العدد 2683 - السبت 09 يناير 2010م الموافق 23 محرم 1431هـ

تبعات تاريخية سلبية غير مبررة بين «وعد» و«المنبر الديمقراطي»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما إن أعلن مؤتمر جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» الاستثنائي موافقته على المشاركة في انتخابات 2010، حتى انطلقت موجة من النقاشات الساخنة توزعت على محورين أساسيين: الأول هو تلك النقاشات التي ماتزال تسود صفوف «وعد» وأنصارها من جهة، والتي انصبت أساسا على برنامج «وعد» السياسي والتنظيمي في تلك الانتخابات، وتكتيكاتها الصحيحة التي ينبغي التمسك بها والتي يجب أن تحكم سياساتها، في حال وصول أي من مرشحيها إلى قبة البرلمان، وهي نقاشات حيوية وتحتاج لها «وعد» كي تشكل صمامات أمانها التي تحميها من الاندفاع غير المتأني والمدروس في آن، وهي تخوض غمار تجربة العمل البرلماني المعقدة.

أما الثاني فهو مصير العلاقات المقبلة المطلوب التوصل لها، ووضع الصياغات المناسبة لها، في نطاق التنسيق بين الأطراف التي تتشكل منها جبهة التيار الوطني الديمقراطي، بغض النظر عن صلابة تماسك أو هلامية تلك الجبهة، على الصعيدين السياسي والتنظيمي.

وعند الحديث عن النواة المنظمة (بفتح الظاء) التي بوسعها أن تنبري للبدء في التأسيس لتشكيلة وطنية ديمقراطية في البحرين، فالمقصود بذلك التنظيمات الثلاثة المؤطرة والتي هي: «وعد» و»المنبر الديمقراطي» و»التجمع القومي». لكن غالبا، وهو ما يحز في نفس المواطن، ما تصدم نقاشات المحور الثاني بعقبة «البرود» السياسي، و»الجفوة» التنظيمية اللذين لايزالان يحكمان خطوات الطرفين الرئيسيين في تلك النواة، وهما «وعد» و»المنبر الديمقراطي»، ويقفان عقبة كأداء في وجه المساعي الطيبة التي يقوم بها البعض ممن لم ينتسبوا لأي منهما من أجل التقريب في وجهات النظر.

ومحصلة ذلك أن اكتواء الجميع بألسنة نار ذلك التباين في الرأي، لكي لا نقول الخلاف، بينهما، سواء من انتسب للتنظيمين المذكورين، أو كان خارج أطرهما الرسمية. والتفسير المنطقي الوحيد لهذه الحالة غير الطبيعية، وغير المقبولة سياسيا، هي تلك التركة التي تستمد جذورها من الخلفية التاريخية لهما، حيث خرجت «وعد» من رحم الجبهة الشعبية في البحرين، في حين انطلق «المنبر» من أحشاء جبهة التحرير الوطني.

وبغض النظر عن مساعي الطرفين للانسلاخ من جلديهما، لكن، وكما يبدو، فإن قيود التركة أقوى من حسن نوايا الطرفين، وكوكبة الأنصار المحيطة بهما.

ولعل أكبر خطأ يمكن أن يرتكبه أي منهما هو أن يخضع العلاقات الاستراتيجية الطويلة المدى للتعاون بينهما، في إطار التنسيق للمرحلة الانتخابية المحدودة زمنيا بنتائجها وتنظيميا بحملاتها، وسياسيا بالقوى المشاركة فيها.

المدخل الصحيح والقابل للصمود والاستمرار، بغض النظر عن احتمالات تغير الظروف السياسية المحيطة بهما، بما في ذلك احتمال حل البرلمان أو تقليص هوامش الحريات المتاحة اليوم، هو التوصل إلى إطار عمل سياسي واسع ومتعدد الأوجه، تشكل الانتخابات بكل تشعباتها النظرية وتحالفاتها السياسية وأطرها التنظيمية التي تفرزها، إحدى مكوناته المهمة، لكنها ليست الرئيسية على الإطلاق.

نظرة موضوعية متأنية ومحايدة وغير منغمسة في تفاصيل العمل اليومي لكلا التنظيمين، ستقف مدهوشة عن عجز التنظيمين في الوصول إلى الحد الأدنى المطلوب من أشكال التنسيق والتعاون البعيد عن المجاملات السياسية غير المجدية على الصعيد العملي، والمتجاوزة للأشكال التجميلية القائمة اليوم، والتي يقيمها، كل منهما على حدة مع أي من التنظيمات الأخرى.

ليس القصد هنا الوقوع في أسر نظرة سوداوية عدمية غير قادرة على رؤية بعض التطور الذي يحدث هنا أو هناك، لكنه يبقى حالات عفوية لا يعول عليها عند الحديث عن التأسيس لتيار متماسك بين يديه رؤوس واضحة، ويقوم على علاقات راسخة.

ولا يحتاج المرء إلى الكثير من الذكاء أو الخبرة السياسية، كي يتوصل إلى الحقيقة التي تقول إن «وعد» و»المنبر الديمقراطي»، هما اللتان تتحملان سوية مسئولية وصول الحركة الديمقراطية الوطنية إلى وضعها «المأساوي» الذي هي عليه اليوم.

وبغض النظر عن التبريرات التي يسوقها أي منهما أو كلاهما معا، فليس هناك ما يسمح لهما الاحتفاظ بالمساحة التي تفصلهما عن بعضهما البعض، كما هي حالتهما اليوم، والتي بدورها تهيئ الأرض الخصبة للتباعد بين التنظيمين، والتربة الملائمة لنمو الطحالب المضرة بهما، وبشكل تلقائي على التيار الوطني الديمقراطي ذي العلاقة، من بعيد أو قريب، منهما.

التنسيق والتعاون المطلوبان هنا، يتجاوزان الأشكال القائمة اليوم كافة، والتي يتمحور جلها في بيان سياسي مشترك هنا حول القضية الفلسطينية، أو مسيرة مشتركة هناك لتأييد «صمود غزة»، أو اعتصام محدود للتصدي لقضية طارئة نالت إجماع القوى السياسية كافة مثل شجب الزيادة في أسعار البنزين.

الحديث هنا ينصب على الاتفاق على برنامج عمل وطني ديمقراطي عريض يستقطب القوى الديمقراطية الصاعدة ويدافع عن مصالحها، دون أن يستعدي الأطراف السياسية الأخرى، وفي مقدمتهم قوى الإسلام السياسي التي لا تحمل أي موقف عدائي من الاتجاه الديمقراطي.

ربما تكون المهمة شاقة، وقد ينبري من يقول إنها تحتاج إلى شيء من التريث، وتتطلب بعض التفكر، لكن ما ينبغي أن يدركه الاثنان، هو أن الحالة السياسية القائمة، تفتقد إلى ذلك التيار الذي نتحدث عنه، وأن الوقت بقدر ما هو في غير صالح «وعد» و»المنبر الديمقراطي» على حد سواء، فإنه في الوقت ذاته، يقف إلى جانب كل من يريد لهذا التيار أن يستمر ممزقا سياسيا، ومتشرذما تنظيميا، فليس هناك سلاح أمضى عند شن حرب على جهة معينة من تمزيق أوصالها، وزرع الشقاق في صفوفها، قبل إعلان الحرب عليها.

ولربما آن الأوان كي يستمع التنظيمان إلى صوت المنطق والحاضر القائم، وينفضان عن نفسيهما سوية أثواب تركة ثقيلة لم يعد هناك ما يبرر استمرار حملها على ظهر أي منهما، فما بالك كليهما. وما لم يحصل ذلك، سيبقى التيار الوطني الديمقراطي مثله كمثل «قنديل البحر»، لا يملك حق تحديد اتجاه مسيرته، التي يتحكم فيها موج البحر أو سرعة الرياح التي تهب عليه

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2683 - السبت 09 يناير 2010م الموافق 23 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:15 ص

      في السبعينات

      كنت احد طرفي هذا النزاع وللاسف لم اتوقع ان هذا النزاع اذا صح التعبير موجود الى يومنا هذا واذا كانت هذه الفجوة موجودة على شكلها السابق الله يعون الطرفين وختاما اتمنى الشفاء من هذا المرض العضال للطرفين بدواء ضد الانانية والزعامة ومضاد النرجسية

اقرأ ايضاً