قال ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال لقاء أجرته قناة «العربية» الفضائية: «إن في البحرين قيادة قادرة على تحقيق التوازن رغم كل الصعوبات بالروح الإنسانية البحرينية وبالتسامح والأخلاق الدينية». وتطرق سموه خلال اللقاء الذي أجرته معه الإعلامية جزيل خوري إلى الكثير من المسائل التي تتصل بالتحول الديمقراطي وبعملية الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وتطلعات البحرين المستقبلية إلى جانب مواضيع أخرى تتعلق بالوضع العربي الراهن. وأوضح سموه «كل الفرص مفتوحة للجميع ولكن العدالة تعني أشياء أخرى، وهي نظام قضائي ممتاز، وفرص معيشية كريمة من ناحية الإسكان والصحة والتعليم، فالفرص يجب أن تكون متكافئة». وعن تأثير الأزمة الاقتصادية على البحرين قال: «إن الاقتصاد البحريني لم يتعرض للكساد أو التراجع في النمو الاقتصادي، وإن ما يحدث ما هو إلا انخفاض في النسبة». وقال سموه: «إن ما يثار عن التجنيس للسنة في البحرين هو إشاعات مبالغ فيها، لا توجد دولة قادرة على الاستغناء عن التجنيس بحكم احتياجاتها». وبشأن التطبيع مع «إسرائيل» أوضح «لم نصل بعد إلى هذا الجسر لنعبره»، مضيفاً «نحن معترفون وملتزمون بالشرعية الدولية وبخلق دولتين جنباً إلى جنب». وعن الوضع الإيراني قال: «نحن نتمنى الأمان والاستقرار لكل جيراننا، ونؤكد مرة ثانية أن العلاقة التي نسميها حسن الجوار تتطلب منا أن نبني علاقات ونحاول أن نساعد إذا طلب منا، لكن الوضع يكون غير مريح لو صارت مزايدات على ما يحدث». وعلى صعيد الوضع السعودي أوضح أن «السعودية لها كامل الحق في الدفاع عن أراضيها، وهذا يعني حقاً مشروعاً من الأمم المتحدة. نحن عندما سمعنا عن المتسللين والمشكلة الأمنية التي سببوها كنا نحن مستعدين أن نذهب ونشارك معهم».

مستعدون للمشاركة مع السعودية في مواجهة المتسللين ... سمو ولي العهد في لقاء مع «العربية»:

نظامنا للتجنيس ليس معصوماً من الخطأ... والأولى أن نعيد النظر في سياستنا

المنامة - بنا

أجرت قناة «العربية» الفضائية لقاء مع ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وتطرق سموه خلال اللقاء الذي أجرته معه الإعلامية جزيل خوري إلى العديد من المسائل التي تتصل بالتحول الديمقراطي وبعملية الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها مملكة البحرين وتطلعات سموه المستقبلية إلى جانب مواضيع أخرى تتعلق بالوضع العربي الراهن. وفيما يأتي نص المقابلة:

قبل 4 سنوات وفي إحدى الندوات للمنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت برزت شخصية خليجية شابة في ورقة سياسية اقتصادية كانت محوراً لنقاشات حادة وطويلة في أروقة المؤتمر. هذه الشخصية التي كان لي شرف التعرف عليها هي ولي عهد البحرين سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. سمو الأمير... أنتم في مقابلة خاصة على شاشة «العربية» من العاصمة البحرينية المنامة. أنا أردت أن أقول الحادثة لأنها حقيقة قد عملت نقاشاً حاداً بين مؤيد ومعارض لما طرحتم من أفكار، نلتقي اليوم بعد أربع سنوات نناقش بعض محاور ما دار حول الإصلاحات الاقتصادية، وتصريحات سمو الأمير في الـ «واشنطن بوست» وخاصة ما يتعلق بفلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، ولكن سأبدأ بالبحرين...

سمو الأمير، ما هي وظيفة ولي العهد في مملكة البحرين؟

- في مملكة البحرين دوري أنا كولي للعهد هو دور إسناد لجلالة الملك الوالد، وأنا أتشرف بهذا الدور، وكلفني جلالة الملك حفظه الله ورعاه برئاسة مجلس التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين، وأن أكون نائبا لجلالته للقوات المسلحة، فهذه أهم واجباتي في الوقت الحالي.

معروف عنك في العالم العربي انك القائد الاقتصادي لهذه المملكة، بصفتك رئيس مجلس التنمية الاقتصادي الذي تطرق كثيرا إلى التنمية الاقتصادية ورؤية البحرين الاقتصادية 2030، وبعد هذه المسيرة... هل بإمكاننا القول إن هناك خطوات مهمة وتطور ملموس على هذا الصعيد أم أن هذه الخطط بقيت فقط على الورق؟

- لا... طبعاً المسيرة الاقتصادية في مملكة البحرين لم تبدأ بي، بل بدأت بجهود كثيرة من مسئولين سبقونا في هذه المسئولية، ولازم علينا ان نذكر فقيدنا الراحل الوالد الشيخ عيسى بن سلمان الذي اسس الدولة الحديثة وبمؤازرة كبيرة في ذلك من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء، اذ ان بناء البحرين بدأ مباشرة من بعد الاستقلال، ولما تقلدت هذه المسئولية اليوم وجدت قاعدة قوية فبنيت عليها.

ما هي أهم الإنجازات التي تحققت في هذه الفترة.. في هاتين السنتين كيف نستطيع أن نحس بأن هناك شيئاً قد تغير؟

- إذا اردنا ان نتحدث عن الرؤية لابد من التعرف على مبادئ الرؤية، حيث مبادئ الرؤية الاساسية ترتكز على ان كل خطواتنا تعتمد عليها وهي تعتمد على ثلاثة عناصر يجب ان نكرسها لدى كل مواطن ومسئول اولهم التنافسية. وهذا من عقيدتنا وايماننا ان التنافس هو الذي اوصل الناس الى انتاجية اكثر والى ابتكار اكثر (يعني ميزان رأسمالي حر)، نعم حر ولكن ضمن القيود التي تضمن المبدأ. وثاني هذه العناصر واهمها هو عنصر العدالة، لأن التنافس دون عدالة يمكن أن يؤدي الى فروقات كبيرة في المستوى المعيشي أو في الحقوق.

سمو الأمير، العدالة يعني أن الكل لهم الحظ أو الفرصة أن يتنافسوا...؟

- كل الفرص مفتوحة للجميع ولكن العدالة تعني أشياء اخرى، وهي نظام قضائي ممتاز، وفرص معيشية كريمة من ناحية الاسكان والصحة والتعليم، فالفرص يجب ان تكون متكافئة. والمبدأ الثالث او العنصر الثالث هو الاستدامة، اذا كنا اليوم نعتمد على الطفرة النفطية فإننا غداً لن نستطيع الاستمرار، ومثال على ذلك اذا اردنا ان نتحدث عن الاستدامة لابد ان نتحسس ذوي الحاجة الفعلية الذين يجب ان يحصلوا على الدعم المطلوب والعمل على مساعدتهم اما اذا ذهب هذا الدعم كما في بعض الدول الى الغني والفقير على قدم المساواة فهذا يعني ان حصة الاسد من الدعم تذهب للاغنياء وليس للفقراء.

هذه نوع من الاشتراكية...؟

- لا أبداً.

هذا يعني اشبه بالضريبة الاقتصادية اذ ان الغني يدفع ضريبة اكثر بكثير من الفقير، والفقير يأخذها كدعم وليست ضريبة.. انا قلت ميزان اشتراكي ولكن يشبه المنطق في انه يدعم الفقير كي يستطيع ان يكون متساوياً بالفرص – أي بهذا المعنى...

- الرأسمالية طبعاً، لكن الرأسمالية التي ليست لها أية ضوابط أو حدود ليست بالرأسمالية.

هذا الذي أنقذ البحرين في الأزمة الاقتصادية العالمية؟

- إلى حد كبير.

ماهي نسبة تأثير الأزمة الاقتصادية على البحرين؟

- إذا اعتمدنا النمو الاقتصادي كمعيار مهم فإننا نقول: كان النمو الاقتصادي في المملكة بين سبعة الى ثمانية في المئة، بينما نتوقع ان نسجل نمواً بين ثلاثة الى اربعة في المئة، وان الاقتصاد البحريني لم يتعرض للكساد او الترجع في النمو الاقتصادي، وان ما يحدث ما هو الا انخفاض في النسبة.

وماذا عن المصارف وانزعاجها؟

- أعتقد ان مؤسسات القطاع الخاص عليها ان تتعامل مع هذه الأزمة وفقا لإدارتها ومهاراتها.

سمو الأمير تقول عصر النفط انتهى، ما الذي كنتم ترمون إليه سموكم؟

- لابد ان نؤسس اقتصاديات مبنية على عناصر متعددة وغير معتمدة على عنصر واحد هو النفط، فيجب علينا كمسئولين ان نبني اقتصادا لمواطنينا، قادرا على ان يقدم لهم الحياة الكريمة، يعني اهم مبدأ في الرؤية 2030 هو ان المواطن هو المحور الاساسي للتنمية، اذ يجب علينا ان نخلق منظومة اقتصادية بناءة تخدم هذا المواطن وتجنب بلدنا ومواطنينا الازمات وتعمل على تدعيم استقراره وتلبية احتياجاته.

هل لأنكم في البحرين أقل ثراء من الدول المحيطة؟

- لا، ان عدم وجود ثروة كبيرة لدينا قد يسبب مشكلة اكبر، ولكن هذا ليس هو وجه المقارنة، ولا اعتقد ان المقارنة بيننا يجب ان تكون على هذا المستوى، اذ اننا في مملكة البحرين اعتدنا على مستوى دخل معين ونبني على ما بأيدينا، ونحن لا ننظر الى جيراننا حقيقة ولكن ننظر بما حبانا الله به من الخير، فبنينا عليه وانشاء الله سوف نبني عليه اكثر.

سمو الأمير في تقرير طويل بـ «لوموند دبلوماتيك» عن البحرين، عن اهميتها الاقتصادية يقول التقرير ان البحرين حاولت في نظامها المصرفي ان تكون مكان بيروت التي عرفت بنظام مصرفي حقيقي، ولكن البحرين لديها مشكلة قوية هي البطالة والفقر، وهناك الكثير من التقاريربهذا الموضوع؟

- البطالة الآن قليلة جداً، يعني تطلعنا للتعامل مع هذا الواقع والعمل على حله وهذا من انجازاتنا الكبيرة، والحقيقه اننا في مجلس التنمية الاقتصادية وبتوجيه من جلالة الملك شخصيا وحين البدء في البرنامج الاصلاح الاقتصادي فى بداية الالفية وجدنا انه على رغم النمو الاقتصادي الكبير كان الاعتماد كليا على القطاع العام للتوظيف، لذلك قمنا بتنشيط القطاع الخاص ودعمه ليأخذ مكانته الصحيحة في المعادلة بسياسات كانت الداعمة للتدريب، وبالمتابعة من قبل الجهات المسئولة في هذا القطاع استطعنا ان نوظف الشباب الذين كانوا يواجهون صعوبات في الحصول على عمل، ويمكن ان نقول الآن اننا مسرورون بالنتائج، ولابد من الاستمرار على هذا النحو.

سمو الأمير، الأرقام تشير إلى ان الرواتب تتراوح بين 300 دينار او 200 كحد أدنى؟

- حين أمر جلالة الملك حفظه الله ورعاه بمشروع الإصلاح الاقتصادي كانت الرواتب لا تتجاوز 110 دنانير، اي اننا حققنا تقدما نوعيا.

سموكم تعتبر أن مملكة البحرين في حلها لمشكلة البطالة تتقدم تقدما كبيراً؟

- أنا اعتبر أنه تقدم كبير وإنجاز، الحقيقة اننا استطعنا التعامل مع هذا الواقع تعاملاً جيداً.

سمو الأمير، هل لسموكم أن تحدثنا عن هذا الموضوع بشيء من التفصيل؟

- نعم، ان المؤشر المهم هو النمو الاقتصادي، ومنذ ان استلمنا مسئوليات مجلس التنمية الاقتصادية ضاعفنا نسبة النمو الاقتصادي، وهذا إنجاز انا فخور به، شاكرأً لجميع من دعمنا في هذه المسيرة المباركة لأنه في نهاية الأمر المواطن البحريني هو المحور الاساسي لأي برنامج تنموي. لقد استطعنا ترتيب عملية الإشراف على القطاع المصرفي والمالي وحررنا سوق الاتصالات ووفرنا خدمات بأسعار أقل وبنوعية متعددة أكثر وتقنية عالية، واستطعنا أن نجذب إلى البحرين استثمارات كبيرة في مجال القطاع البنكي والتأمين وفي بعض الصناعات المرتبطة بقطاع الألومنيوم، واستطعنا ان نخصص الميناء الجديد ميناء خليفة الذي تم افتتاحه مؤخرا والآن بصدد ربطه مع منظومة الجسر والمطار، وبدأنا بمشروع شامل وأوجدنا صندوق العمل «تمكين» برأس مال 100 مليون دينار لدعم المواطن البحرينى في التدريب، واستطعنا أن ندشن برنامجاً شاملاً لتطوير التعليم في المملكة مبنياً على خمسة محاور، وخلقنا جهازاً مستقلاً للرقابة على المدارس، وأسسنا «بوليتكنيك» جديد وهي جامعة مهنية خاصة، ودشنا برنامجاً لإصلاح المدارس الثانوية من ناحية إمكانيات وأساليب التعليم داخل المدارس، وأسسنا كلية للمعلمين، ورتبنا اوضاع جامعة البحرين. فهذه هي المحاور الخمسة. استطعنا ان ننطلق بها باسم التنمية الاقتصادية لأن أي شعب متعلم هو شعب منتج.

سمو الأمير كيف تتواصل مع الناس والشعب؟

- بالزيارات لمجالس الناس والمشاركة معهم في الأفراح والأحزان، وهذه عاداتنا وتقاليدينا.

سمو الأمير، انت راض عن الديمقراطية في البحرين؟

- نحن راضون تماماً عن إنجازنا الديمقراطي.

سمو الأمير، من الذي يشرّع ويقر القوانين؛ المجلس المعين او المجلس المنتخب؟ وخاصة ان للبحرين مجلسين شورى ونواب؟

- هو الحقيقة ان للمجلسين آلية النظر في القوانين وتسيير العملية التشريعية على هذا النحو، وهناك تعاون كبير بين المجلس الوطني بغرفتيه الشورى والنواب، فالكل له حقوق في هذا المجال في تمرير القوانين. لو صار خلاف بين الاثنين يجتمعون ويصوتون جميعاً.

في الأمور الكبيرة كالتطبيع مع «إسرائيل» مثلاً من يقرر؟

- نحن لم نصل بعد إلى هذا الجسر لنعبره، لكن الأمور السيادية كالدفاع والخارجية لها خصوصيات للقرارات المتخذة بشأنها،ومجلس النواب شريك في قضية وعملية التشريع، وهذا دوره الصحيح، لن نخلطه مع النظام البرلماني البريطاني أو الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي مشتقين من نفس البيت. فمجلس النواب مجلس يختص أولا وأخيرا في التشريع وعن طريق التشريع يشارك في صناعة القرار، مثلا لا توجد ميزانية دون قانون للميزاني، وليس هناك برنامج صحي دون قانون للصحة، او برنامج عقاري من ناحية الإسكان او الزراعة او اي شيء.

وجود القاعدة الأميركية في البحرين من يقرره ومن يعطي الإذن له؟

- هناك اتفاقية بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الاميركية منذ 1946 تنظم وجود هذه القاعدة، فإذا نظرنا لهذا الأمر في تلك الفترة هي عملية دستورية مثل أية عملية أخرى، وهناك ايضا اتفاقية أمنية بين البلدين مضت عقود طويلة عليها.

يعني هل تلغى من مجلس النواب أم تلغى من الحكومة يوماً ماً؟ أنا أضرب مثلاً لأعرف مدى الصلاحيات؟

- إذا كان الموضوع القاعدة الأميركية او سعر الخبز فهي سيّان، إذ إن العملية الدستورية واضحة. يقترح قانون من قبل الدولة من قبل مجلس الشورى او من قبل مجلس النواب، يمرر على الجميع، وبعد تمريره على الجميع وموافقة الجميع يرفع الى جلالة الملك للتصديق. بدون توقيع جلالة الملك حفظه الله على هذه الوثيقة لا تعد نافذة، هذا هو دستورنا.

سمو الأمير، هناك إشاعات نقرؤها أم حقائق حول ما يثار عن التجنيس للسنة في البحرين؟

- إشاعات مبالغ فيها. لا توجد دولة قادرة على الاستغناء عن التجنيس بحكم احتياجاتها، ولكن هذا الموضوع أصبح حساسا للإشاعات التي روج لها البعض بأن عملية التجنيس هي عملية لإعادة توازن طائفة ضد طائفة ديموغرافيا واستغلوها. كل دولة في العالم على أساس تكسب خبرات ومهارات تلجأ للتجنيس. السؤال: هل نظامنا للتجنيس معصوم من الخطأ؟ طبعاً لا، ممكن ان تكون هناك تجاوزات، ولكن لا يعني ذلك اغلاق هذا الباب او فتحه على مصراعيه، ولكن من الأولى أن نعيد النظر في سياستنا ونضع سياسة تخدم مصالح البحرين وليس مصالح فئة على فئة، ولا مزايدات على مزايدات.

يعني مصلحة البحرين في توازنها الديموغرافي؟

- مصلحة البحرين أن نخلق مجتمعاً عادلاً وتنافسياً وقادراً على الاستدامة التي تضمن للمواطن أن يعيش حياة كريمة، ويتأكد أن مستقبل (عياله) أفضل من الحياة التي هو عاشها، هذا الذي أنا أريده بعيداً عن الطائفية والمزايدات.

كان هذا واقع المنطقة وليس واقع البحرين فقط؟

- ان في البحرين ولله الحمد قيادة قادرة على تحقيق التوازن رغم كل الصعوبات بالروح الإنسانية البحرينية وبالتسامح والأخلاق الدينية التي تسمح لنا ان نتعايش في مكان واحد، في بيت آمن، أما ان نسمح لأشخاص يدخلون إلى البحرين ويجرونا في حديث او ان نتجنى على فئة أو نتهم أخرى بتصرف آخر فهذا يعني الطريق إلى الكارثة، لأنّا قبل هذه المشكلات عشنا مئات السنين في هذه المملكة وتعايشنا مئات السنين معاً، هل يوجد طوال هذه السنين مشكلات؟. هناك مشكلات طبعا لكنها من النوع البسيط والعادي واليومي وتحدث عادة. المبالغات والمزايدات التي لا تمت للحقيقة وهي بعيدة عن واقع البحرين، أنا الآن سأكون واقعياً في كلامي لأن البحرين لها خصوصية، زوارنا يخرجون بانطباع ان البحرين بلد فيها نوع من الروح الخاصة والترحيب الخاص وانا فخور بهذا لأن من لا يعز وطنه ولا يعز عاداته وتقاليده هو ضائع في هذا العالم، فبالعكس أنا مطمئن أن عملنا في بناء جسور الثقة والاستمرار في تكريس العدالة في المجتمع من إسكان وتربية وصحة وتعليم وفرص عمل ومتابعة من يخل بالنظام، لأنه طبعا من الضروري أن نواجه من يحاول أن يقلب هذا الميزان، واننا سنعمل على تحقيق ما نريده بقيادة جلالة الملك القادرة والحكيمة، والحقيقة أنا مطمئن أن أوضاعنا طيبة وممتازة.

كان جلالة الملك قد دعا إلى طاولة حوار وطني، أين وصلت؟

- جلالة الملك المفدى أمر بحوار دائم، وتلبية لأمر جلالته نحن في حوار دائم.

كيف تسير عملية حوار دائم؟

- باجتماعات متصلة بين القيادات والمسئولين في المدن والقرى وبين ممثلي الشعب المنتخبين وبين أعيان الشعب وكبار شيوخ الدين والرجال الذين خدموا المجتمع. كما تعلمين أن عملية اتخاذ القرار في البحرين ليست عملية فوقية بل تخضع للمشاركة الكاملة من كافة المعنيين، أي أن قراراتنا الوطنية رأي نجتمع عليه.

لنستوضح أكثر عن الموضة القائمة في العالم العربي، مفادها أن الشيعة العرب مدعومون من إيران، كقصة الحوثيين باليمن، هل وضع الشيعة في البحرين ينطبق عليهم ذلك؟

- هل نصبغ كل العرب الشيعة بصباغ التهمة بتبعيتهم لإيران...

العرب عملوا غلطة مع العراق كبيرة بهذا الموضوع؟

- واضح أنك تقصدين بالشيعة المذهب الجعفري؟

نعم، صحيح...

- في المذهب الجعفري فإن الخلاف بيننا وبينهم كأهل الجماعة نحن وأتباع المذهب الجعفري هو أن الخلاف بيننا وبينهم فقط هو خلاف فقهي محصور في طريقة الاستنباط من أحكام الشريعة فقط. هل يبرر هذا الاختلاف الفقهي ان يخلع البعض ثوبهم العربي ليلبسهم ثوبا آخر إيرانياً كان أو غيره فقط لاختلاف الاستنباط؟ وأنا اقول إن من أتباع مذهب أهل الجماعة (السنة) من يأتون أفكاراً ضارة ومنحرفة وتضر بالمنطقة وهذا لا يسيء لأهل السنة بذاتهم، في المنطقة أتباع لإيران نعم، أتباع للصين وأتباع لروسيا وكذلك أتباع للولايات المتحدة الأميركية، وعلينا أن لا نربط فكرا سياسيا بمذهب معين، وأقول هذا خطأ وخطأ كبير، نحن نحترم المذاهب كافة لأن السياسة آنية والدين ومذاهبه دائمون. وبهذه المناسبة أتوجه لكل المسئولين في منطقتنا والإعلاميين بصورة خاصة، أتوجه لهم بالرجاء للابتعاد عن هذه التهم وتصنيف الناس بمواقف مسبقة، والدين دوما فوق رؤسنا جميعاً، والسياسة نختلف فيها والدين ثابت والسياسة زائلة.

أنتم هل ستتأثرون بحرب على إيران مثلاً؟

- المنطقة كلها تتأثر وليس البحرين وحدها.

البحرين بالتحديد؟

- كلنا نتأثر.

هل قرأت الخبر الذي نشر منذ عدة أيام يتحدث عن أن بريطانيا تحذر البحرين من عمل مباشر والإمارات من فوضى في حال صار شيء على إيران؟

- والله ما قرأته، لكن نحن وأي عاقل يعرف ان المنطقة منطقة صغيرة والخليج العربي ليس بمنطقة ممكن ان تجري فيها حرب ولا نتأثر. نحن تأثرنا بالحرب ضد العراق، حربان ضد العراق، تأثرنا في الحرب بين إيران والعراق... كيف لا نتأثر من أي عمل ضد إيران؟

هل تتابع ما يجري في إيران بشكل يومي؟ وماذا يجري عندكم؟ السفير الايراني في البحرين تكلم ان هناك طابوراً ثالثاً موجوداً وهو يعمل على تأجيج كل هذه المظاهرات؟

- داخل إيران... أنا لست خبيرا بالوضع الداخلي الإيراني، والله يعينهم عليه، نحن نتمنى الأمان والاستقرار لكل جيراننا، ونؤكد مرة ثانية ان العلاقة التي نسميها حسن الجوار تتطلب منا ان نبني علاقات ونحاول ان نساعد اذا طلب منا، لكن الوضع يكون غير مريح لو صارت مزايدات على ما يحدث. أظن أفضل شيء أن ندع الشعب الإيراني والمواطن الإيرانى هو الذي يقرر مصيره، ولا نتدخل في امور دولة داخلية، لأن أية كلمة تقال مع أو ضد ممكن تفسر من قبل أي طرف انه تدخل أويسمى طابور ثالث، مثل ما نحن دولة مستقلة ونحن أدرى بما يخصنا فإيران لها ايضا خصوصيتها، والله يعينهم على ما يواجهونه من مشكلات وان شاء الله يحلوها.

المعروف أن عندكم علاقة مميزة لنقل مع المملكة العربية السعودية، ولكن انت تعرف ان المملكة هي ايضا لديها اليوم مشكلات مع الحوثيين الذين دخلوا حدودها وهناك نوع من الحرب. جيفري فلتمان كان في البحرين خلال حوار المنامة، وقال: ليست لدينا معلومات ولا أي شيء يؤكد لنا ان الحوثيين مصدر قوتهم هو إيران. أولاً: ما رأيك في الذي قاله جيفري فيلتمان؟ وثانياً: كيف ترى هذه الحرب مع الحوثيين؟ هل عسكريا ممكن حسم الأمر أم يجب ان يكون هناك حل آخر؟

- جيفري فيلتمان لا أستطيع أن أتكلم عن رأيه، لكن الذي أستطيع أن أقوله إن المملكة العربية السعودية لها كامل الحق في الدفاع عن اراضيها، وهذا يعني حق مشروع من الأمم المتحدة. نحن عندما سمعنا عن المتسللين والمشكلة الأمنية التي سببوها كنا نحن مستعدين ان نذهب ونشارك معهم، ولكن المملكة العربية السعودية بحكم وزنها وثقلها وعمقها الاستراتيجى جاهزة لتتعامل مع هذا الواقع ومستمرة.

كيف تشاركون؟ هل تبعثون قوات من عندكم؟

- نعم، لو في أية حاجة نحن جاهزون طبعاً.

أن تحاربوا مع السعوديين.

- نعم.

برأيك هل سيكون الحسم عسكرياً؟

- لكن يجب علينا ان نفصل بين مشكلتين، هناك مشكلة حدودية متعلقة بالمملكة العربية السعودية وهناك مشكلة داخلية يمنية، يجب ان يحلها الأخوان في اليمن، فإذا تكلمنا عن الحدود نعم الحل عسكري، إذا تكلمنا عن قضية الحوثيين وعلاقتهم بمسئوليهم ومجتمعهم داخل اليمن فهذه قضية الحل العسكري وحده لا يحل، فالواجب ان يكون هناك حل سياسي في النهاية أكيد.

أنت برأيك القاعدة هي حليفة مع الحوثيين بهذا الموضوع؟

- الله أعلم، في الوقت الحاضر ما عندي أي معلومات تثبت ذلك أو عكس ذلك.

سمو الأمير، إن مجلس التعاون الخليجي في بيان قمة الكويت قد دعم مرشح البحرين، هل لك أن تطلعنا على ما إذا كان السيد محمد المطوع سيكون أمين عام مجلس التعاون الخليجى سنة 2011؟

- نعم إذا الله أراد وهو موجود فهو الأمين العام.

أين وصل مشروع الجسر الذي يربط بين مملكة البحرين ودولة قطر؟

- المشروع قيد التنفيذ وهناك هيئة مختصة لمتابعة هذا المشروع.

تصبح بلد البحرين والجسرين؟

- لما لا ان شاء الله جسر للمنطقة وللعالم.

لدينا في لبنان منطقة اسمها ملتقى النهرين نفخر بها، فمن يأتي على البحرين الآن يرى بحرين وجسرين...

سمو الأمير كما قلت في البداية موضوع الـ «واشنطن بوست» قلت انه يجب على السياسين العرب ان يظهروا على وسائل الإعلام الإسرائيلي وأن يقنعوا الشعب الإسرائيلي بالسلام، طبعا انت تعرف القوميين اعتبروا انكم تريدون التطبيع؟

- في أوج الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتى كانوا يخرجون ويتكلمون، هذه فرصة والشخص الغير قادر ان يستوعب ذلك اي انه عندما يكون الحق لك ولديك قضية عادلة كالقضية الفلسطينية ارض مسلوبة احتلال قتل ابتزاز جميع الاشياء السيئة في العالم تحدث في هذه المنطقة، قضيتنا قوية ونحن خائفون. قال لي صحافى أجنبي - لن أذكر من أي دولة - قال أنتم العرب جبناء، قلت له: لماذا؟ قال: أنتم نعم جبناء، انتم كأنكم تتوارون عن الواقع لا تجابهون، لماذا انتم لا تظهرون وتتحدثون في وسائل الإعلام؟ لماذا عندما تشاهدون شخصا من أعدائكم لا تحاولون محاورته وتضعون حدا لهذا القتل؟ هل انتم خائفون على مناصبكم السياسية؟

هل تعترفون بدولة «إسرائيل» وبحقها على أرض فلسطين التاريخية؟

- نحن معترفون وملتزمون بالشرعية الدولية وبخلق دولتين جنبا الى جنب، ولا أحد يقول لك شيئاً آخر، هذا قرار من الجامعة العربية والمسئول الذي لا يقول لك هذا الكلام يكذب.

هناك قول بأن ذهاب مسئولين بحرينيين لاسترجاع مواطنين اعتقلوا في «إسرائيل» على أنه تطبيع؟

- الحمد لله على عودة مواطنينا وسلامتهم.

كان بالإمكان للبحرين الاستعانة بوساطة ألمانية مثلاً؟

- لما اللجوء إلى وسيط مادامت النتيجة واحدة؟

كيف رأى الشعب البحريني هذا الأمر؟

- المزايدات واردة، الذي يريد أن يزايد يزايد، العقلاني والذي يفهم الواقع السياسي يعرف ويقدّر.

لا يوجد إسرائيلي يريد السلام؟

- هناك الكثيرون يريدون السلام وكثيرون آخرون لا يريدونه، ومهمتنا أن ننضّج فكرة الشريك الإسرائيلي القابل للسلام مع العرب.

لكن الفلسطينيون تكلموا مع الإسرائيليين وجلسوا معهم على الطاولة نفسها، وعملوا مفاوضات وظهروا على إعلامهم وهذا الشيء لم يعطِ أية نتيجة يا سمو الأمير؟

- لأنهم في نهاية الأمر اختلفوا أو صار هناك اختلاف بينهم، فطبعاً انا عندما كتبت المقال الخلاف لم يكن واصلاً إلى ما وصل إليه...

نعم من 5 شهور...

- فالآن نحن مسئوليتنا - بغض النظر عن المقال - نحن كعرب نساعد اشقاءنا الفلسطينيين ان يلموا صفهم ويعودون للأسرة الواحدة ويعودون لاخوانهم العرب ويعطونا وجهة نظرهم في الحل، ان شاء الله نسمع عن جهود في الاسابيع القادمة لتحقيق ذلك، ونتمنى ان هذا يتحقق فأنا مطمئن.

ما هو شعورك عندما شاهدت صورة خالد مشعل مع الأمير سعود الفيصل؟

- الحمد لله...

ما هو تفسيركم السياسي؟

- تفسيرها السياسي ان كل الفلسطينيين يجب ان يتفقوا وان تتحقق لهم علاقة مع اشقائهم العرب، واذا كانوا مستعدين بمواقف معقولة ومسئولة فنحن كلنا داعمون لهم. [سمو الأمير، بينك وبين نفسك، هل ترى أن هناك حلاً فلسطينياً؟ سموكم أنت ترى أن هناك مجالاً، لا أريد أن اقول حلاً، هل هناك أمل بمعاودة المفاوضات؟ - طبعاً فلسطين وكل الحقوق والحل الأمثل هذا صعب التحقيق.

في سلام؟

- في سلام، لكن في سلام انا ارى ذلك.

على أساس دولتين؟

- نعم دولتان تعيشان جنبا الى جنب.

وهل تعتقد ان هذا الموضوع قد مات وانتهى؟

- وهل الحرب دائمة للأبد؟

لا، لكن حل الدولتين يعنى على أرض فلسطين...

- لا، المطالبة الشعبية الفلسطينية لا يخمدها شيء بدولة، هذه مطالبة نابعة من روح وطنية عميقة، لا تختفي فى يوم وليلة، كيف تنتهي؟

هل تعتقد ان حماس في غزة والسلطة في الضفة الغربية ممكن ان تتم بينهما مصالحة قريبة؟

- نعم مطلوب منهم المصالحة، يجب المصالحة، ولا يجوز استمرار الاختلاف تحت الاحتلال.

هناك من يعتقد ان نتانياهو كسب على اوباما في موضوع فلسطين؟

- لا نتكلم في فترات لم يمر عليها اكثر من أشهر فقط، القضية الفلسطينية ليست قضية نتانياهو ولا قضية اوباما، هذه قضية صارت لها عقود، فكلنا لنا دور في هذه العملية، والموضوع والولايات المتحدة دورها اساسي ويحاولون في الوقت الحاضر، ونعم الرئيس الاميركي اخذ موقفاً غير مسبوق في الامم المتحدة وفي القاهرة وفي كل مكان.

وانتهى؟

- لم ينتهِ، موجود والمباحثات مثل ما يمكن ان تسمعين جارية. في نهاية الامر اذا صار هناك اتفاق اميركا ستكون واقفة على الطاولة، كلنا نعرف هذا، فدورها لم ينته، لكن صمتوا قليلا في هذه الفترة.

سمو الأمير، سؤالي الأخير: هل أنت معجب بالولايات المتحدة الأميركية؟

- أنا معجب بالتقدم في الولايات المتحدة الأميركية، فيها اشياء كثيرة ممتازة من الطب والعلم وحماية الحقوق الفردية وقدرة تشجيع الابتكار والحصول على التمويل السريع لتحويل افكار الى واقع. يجب أن لا ننسى أن أكبر اقتصاد في العالم اليوم هو اقتصاد الولايات المتحدة الاميركية، وليس ذلك مصادفة ولم يأتِ من عبث، هذا جاء من نظام هيكلي مركب على بعضه البعض، يؤدي إلى هذه النتيجة. المجتمع فيه مشكلات كثيرة ليس هناك حماية لذوي الدخل المحدود كافية، ولا يوجد أمن مثل ما هو المفروض والصحة للجميع الآن هم يتكلمون عنها.

سياسة الإدارة الجديدة أنت راض عنها؟

- نعم.

هل أنت خائف على البحرين؟

- من ماذا نخاف؟

من حروب إقليمية تؤثر عليها...

- أنا حريص على البحرين، ولست خائفاً عليها.

سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين، شكراً لهذه المقابلة الخاصة.

- شكراً لك.

ملاحظة:

يمكنكم الاطلاع على الصفحات المصورة من الصحيفة والتي تحوي المقابلة: الصفحة الثانية، الصفحة الثالثة.