المؤشرات العامة لنتائج انتخابات مجالس المحافظات العراقية بدأت تظهر، ومن بين كل هذه النتائج غير المؤكدة يتفق معظم الكيانات السياسية على أن الكتلة التي يدعمها رئيس الوزراء وزعيم حزب الدعوة نوري المالكي «ائتلاف دولة القانون» ستشكل مفاجأة هذه الانتخابات، حيث تتنافس هذه القائمة الآن على الفوز بنحو 8 محافظات من أصل 9 شيعية (محافظة المثنى تشير النتائج الأولية إلى فوز المجلس الإسلامي الأعلى فيها).
وفي غير هذه المحافظات الثماني صار للمالكي حضور في ثلاث محافظات سنية هي ديالى، صلاح الدين، نينوى، بالإضافة إلى العاصمة بغداد. وإذا أكدت المفوضية العليا للانتخابات هذه النتائج فإن ذلك يعني للمالكي بداية حقبة سياسية جديدة لن تخلو من مفاجآت كبيرة خلال هذا العام حيث من المقرر بدء الانتخابات النيابية العامة، ومن حق أنصار حزب الدعوة أن يعدوه فوزا وطنيا على الجانب العربي على الأقل.
فوز المالكي سيعني عند الكيانات السياسية الأخرى نجاح شعار الدولة المركزية الذي كان محور هذه الانتخابات على حساب اللا مركزية.
فوز المالكي يثير أمام العراقيين أسئلة كثيرة لشكل السلطة بعد إعلان نتائج الانتخابات، لاسيما وأن هذا الفوز جاء على حساب شريك رئيس الوزراء في الحكم المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان يسيطر على سبع محافظات جنوبية. فهل سيستمر الائتلاف العراقي الموحد بين المالكي والحكيم، خصوصا وأن المجلس الأعلى وقف مع التحالف الكردستاني ضد المالكي في مسألة الفيدرالية ونادى بتوزيع الصلاحيات بين المركز والأقاليم؟
وهل ستسعى أطراف الحكم الحالية إلى دعم المالكي في منصبه، أم ستحاول إقصاءه لتقليل من فرصه في الفوز بالانتخابات النيابية القادمة؟
وهل سيوافق الأكراد في حال فوز المالكي في الانتخابات النيابية القادمة على التجديد لمنصبه في رئاسة الوزراء، وخصوصا أنهم (أي الأكراد) لهم تجربة مشابهة مع رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري الذي لم يتم التجديد له بسبب موقفه بالضد من فصل محافظة كركوك الغنية بالنفط عن المركز وإلحاقها بإقليم كردستان؟
وإذا فعلا رفض الأكراد وهم أحد المكونات الأساسية في المعادلة العراقية التجديد للمالكي لرئاسة الحكومة للمرة الثانية، فهل سيرضى المنتصر بالاستمرار بمبدأ التوافق أو المحاصصة في تحديد المناصب، أم سنرى مرحلة أخرى تعتمد على الاستحقاق الانتخابي بعيدا عن اللبننة في العراق؟
أسئلة لا يمكن الإجابة على معظمها لأن نتائج الانتخابات لم تعلن بشكل رسمي حتى الآن، وأيضا لأن نشوة الفوز الكبير (إذا ما تحقق) قد تنسي المالكي ما عليه فعله في موازنة علاقاته السياسية وتحالفاته القادمة، لكن في كل الأحوال يبقى فوز زعيم حزب واحد بهذا الشكل في عراق ما بعد الاحتلال حدث قبل أوانه، وهو بحاجة إلى حساسية أكبر في التعامل، لئلا يرتد الفوز إلى خسارة في المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2342 - الإثنين 02 فبراير 2009م الموافق 06 صفر 1430هـ