العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ

مفارقات الوضع العربي في ضوء حرب غزة (1 - 2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

مشهدان يختزلان مفارقات الوضع العربي خلال الحرب الإسرائيلية على غزة. المقاتلات الإسرائيلية الحربية بمختلف أنواعها تقصف غزة بمختلف أسلحة الدمار، وقوات الأمن في مختلف البلدان العربية تقصف الجماهير العربية المحتجة على العدوان الإسرائيلي والتواطؤ الرسمي العربي. وبالطبع هناك استثناءات لتعامل قوى القمع العربية مع الجماهير العربية، لكنه الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.

ماذا يكشف هذان المشهدان، من خلفيات ومعانٍ؟

حرب غزة في سلسلة حروب

بالنسبة للحرب الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة مستخدمة كل الأسلحة المحرّمة دوليا، باستثناء القنابل النووية، فهي ليست أول حرب ولن تكون آخر حرب ضد الشعب الفلسطيني وضد الأمة العربية. في لقاء مع الناشط الحقوقي الفلسطيني في عمّان إياد البرغوثي، لحضور الاجتماع التحضيري للمنتدى المدني العربي فسّر وحشية الإسرائيليين في حربهم الأخيرة ضد غزة بالقول «دعونا من الأوهام، فبالنسبة إلى الغالبية العظمى من الإسرائيليين فإن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت أو المنفي، وإمعان الإسرائيليين في النزاع ضد الفلسطينيين هو لدفعهم إلى المنافي، لأن المشروع الصهيوني في فلسطين واستطراد لكل المنظقة الممتدة ما بين الفرات إلى النيل، هو مشروع إحلال اليهود محل العرب». وبشأن بعض العرب الذين يحاولون تبرير العدوان الإسرائيلي بأنه نتيجة لاستفزازات حماس، ذكّرالأستاذ إياد البرغوثي مستعميه «بأن عدد من اغتالتهم (إسرائيل) خلال هدنة الستة أشهر في غزة يساوي عددهم في الضفة الغربية التي لم تنطلق منها رصاصة واحدة ضد الإسرائيليين. وأنه في ظل المفاوضات بين سلطة الحكم الذاتي، والسكون التام في الضفة الغربية، ونزع أسلحة المقاومة، فإن الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين والاستيطان خلال 2008 قد فاق كل السنوات الماضية».

وقال بنبرة حزينة: «هل تعرفون أن (إسرائيل) هي التي تحدد من توافق على استقباله أو التفاوض معه من الفسطينيين بما في ذلك وفد الرئاسة والذي يوقف على الحواجز الإسرائيلية».

لذلك، فإن دولة قامت على المجازر تستمر وتتوسع بالمجازر، ودولة «إسرائيل» إلى جانب الولايات المتحدة، تخرق دوما كل المحرمات وتفلت من العقاب لأنها متأكدة من حماية الولايات المتحدة والغرب لها. من هنا، فإن تكرار العرب سواء رسميين أو أهليين لمقولة «الشرعية الدولية» و»قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة»، وغيرها لا فائدة منه، لأنه على امتداد أكثر من 60 عاما أي منذ قيام دولة «إسرائيل» على حطام فلسطين في 1948 وتوسعها لاحقا على الأرض العربية، لم تنفذ ولن تنفذ قرارا للشرعية الدولية والأمم المتحدة منذ قرار التقسيم 181 وانتهاء بقراري 224 و338، تبعا لأية آلية، المبادرة العربية أو الرباعية أو أنابوليس أو غيرها. فالمخطط الإسرائيلي بالتهويد والقضم والتوسع التدريجي من خلال الحروب المتتالية سيستمر، ولتستمر الأوهام العربية بتسوية عادلة ودائمة ودولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعودة الجولان كاملا، وقبول «إسرائيل» بالعيش بسلام مع جيرانها العرب، إلى آخر المعزوفة التي عشنا على أنغامها طوال 61 عاما وسنعيش على أنغامها عقودا مقبلة.

إن ما يمكّن «إسرائيل» ومن خلفها الغرب من فرض حقائق جديدة على الأرض كل يوم لصالح «إسرائيل»، وليّ ذراع الشرعية الدولية، والأمم المتحدة وتفسير القانون الدولي لصالحها، أو عدم الانصياع له، هو الوضع العربي الرسمي والأهلي معا.

الوضع العربي الرسمي أضحى معروفا ومتواطئا بأغلبه مع «إسرائيل». لكن آخر المضحكات المبكيات هو ما سمعناه من مسئولين عرب كبار بضرورة تعزيز الاعتدال العربي، والتصدي للذين يحاولون التأييس من الحل السلمي المزعوم ومسيرة السلام المزعومة، والترويج مجددا لمبادرة السلام العربية، في ضوء الترحيب الإسرائيلي والأميركي المخادع بها. مضى على المبادرة سبع سنوات وهي مجحفة بحق الفلسطينيين والعرب، وعلى رغم ذلك لم تنفذها «إسرائيل» ولم تضغط الولايات المتحدة لتنفيذها. حكومة اليكود المقبلة برئاسة نتنياهو ترفض المبادرة أصلا، وأميركا أوباما تقول لابد من إدخال تعديلات عليها في ضوء الملاحظات الإسرائيلية. فأبشروا بتنازلات جديدة للنظام العربي الرسمي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً