المشكلة التي نمر بها قد ينظر إليها على أساس أنها أمنية صرفة، أو خروج على النظام والقانون... ولكن مهما اختلفت النظرة فإننا سنعود إلى جذور المشكلة، وجذورها سياسية.
وعليه، فإن كان هناك شق أمني للمشكلة، فإن المعالجة الأمنية ستفلح في حله، كما ستفلح أيضا أجهزة إدارة العدالة بما فيها النيابة العامة في التعامل مع الموضوع بشكل فاعل.
ولكن الشق السياسي سيبقى خارج الحل، لأن المشكلة السياسية تحتاج إلى حل سياسي، والحل السياسي يتطلب تعريف مصادر المشكلة التي أدت إلى الخلاف الحاد، فالتعريف الصحيح للمشكلة يؤدي الى حلحلة... أو حل الأزمة. ويقتضي الاعتراف بالشق السياسي أن نتوجه لآليات الحلحلة أو الحل السياسي... وهذه الآليات تشمل مد جسور التفاهم والوساطة والدبلوماسية في التعامل والتحكيم العقلاني للأمور، والقدرة على طرح البدائل، وضبط الوضع.
خلال السنوات الماضية حدثت مشكلات عديدة، وقد شارك عدد لابأس به من المخلصين لبلدهم سعيا إلى معالجة الأمور... وكانت المشكلات تخف قليلا ولكن سرعان ماتعود، إلى أن وصلنا الى الوضع الحالي الذي ينظر إلى المشكلة على أساس أنها أمنية صرفة، وبالتالي يتوجب تطبيق آليات حفظ الأمن والنظام.
لسنا هنا في مجال إلقاء اللوم على أي طرف، ولكن ما يمكن الإشارة إليه هو أننا لم نسع بجد لإيجاد وسائل لمنع هبوط مستوى الحوارات والنقاشات، ثم انزلاق الوضع الأمني، وتصعيد جوانب من الخطاب المعارض والخطاب الرسمي.
إننا يجب أن نؤكد احترام الجميع لحكم القانون، وأن جميع المواطنين سواسية، وأنه لايوجد أحد فوق القانون، كما أن تنفيذ القانون يجب أن لايتم بصورة انتقائية أو انتقامية... فنحن جميعا أبناء بلد واحد، وبلادنا الصغيرة بإمكانها أن تكون أنموذجا عصريا لحلحلة الأمور السياسية، بل وحلها جذريا، بدلا من المراوحة في مكان واحد أو التراجع عما تم إنجازه في السنوات الماضية.
إننا نقترب من 14 فبراير/ شباط، وهذه ستكون الذكرى الثامنة للتصويت على ميثاق العمل الوطني، ولنستذكر حكمة القيادة السياسية وشجاعتها، ونستذكر حكمة المعارضين وشجاعتهم، ونستذكر حكمة جميع فئات المجتمع و طريقة تفاعلهم مع ذلك الحدث، وكيف أن الجسور التي مدت حينها كسبت الأكثرية نحو فتح صفحة وطنية جديدة. ان الوقت مازال معنا لكي نعيد الأمور إلى مايليق بها من أمن واستقرار والتزام بالقانون وضمان لحريات عامة اكتسبت بعد سنوات من التجارب التي مر بها مجتمعنا.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2342 - الإثنين 02 فبراير 2009م الموافق 06 صفر 1430هـ