تجدد الاهتمام مؤخرا بتمويل الزراعة والأمن الغذائي في إفريقيا، لكن الواقع هو أن الاعتماد المكثف على تكنولوجيات الغرب وأنظمته الزراعية ليس مجديا لا لمعالجة الأمن الغذائي ولا للتعامل مع صغار المزراعين وفقرائهم، الذين يتولون فلاحة 70 في المئة من المزارع ويعتمدون على الأمطار.
تنطوي المناداة بثورة خضراء في البلدان الإفريقية على تجاهل خبرات الماضي والفوارق الطبيعية والسياسية والثقافية القائمة في القارة. فلا توجد تكنولوجيا، أيا كانت، قادرة على معالجة مشكلات خصوبة التربة وإبدال زخم المعرفة والخبرة البشرية في قارة تعادل رقعتها مساحة الصين والهند وروسيا مجتمعة.
وبالتالي، فإن التركيز على التكنولوجيا يعني الاعتقاد بأن الإنتاج الزراعي قابل للتكيف مع كل ما يستجد من ابتكارات. لكن الأمر ليس كذلك.
صحيح أن التكنولوجيا تلعب دورا مهما في خفض معدلات سوء التغذية ورفع مستويات الأمن الغذائي، لكن هذا لا يعني أنها الحل الأمثل لمشكلات بهذه الدرجة من التعقيد. فقد تسبب مثل هذا الاعتقاد بالفعل في خفض حجم البحوث والاستثمارات في حلول صغيرة كبدائل السماد الكيميائي.
إفريقيا قارة شاسعة ومتنوعة، وأفاد المجلس الأكاديمي أنها تشمل 17 نظاما زراعيا مختلفا، بتنوعات حادة في أحوال التربة والمناخ والآفات والأوبئة. كما يولي المزارعون فلاحة 70 في المئة من المزارع الصغيرة والمفتقرة إلى البنية التحتية الواجبة.
يذكر أن 95 في المئة من المحاصيل الإفريقية تعتمد على نظام الأمطار وتواجه صعوبات في تطبيق أنظمة ري واسعة النطاق ومستدامة وغير تجارية. كما يفتقر المزارعون إلى المداخل الضرورية للأسواق، ويرتهن عيشهم بتنويع المحاصيل.
يفوق عدد صغار المزارعين 80 مليونا، وهم ليسوا من مشتري الغذاء إلى الحد الذي يعانون فيه أحيانا من الجوع خلال فترات ما بين المحاصيل، ومن ثم يحتاجون إلى حلول مبنية على حالهم ومطالبهم. لهذا يعتبر من الخطأ التفكير في تطبيق نماذج موحدة ومحددة، صممت لاستعمالها في مناطق أخرى من العالم.
ويعتبر عدد الدول الإفريقية التي تحفز الزراعة كوسيلة للتخفيف من وطأة الفقر ضئيلا حقا نظرا إلى محدودية موازناتها الزراعية. كما فشلت الحكومات في معالجة قضايا ملكية الأرض بصورة فعالة. فبدون ملكية، تكاد تنعدم محفزات المزارعين للاستثمار في تطوير الإنتاجية على المدى الطويل.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن سياسات ملكية الأرض غير العادلة إنما تضر بالنساء خصوصا، على رغم أنهن يمثلن 70 في المئة من مجموع المزارعين في القارة الإفريقية.
يحتاج جزء كبير من إفريقيا إلى محاصيل مستقرة، وبقليل من المدخلات من أجل ضمان غلة متكررة. كما يعتمد غالبية المزارعين الأفارقة على نظام تناوب المحاصيل وتداخلها، وزراعة المحاصيل غير المتجانسة، بغية التغلب على ظروف قاسية.
العدد 2681 - الخميس 07 يناير 2010م الموافق 21 محرم 1431هـ