العدد 2682 - الجمعة 08 يناير 2010م الموافق 22 محرم 1431هـ

ثمن الجلوس على السجّاد الإيراني

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الإثنين الماضي خبرا يقول بأن «شركات صينية متهمة ببيع تكنولوجيا صواريخ لإيران استطاعت الالتفاف حول الحظر التجاري الأميركي بشحن بضائع بملايين الدولارات من هذه الشركات للولايات المتحدة».

وأضافت الصحيفة (وطبقا لبيانات ويسكونسين للحدّ من الأسلحة غير التقليدية) بأن إحدى الشركات الصينية «قامت بحوالي 300 شحنة غير قانونية لشركات أميركية منذ الحظر المفروض على الشركة في منتصف 2006».

بطبيعة الحال فإن هذا «الاختراق» في السياج العقابي (الأميركي والدولي معا) على إيران هو نتيجة حتمية لطبيعة الاقتصاد العالمي الذي أصبح غير خاضع لمركزيّة جغرافية، أو لحدود معلومة الحواجز والمراقبة. فهو يبقى عالَما هلاميا أقرب إلى الافتراض منه إلى الفعليّة.

فالسوق الدولي (المُعَوْلَم) غير خاضع بالضرورة لقياسات السياسة الصارمة. فتكتّل الآسيان على سبيل المثال لا يلتفت كثيرا لما تفرضه الولايات المتحدة وأوروبا على دول في القارة العجوز (خُذ مثال اليابان مع نظام الحكم العسكري في ميانمار). وبالتالي تصبح القبضة في ذلك رخوة.

قبل أشهر قالت هيئة مساءلة الحكومة في الكونغرس الأميركي بأنها قدّرت عقود الطاقة التي أبرمتها الجمهورية الإسلامية مع القطاع الأجنبي في مجال الطاقة بـ 20 مليار دولار حتى نهاية العام 2007؛ وبالتالي فهي تُشكّك في «فاعلية العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ العام 1987 على إيران بتهمة التورط في الإرهاب».

بالتأكيد فإن العقوبات تُؤثّر على اقتصادات البلد كما جرى بالنسبة لليبيا وجنوب أفريقيا إبّان نظام الفصل العنصري وبعض الكيانات الأخرى. ولكن الدول تُدرك أيضا بأن موضوع العقوبات مرتبط بشكل وثيق بنواحي سياسية أخرى خارجة عن السيطرة، ومعتمدة على قوة ونفوذ الأنظمة.

فالبُلدان التي تعيش في محيط جغرافي تكون فيه قابضة على مخارج ومداخل التأثير السياسي والأمني، والقدرة على الالتفاف، وتحييد الخصوم الأقل خطرا وتجيير ذلك لصالح معارك أكبر، وامتلاك سلع القلّة تصبح العقوبات ذات تأثير ضعيف.

بل الأكثر من ذلك. فحين تُفرَص عقوبات على دولة ضمن كيان جغرافي ممتد يكون متجانسا في الهوية الثقافية والتاريخية ويُصبح فيه الخصوم ككتلة (صمّام) معادية بالنسبة لذلك المحيط حينها تصبح العقوبات مُهلهلَة وغير فاعلة أيضا.

لنأخذ كوبا مثالا. مضى الآن سبعة وأربعون عاما على العقوبات الأميركية على هذه الجزيرة الصغيرة. لكن الكوبيين بقوا نشطين في تصدير النيكل والسيجار والسكّر، ولم يُؤثّر عليهم سوى تقلبات سوق الطاقة والمعادن. واستمرّ تدفق أموال التحويل الكوبية من الخارج، كما بقيت السياحة نشطة.

وقد فتح النقاء البوليفاري للقارة اللاتينية الباب الاقتصادي أما كوبا والذي كان بالنسبة لها مروحة اقتصادية هامّة. فظهرت البرازيل وفنزويلا والأكوادور والأرجنتين. فكان استحضار لعامل نشاط الهوية البوليفاريّة الممتدة حتى غور التاريخ حيث سيمون بوليفار إي بالاسيوس.

كذلك تلعب الوسائط الاقتصادية دورا في «تدوير» زوايا المحظور وغير المحظور في عملية التداول العالمي. فقد تمرّ السلع عبر أكثر من وسيط لكي تتحاشى العقوبات، لكنها في النهاية تُحقّق هدف العبور وتخترق جدار الممنوع حتى تصل إلى موطن العقوبات ذاتها.

لك أن تتخيّل أن إيران تُصدّر 98 في المئة من سجادها اليدوي إلى خمسة وعشرين بلدا. 45 في المئة منه يذهب إلى بلدين فقط، هما الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا، وهما البلدان اللذان ما فَتِآ يُوقعان على عقوبات متوالية. كذلك الحال بالنسبة لبقية السلع كالكافيار والفستق والنفط الخام.

أمر آخر يجب الالتفات إليه. وهو أن الدول الكبرى وحين تقوم بفرض عقوبات على إيران فإن تقوم بعملية تبادل للمنافع. بمعنى أن الصين تطلب استثناء في مجالات اقتصادية محدّدة لأنها متورّطة في اتفاقات وصفقات ملياريّة مع الإيرانيين.

وكذلك الحال بالنسبة للألمان الذين لا يريدون لأربعة عشر ألف شركة ومؤسسة ألمانية لديها عقود تجارية مع طهران أن تتضرّر. وهو حال روسيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا اللتان باتتا تعتمدان كثيرا على الطاقة الإيرانية.

في المحصلة فإن العقوبات تؤلم لكنها لا تستطيع أن تجعل الأنظمة السياسية عرجاء أو كسيحة أو مُعطّلة الأنشطة. كما أن ذلك الألم قد يُبادله ألم مضاد إذا ما تحيّنت الدول المستهدفة خصمها في أدغال السياسة الضيقة.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2682 - الجمعة 08 يناير 2010م الموافق 22 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:51 ص

      شهرزاد

      يقول الايرانيون ان عشر خيرات العالم في بلادهم ولا يستطيع العالم التخلي عن احتياجهم لايران

    • زائر 1 | 2:19 ص

      الذكاء الايراني والحنكة السياسية- ام محمود

      صدقت في هذه العبارة (أن موضوع العقوبات مرتبط بشكل وثيق بنواحي سياسية أخرى خارجة عن السيطرة، ومعتمدة على قوة ونفوذ الأنظمة) بالرغم من الحصار الطويل الا انه زاد الجمهورية الاسلامية قوة وتألقاً وقفزت قفزات واسعة في جميع المجالات خاصة صناعة الأسلحة والصواريخ والعقود مع كبرى الشركات الأجنبية لن تستطيع أن تتوقف أو تلغى ويبقى حصار مع وقف التنفيذ أو شكلي ولكن بالنسبة للعرب فانه قاتل وتذكروا حصار العراق وموت ملايين الأطفال بسبب نقص الأدوية وصدام كان يتمتع في القصور والبذخ والشعب والبنية التحتية دمر.

اقرأ ايضاً