهو بلا رائحة وبلا طعم