العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ

حكايات من الزمن القديم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الستينيات والسبعينيات، كانت الحركات السياسية تطبع منشوراتها على الآلة الكاتبة، ويتم نسخها وتوزيعها على الناس.

في بعض البلدان، كانت «الأجهزة» تقوم بترقيم الآلات قبل بيعها وعمل «كود» خاص بكل آلة، بوضع إشارة صغيرة تلحق بحرفٍ معين، ليسهل التعرف على صاحبها فيما لو قُبض على المنشورات. ولو قُيّض لبعض الباحثين اليوم دراسة تلك المنشورات لرآها نسخا أولية ممّا ينشر اليوم في الصحف العربية أو يذاع في الفضائيات! مع ذلك كانت سببا في دخول العشرات إلى السجون العربية. كذلك كان الفاكس الذي يستخدم لإيصال الأخبار للخارج ساحة أخرى للملاحقات!

الآلة الكاتبة دخلت التاريخ، ولكنها في بدايات دخولها للخليج كانت تحتاج إلى معاهد خاصة لتدريسها! ومع دخول أجهزةٍ أخرى أكثر سرعة وعملية أحيلت الآلة الطابعة على التقاعد، ولو تحدّثنا مع أبنائنا اليوم عن شيء اسمه «آلة كاتبة»... لما فهم معناها أصلا!

ربما يتذكّر الكثيرون بداية التسعينيات، حيث انتشر جهاز صغير اسمه (البليب)! كثيرون أيضا نسوه، وعندما يتذكرونه اليوم يضحكون! لكنه كان يُستخدم على نطاقٍ واسعٍ، خصوصا لأخذ المواعيد بين المخطوبين والعشّاق! وكان يومها مصدرا للفخر والشعور بالوجاهة لدى البعض، فيكفي أن ترفعه أمام الناس لتبيان أهميتك، ولكن تذكّره اليوم يبعث على الضحكات!

لنتذكّر أيضا، أن «البليب» كان يُباع بـ 80 دينارا، أي ما يعادل أجرة شهرين للشغالة الأجنبية، أو نصف راتب العامل البحريني البسيط، ولو عُرض اليوم لما اشتراه أحدٌ بربع دينار! مع ذلك جاء «الموبايل» من رحم «البليب» المضحك، بفضل التطور التقني، وأحاله على التقاعد إلى الأبد. بل أنه أزاح الهاتف المنزلي عن مكانته التي هيمن فيها على مدى نصف قرن وحلّ مكانه، فأغلب مكالماتنا اليومية تجري من الموبايل. ومع كل هذا التطور التقني كانت «الأجهزة» تلاحق الأخطار المحتملة وما يمكن أن تسببه من «وجع رأس»، في لعبة ملاحقةٍ أزليةٍ كما في أفلام كارتون ميكي ماوس!

الموبايل أيضا كان في أول ظهوره وسيلة للتباهي مع أنه كان كبير الحجم حتى سُمّي بـ «الطابوقة»! وحين صغر حجمه وقلّ سعره، كان عليك عندما تقترب من منطقتك السكنية، أن ترفعه إلى أذنك ليراك الناس، ويعرفوا أنك مشغولٌ في مكالمةٍ مهمة! ومع ذلك استهلك الموبايل عمره الافتراضي حتى أصبح لعبة بأيدي الأطفال!

في مطلع التسعينيات، كان العالم على موعدٍ مع تدشين البث الفضائي، الذي أطاح بالإعلام الرسمي الكلاسيكي، وأحاله على التقاعد. وهكذا انتهت ثلاثة عقود من سيطرة الإعلام ودوره في تسلية الجمهور وتخديره بالأفلام والمسلسلات المكررة، لصالح الفضائيات التي أوقظت الجمهور النائم وجعلته يتطلع لمغادرة حظيرة الحيوانات إلى آفاق المواطنة والحقوق.

في منتصف التسعينيات، كنا على موعدٍ أيضا مع دخول عالم الإنترنت، الذي فتح أبواب السماوات، أمام تدفق الأخبار والمعلومات والتقارير وصور انتهاكات حقوق الإنسان، ونشر القضايا والهموم المحلية على العالم، وسقطت خرافة الخصوصية التي استخدمت طويلا لقمع الرأي الآخر وتكبيله.

شعبٌ نصفه دون سن العشرين. بلدٌ يسجّل واحدة من أعلى نسب الدخول على شبكة الإنترنت. السوسيولوجيون يقولون إنه سيأتي يوم قريب، سيُعتبر فيه إغلاق المواقع الإلكترونية أمرا مضحكا، ودليلا على الفشل في أكثر من مجال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً