34 قتيلا في موكب عزاء، و97 في ملعب لكرة الطائرة في باكستان. «الشباب المجاهدون» في الصومال على استعداد لدعم تنظيم القاعدة في اليمن. انفجارات في العراق تخلف عشرات القتلى.

لم نعد نعرف، هل هي خرائط أوطان، أم خرائط تفخيخ؟ خرائط لنزف مزيد من الدم، أم خرائط للذهاب إلى الجهة القصوى من العبث؟

العبث يحكم جزءا كبيرا من العالم الثالث. العبث بالدم، والعبث بالحياة، والعبث بالخيارات، والعبث بالجبْر أيضا!

التواقيع التي يتركها القتلة فادحة في صورها ومعانيها أيضا. تواقيع تضع حدا للحياة، ولا معنى بعد ذلك للدموع التي ستنهمر، والدماء التي ستسيل، والمآتم التي ستقام، والقلوب التي ستفجع، ولو قدِّر للقتلة اقتحام تلك المآتم لحظة العزاء فلن يترددوا في ذلك. فقط لأنهم مشغولون بترتيب الأرضية لقيام مآتم أخرى، في الضفة الأخرى من المكان.

نحن إزاء أطلال وخربات. أطلال من العقل، وخربات مما تبقى من ضمير. إزاء شهوة لم يعرفها التاريخ الإنساني، منذ الخوارج الأوائل، وصولا إلى الحشاشين، وليس انتهاء بأخطبوط الموت بامتياز (القاعدة).

ما الذي ستوصل إليه تلك الخرائط، سوى مزيد من تعميق العبث، ومزيد من تسويغ إهدار الدم، ومزيد من الأبالسة الذين يطلعون علينا في هيئة مشايخ، فيما هم جنرالات للدم والخراب!

***

بعض الأنظمة العربية ساهمت وتساهم في استشراء ذهنية التفخيخ، وتوسعة رقعة تلك الخرائط. التاريخ وحده ليس المثال الصارخ في هذا الصدد. الممارسة في الداخل بهندسة الهيمنة والقمع والمصادرة كانت مصدرا جاذبا ومفرِّخا لتمدد تلك الذهنية. الوهم الذي حاولت تلك الأنظمة تسويقة بأنها ظل الله في أرضه، وأنها الناطقة باسمه، وأنها مطلقة اليد في كل شىء، واحدة من الحضانات التي وجدت فيها تلك الذهنية أرضها الخصبة للتفخيخ وهدر الدم.