العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ

مصطلحات التسعينيات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عمل المنظمات الحقوقية الكبرى، مثل منظمة العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش»، لا يعجب الحكومات بمختلف أشكالها، كما أن عملها بالتأكيد لا يعجب من لم يؤمن أساسا بحقوق الإنسان... مع ذلك، فإن هذه المنظمات تصدر بياناتها وتجري اتصالاتها ولها نفوذ على المستوى الدولي، في الإعلام وفي مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وفي كل مكان.

وعليه، فليس مستغربا أن نرى بعض ردود الأفعال بشأن بيان منظمة العفو الدولية الصادر بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني 2009. البيان احتوى على سبع فقرات وهذه الفقرات أخبرتنا بصورة تسلسلية أن المنظمة بعثت برسالة إلى الحكومة عبرت فيها عن قلقها البالغ بشأن الاستمرار في احتجاز الأشخاص الذين بثت اعترافاتهم تلفزيونيا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ثم تحدث البيان عن اعتقال الناشطين الثلاثة، وشرحت الاتهامات التي وجهت إليهم، ثم أوردت ما قاله المحامون بشأن ربط اتهام الثلاثة بالاعترافات المتلفزة لما عرف بـ«متهمي الحجيرة». بعدها تحدث البيان عن رسالة بعثتها «العفو الدولية» إلى وزير الداخلية طالبت فيها «بإجراء تحقيق عاجل ومستقل» في ادعاءات تعرض «متهمي الحجيرة» لانتهاكات. ثم قال بيان منظمة العفو الدولية إن بث الاعترافات تلفزيونيا قد أضر بصورة مباشرة بمبدأ «براءة المتهم قبل الإدانة»، كما أن البث سيخل بالأجواء المطلوبة للمحاكمة العادلة، وسيتطلب الأمر تقصي الظروف التي تعرّض لها المتهمون قبل بث الاعترافات.

الفقرة الأخيرة للبيان جاء فيها: «كما طلبت معرفة أسباب استمرار احتجاز مشيمع والمقداد»، وقالت إن كان احتجازهما فقط بسبب أنشطة سياسية غير عنيفة، بما فيها انتقادات للحكومة، فإنها ستنظر إليهما على أساس أنهما سجناء رأي وتدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهما.

لقد مررنا بكل هذه المصطلحات فيما مضى... ففي ميدان حقوق الإنسان، فإن تعريف منظمة العفو الدولية ينتقل من مصطلح «سجناء الرأي» إلى مصطلح «المعتقل السياسي» إذا أدين الشخص بالعنف، على أن تقتنع المنظمة بأن المحكمة تمت في أجواء عادلة، وهذا الرأي تبديه المنظمة باستمرار بشأن أية محاكمات تهتم بها.

طوال التسعينيات من القرن الماضي كانت منظمة العفو الدولية تصدر البيانات، وتعلن أنها لن تتوقف إلا إذا سمح لها بحضور المحاكمات وزيارة السجون. ولكن الحكومة كانت ترفض حينها دخول «العفو الدولية»، وبدلا من ذلك سمحت إلى «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» أن تزور البحرين في 1997، شريطة أن لا يتم نشر التقارير لأي طرف غير الحكومة، وأن تستخدم اللجنة الدولية مصطلحا للمعتقلين يقبل به الطرفان، ولذلك استخدمت لجنة الصليب الأحمر حينها مصطلح «محتجزون لأسباب أمنية». وفي حين حافظت اللجنة على معايير السرية بشأن النتائج التي توصلت إليها، قالت إنها تفحصت في 1997 أحوال 2111 «محتجز أمني» في 23 سجنا في مختلف أنحاء البحرين.

بعيدا عن مصطلحات «منظمة العفو الدولية» أو «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» التي فرضت نفسها علينا في حقبة سابقة... هل فعلا نود أن تعود البحرين إلى تلك الأجواء التسعينية؟ إن الجهود المخلصة التي بذلت من أجل إصلاح العلاقات بين مختلف الفئات المجتمعية، وبين المجتمع والدولة بإمكانها أن تنجح في إبعادنا عن تلك الأجواء، ذلك لأن الأكثرية الساحقة من مختلف الفئات لا تود العودة إلى ما جرى في التسعينيات.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2343 - الثلثاء 03 فبراير 2009م الموافق 07 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً