«لو وجدت نفسك في صنعاء دون أن يكون لديك علم بالظروف السياسية التي يمر بها اليمن، لاستنتجت على الفور أنك في بلد يواجه أزمة».
هذا مقطع من مقال طويل، استهل به مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في صنعاء خالد عز العرب، مقالته المعنونة «ماذا يحدث في اليمن؟»، وهي، أي المقالة واحدة من بين كثيرة غيرها، عكست بشكل أو بآخر تردي الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن إثر اندلاع الصدام بين السلطة والحوثيين، واتساع نطاق معاركها كي تشمل السعودية، وتمسّ تنظيم «القاعدة»، ثم امتداد لهيبها كي يصل إلى عواصم عالمية من بينها لندن، وباريس، بل وحتى واشنطن.
وكي تكتمل الصورة عند القارئ الكريم، لابد من إيراد تصريحات المسئولين ممن حرصوا على أن تكون لهم علاقة بما يدور في اليمن من أحداث، وحاولوا الربط بينها وبين احتمالات تدهور الأوضاع الأمنية العالمية. ومن أجل تحاشي إثقال كاهل القارئ، سأتحاشى وضع النصوص الوصفية التي تناقلتها وكالات الأنباء، بين معقوفتين، مع تمسكي بما يقتضيه احترام الملكية الفكرية من تقيد بذلك.
في صنعاء وكما يقول عز العرب هناك «انتشار كثيف لقوات الأمن، وحراسات مشددة أمام السفارات والفنادق، وطائرات عسكرية تسمع أزيرها قبل أن تراها في السماء متجهة من مطار صنعاء باتجاه الشمال».
من جهتها تؤكد الحكومة اليمنية عن إطلاق حملة أمنية واسعة ضد تنظيم «القاعدة» في ثلاث محافظات، وتعلن على لسان وزير داخليتها عن «توقيف خمسة إرهابيين».
وفي صنعاء أيضا لا تمتلك الحكومة إلا أن تعترف بوقوع اشتباكات مسلحة «مع مسلحين يشتبه في أنهم تابعون لتنظيم القاعدة، في محاولة للقبض عليهم في الحديدة إلى الغرب من العاصمة صنعاء».
في الوقت ذاته تعلن مجموعة تدعى «القاعدة في جزيرة العرب» وتنشط في اليمن في بيان صادر عنها بأنها «تقف وراء محاولة تفجير طائرة أميركية كانت في طريقها إلى مدينة ديترويت بالولايات المتحدة». وعلى نحو موازٍ يعلن الحوثيون في اليمن على لسان المتحدث باسمهم محمد عبد السلام أنهم «مستعدون لبدء حوار مع الحكومة اليمنية إذا أوقفت هجومها عليهم، وبأنهم سيعلنون قبولهم بالشروط التي وضعتها الحكومة لوقف القتال بعد أن توقف القوات العسكرية اليمنية عملياتها ضدهم بشكل تام».
نائب مستشار الأمن القومي ومكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة جون برينان، وفي سياق إعلانه عن إغلاق مؤقت للسفارتين الأميركية والبريطانية، يؤكد «أن لدى بلاده دلائل على أن تنظيم القاعدة يخطط لشنّ هجوم في العاصمة اليمنية صنعاء».
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتهم رسميا، في خطابه الأسبوعي، «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب للمرة الأولى بأنه درب وجهز في اليمن الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي حاول يوم عيد الميلاد تفجير طائرة تابعة لشركة نورث وست أيرلاينز الأميركية قبل قليل من هبوطها في مدينة ديترويت آتية من امستردام». يتبع ذلك إعلان قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الجنرال ديفيد بتريوس، بعد لقائه المطول مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن تسليمه هذا الأخير رسالة «تتعلق بالعلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين ومنها التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب والقرصنة، وبأن الولايات المتحدة ستضاعف حجم برنامج مساعداتها الأمنية لليمن البالغ نحو 70 مليون دولار».
في الوقت ذاته تنقل محطة سي إن إن الإخبارية الأميركية عن مسئولين في الولايات المتحدة قولهم «إن واشنطن وصنعاء تبحثان عن أهداف جديدة ممكنة في اليمن بغرض استهدافها انتقاما لمحاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب إسقاط طائرة ركاب قُبيل هبوطها في ديترويت يوم عيد الميلاد».
ومن جانب آخر، وفي سياق الربط بين ما يجري في اليمن، وانعكاسه على الوضع الأمني العالمي، بادرت وزيرة الخارجية الأميركي هيلاري كلينتون إلى تأكيد تلك العلاقة حين قالت «إن عدم الاستقرار الأمني في اليمن بات يشكل خطرا على المنطقة والعالم بأسره. وأن على الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات لاستعادة الأمن والاستقرار، وإن لم تفعل فإنها تخاطر بخسارة دعم الغرب لها».
ومن العاصمة البريطانية لندن، يدعو رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إلى «عقد لقاء دولي في لندن في 28 من يناير/ كانون الثاني الحالي لمناقشة محاربة التطرف في اليمن. (وتشمل الدعوة)، شركاء دوليين رئيسيين لعقد اجتماع لمناقشة كيفية مواجهة التطرف في اليمن في أعقاب المحاولة الفاشلة التي استهدفت تفجير طائرة ركاب أثناء توجهها إلى الولايات المتحدة»، مضيفا بأن «اليمن يمثل تهديدا على الصعيد الإقليمي والدولي باعتباره ملاذا آمنا محتملا للإرهاب».
وتنتقل المخاوف العالمية من تردي الأوضاع في اليمن كي تصل إلى أروقة الأمم المتحدة التي يبادر أمينها العام بان كي مون، كي يثني على مبادرة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ويرحب بتركيز محور المؤتمر على مكافحة الإرهاب، كما كشف عن ذلك المتحدث باسم الأمين العام مارتن نسيركي للصحافيين.
ولا يتخلف العرب عن هذا الركب الباحث عن ملاذ أمني، فيتحرك نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض، الذي يعد من أبرز قادة الحراك الجنوبي المؤيد للانفصال عن شمال اليمن، ويجري اتصالا هاتفيا مع الأمين العام للجامعة العربية، وطالبه بمبادرة عربية لحل أزمة الجنوب، حيث تنشط حركة احتجاجية واسعة النطاق ومطالبة بـ «حق تقرير المصير» للجنوب الذي كان دولة مستقلة قبل 1990، مع رفع شعارات انفصالية.
إن دلت تلك التصريحات والإجراءات على شيء، فإنما تدل على أن استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن، واهتمام العالم بها، يعبر عن أزمة عالمية، مختلفة عن تلك الأزمة المالية، بل ربما تكون إحدى إفرازاتها، وأن العالم لايزال غير قادر على الوصول إلى حل جذري فعال لها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2680 - الأربعاء 06 يناير 2010م الموافق 20 محرم 1431هـ
الحكومة اليمنية الجائرة
طابت أوقاتك أستاذي الكريم
من غير مقدمات ... الحكومة اليمنية برئاسة علي عبد الله صالح هي حكومة ظلم وعدوان, وهي ذاتها التي وقفت مع صدّام ضد الكويت الشقيقة إبان الغزو, وهذا يفسّر لنا بجلاء أبعاد تعاونها الوثيق مع الحكومة البحرينية على أكثر من صعيد, وخير شاهد على ذلك هو "تجنيس" اليمنيين بأعداد هائلة أكثر من غيرهم.
من الجنوب
الرئيس اليمن وتصرفات الغير مسؤولة خلال 32 عاماً في سدة الحكم وراء كل هذه الأحداث وما يجري لأخواننا في صعدة وفي الجنوب من حرب وقتل وتشريد الأبرياء يتحمل النظام اليمني المسؤولية الكاملة أمام الله وخلق الله .
أنا اعتبرها ثورة شعبية ضد الظلم والفقر والفساد ولكن مع الأسف إن الغرب راضي عن كل هذه التصرفات بحق المواطنين اليمنيين من قبل نظام صنعاء للحفاض على مصالحهم ولهذه الأسباب لم نراء أستنكار لهذه الجرائم البشعة التي ترتكب بحق شعبنا باسم الخروج عن القانون ومحاربة ألإرهاب .