العدد 2680 - الأربعاء 06 يناير 2010م الموافق 20 محرم 1431هـ

هل تعود «نفرتيتي» إلى أرض الفراعنة؟

الملكة نفرتيتي (1340 ق.م.) تخلب لب كل من يراها نفرتيتي مِلك مَن؟ هذا السؤال ظل مطروحا منذ اكتشاف رأس نفرتيتي العام 1912، وها هو يتفجر من جديد إثر مطالبة مصر مرة أخرى بعودة نفرتيتي لأنها خرجت منها عبر طريق «التدليس». غير أن ألمانيا ما زالت تؤكد شرعية حيازتها للتمثال.

منذ أن اكتشف الألماني لودفيغ بورشرت رأس الملكة نفرتيتي، زوجة الملك الشهير إخناتون، العام 1912 وهي محل نزاع بين مصر وألمانيا. وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت أصوات مصرية تطالب باستعارة التمثال لعرضه في المتحف المصري الجديد الذي سيقام بالقرب من أهرامات الجيزة، أما الآن فإن القاهرة تريد أن تقدم طلبا رسميا بعودة تمثال زوجة الملك إخناتون؟ ماذا حدث؟ هل من وثائق جديدة؟

الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، زاهي حواس، يجيب على هذه الأسئلة في حديث تليفوني لـ «دويتشه فيله» بقوله، إن البروتوكول الذي سلمته إياه مديرة المتحف المصري في برلين يبين أن نفرتيتي خرجت من مصر عن طريق «التدليس». ويوضح حواس ذلك قائلا: «لقد سجل بورشرت هذا الأثر على أنه من الجبس، وأنه لأميرة مصرية. لكن تمثال نفرتيتي عبارة عن رأس لملكة مصرية، ومصنوع من الحجر الجيري المغطى بالجبس»، ويضيف حواس، أن بورشرت كتب هذا الوصف لوجود اتفاق يقضي باحتفاظ مصر بالآثار القيمة وأن «تُعطى الآثار المصنوعة من الجبس لألمانيا. وبالتالي حصل تدليس وخرجت رأس نفرتيتي بطريقة غير أخلاقية».

ويذكر زاهي حواس في حديثه سببا آخر يدعوه إلى اتهام بورشرت بالتحايل للحصول على تمثال نفرتيتي، وهو إخفاء هذه الرأس الثمينة بعد وصولها ألمانيا لمدة عشر سنوات، قبل أن يوافق بورشرت على عرضها في برلين العام 1924. وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد ذكر في مناسبات مختلفة تناولتها وسائل الإعلام أن نفرتيتي بمثابة «سفيرة فوق العادة» لبلاده في العالم، فهل تغير الموقف المصري الآن؟ غير أن حواس يدعي أن «الرئيس مبارك لم يعلن هذا مطلقا. هذا لم يحدث.»

الجانب الألماني لا يرى ضرورة للتحرك، إذ إن مصر لم تتقدم حتى الآن بطلب رسمي لاستعادة رأس «جميلة الجميلات». وتؤكد رئيسة قسم المصريات في متحف برلين، فريدريكا زايفريد، أن الوثائق التي تحتفظ بها المؤسسة البروسية للإرث الثقافي، مالكة التمثال، تبين على نحو لا يدع مجالا للشك بأن ألمانيا قد امتلكت نفرتيتي بطريقة مشروعة. وتقول زايفريد في بيان صحافي نُشر عن رحلتها إلى القاهرة بأنها لم تتناول في محادثاتها مع زاهي حواس في القاهرة موضوع نفرتيتي، بل كان هدف المباحثات مناقشة سبل التعاون بين ألمانيا ومصر في مجال الآثار.

«الجميلة أتت»

وكان المنقّب الألماني لودفيغ بورشرت قد جاء إلى مصر العام 1912، وحصل على إذن بالتنقيب في وسط مصر بمنطقة تل العمارنة، التي كانت تسمى في مصر القديمة «آخيت آتون»، وهي المدينة التي حكم منها الملك الشهير إخناتون، أول الموحدين في الأرض. آنذاك كانت اللوائح تنص على تسليم التحف الممتازة إلى مصر، ثم اقتسام الآثار الأخرى بين المكتشف والمتحف المصري في القاهرة. وفي يوم السادس من ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه حالف الحظ المكتشف الألماني خلال حفرياته في تل العمارنة، إذ عثر على هذه الرأس الرائعة لنفرتيتي، التي يعني اسمها «الجميلة أتت». خلبَت الرأس لبَ بورشرت، فكتب في دفتر يومياته يقول: «التمثال رائع، ولا يمكن وصفه. لا بد من رؤيته.» بعد ذلك - بحسب الرؤية الألمانية - تم اقتسام الآثار المكتشفَة وكانت الملكة الجميلة من نصيب برلين. وقد تم عرض المكتشفات كافة العام 1913 في معرض كبير، باستثناء نفرتيتي التي لم تعرض إلا في العام 1924. منذ ذلك الحين والبرلينيون يعتزون اعتزازا خاصا بها، ويعتبرونها «أقدم مواطنة برلينية».

الجهود المصرية لم تتوقف منذ العشرينيات عن استعادة رأس نفرتيتي أو على الأقل استعارتها لعرضها في مصر، لكنها جميعا باءت بالفشل. مرة واحدة كادت نفرتيتي تصل إلى مصر، والغريب أن هيرمان غورينغ تحديدا هو الذي استجاب للطلب المصري العام 1933 عندما كان رئيس الوزراء في بروسيا، غورينغ الذي لعب دورا غير مسبوق في السنوات التالية في نهب كنوز أوروبا الفنية. غير أن «الفوهرر» هتلر، المعجب بسيدة برلين، اعترض على إعادة التمثال، لأنه أراد أن تكون الملكة المصرية درة لمتحفه في العاصمة الجديدة «جرمانيا» التي ينوي تأسيسها.

هذه «الجميلة التي أتت» إلى العاصمة الألمانية تُعرض الآن في مكان لائق بها في المتحف المصري الجديد في قلب برلين. ويحذر المتخصصون من أن تحريك التمثال من مكانه قد يضر به لأنه حساس وهش. فهل ستبقى نفرتيتي في برلين، أم سيسفر الطلب المزمع تقديمه عن عودتها إلى أرض النيل؟

العدد 2680 - الأربعاء 06 يناير 2010م الموافق 20 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً