ردة فعل الحكومة العراقية على إسقاط التهم عن المجرمين الخمسة الذين قتلوا أربعة عشر عراقيا كان مضحكا ومخزيا في الوقت نفسه، لكنه غير مستغرب في كل الأحوال!
الأميركان هم الذين أعطوا كل الصلاحيات لأفراد هذه المؤسسة التي يعمل أفرادها مرتزقة لمن يدفع، ومنحوهم حصانة خاصة مهما ارتكبوا من جرائم، فهل يتوقع أحد أن حكومة أميركا ستحاسبهم على جرائمهم؟!
والأميركان هم الذين جاؤوا برؤوس الحكومة العراقية، ومكنوهم من رقاب المستضعفين، ووعدوهم بالحماية والمساعدة، فهل يتوقع أحد أن يفكر هؤلاء بمحاسبة هذه الحكومة التي صنعتهم؟!
في أول رد فعل عراقي رسمي على قرار القاضي الأميركي إسقاط التهم كلها عن الجناة الخمسة - فقتل أربعة عشر عراقيا لا يعد جريمة لأنه (كما يبدو) لا يعتبر أن العراقيين من البشر مثل غيرهم من سائر الناس، قال الناطق باسم الحكومة العراقية السيد علي الدباغ: «تم الإيعاز لوزارة الخارجية باتخاذ كل الإجراءات الفورية والعاجلة من أجل البدء في إثارة القضية».
إذا هناك تحرك سريع جدا للإثارة فقط،! وأوضح الناطق باسم الحكومة أن أمام حكومته خيارين: أما رفع دعوى جديدة أو استئناف الحكم، ويبدو حين صرح بهذا القول لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية لم تكن حكومته قد حددت خيارها المفضل.
المثير للريبة - في ظل هذه الحكومة - أنها طلبت من كل المواطنين الذين رفعوا دعاوى ضد الشركة القاتلة أو الذين يفكرون في رفع دعاوى مستقبلا عن طريق محامين أن يتوقفوا عن ذلك لكي لا يستغلهم هؤلاء المحامون!، أرأيتم شدة حرص هذه الحكومة على مصلحة العراقيين؟!
وكأن هؤلاء المحامين وحدهم هم من يستغل أبناء العراق... هذا إذا ثبت أنهم فعلوا ذلك؟!
ولكن أين البديل؟! تقول حكومة نوري المالكي الى الضحايا وأهاليهم: اذهبوا إلى محامي الحكومة العراقية فهو الأقدر على أخذ حقوقكم»!
ربما هنا نسيت الحكومة أنها عاجزة عن أخذ حقوقها، فكيف تستطيع أخذ حقوق غيرها؟! لكن الأرجح عندي أن حكومة بغداد لا تريد من العراقيين المتضررين أن يتسببوا بأي إزعاج للسادة العظام، فقالت تلك النكتة السمجة!
وليت حكومة بغداد توقفت عند هذا الحد من إطلاق التصريحات المضحكة، بل أنها تمادت كثيرا فطلبت من كل عراقي تضرر نفسيا أو فقد قريبا أو بعض ممتلكاته أن يبادر بالاتصال - أيضا - بمحامي الحكومة لكي يأخذ حقه من الأميركان وشركاتهم!
ولو أن العراقيين صدقوا حكومتهم، لما بقي عراقي إلا واتجه إلى المحامي البطل لكي يأخذ حقه! هل هناك عراقي لم يصب بصدمة نفسية أو لم يقتل له قريب أو يفقد بعض ممتلكاته؟!
مرة أخرى... يبدو أن حكومة بغداد تناست هذه الحقيقة أو أنها أرادت من العراقيين التوجه لمحاميها ليقبر كل طلباتهم لكي تهدأ خواطر السادة!
أفراد كثيرون من هذه الشركة الأميركية قتلوا، واغتصبوا، وأحرقوا، وكأن شيئا لم يكن!
الجيش الأميركي قتل الآلاف، وهدم منازلهم، واغتصب ثرواتهم... حدث كل ذلك وكأن شيئا لم يكن لأنهم يعرفون طيبة الحكومة العراقية، الحالية والتي سبقتها!
السادة لا يحاسبون! وحدهم العبيد هم الذين يؤخذ على أيديهم بل وأرجلهم!
السادة يقتلون باستمرار بأيدي جنودهم أو بطائراتهم، وعندما يعرفون - وقلما يعرفون - أن قتلاهم أبرياء يقولون: أخطأنا وسنحاول أن لا نكرر هذا الخطأ لاحقا!
أرأيتم أطيب أخلاقا منهم؟!
يفعلون ذلك في العراق وأفغانستان وباكستان ولا يهتز لهم جفن، لأنهم ببساطة يعتبرون أنفسهم سادة لا يجرؤ الآخرون على مجرد التفكير في محاسبتهم؟!
الرئيس الأفغاني حامد كرازاي بحت حنجرته من كثرة رجائه أن لا يقتلوا الأفغان ولكن من دون جدوى! والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري - الذي انضم للقافلة - قتلوا من شعبه الكثيرين، حاول أن يستعطفهم للتوقف لكنهم لم يقيموا له وزنا!
هل تتوقع الحكومة العراقية أن تحصل على شيء من الأميركان؟!
بل - بالفصيح - هل يفكر - أو يجرؤ - على مطالبتهم بأي شيء!
أخيرا... القوي يحتقر الضعيف... وما لم يكن هناك مقاومة جادة فلن يتوقف الأميركان عن ارتكاب الجرائم في كل مكان فهل يفقه الناطق بإسم حكومة بغداد علي الدباغ والآخرون هذه الحقيقة؟!
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2685 - الإثنين 11 يناير 2010م الموافق 25 محرم 1431هـ
الحقد يعمي
عندي لك سؤال لو كان الحادث وقع في بلدك السعودية يا ترى ولاة الأمر ماالذي سيفعلونه هل سيعلنون الحرب على أمريكا؟؟؟
أرجوا من الكاتب أن يكون منصفا وبقيس الأمور منظار الواقعية .