العدد 2677 - الأحد 03 يناير 2010م الموافق 17 محرم 1431هـ

القذافي طلب فتح علاقات جديدة مع بريطانيا بواسطة البحرين

بعد تهديد لندن بفتح «مكتب للجيش الجمهوري» في ليبيا

ذكرت صحيفة «الحياة» في عددها الصادر أمس (الأحد) أن وثائق بريطانية رُفعت عنها السرية قبل أيام، تكشف أن الرجل القوي سابقا في ليبيا الرائد عبدالسلام جلود هدد العام 1979 حكومة مارغريت ثاتشر بمعاودة تقديم دعم لمتمردي «الجيش الجمهوري الإيرلندي» في حال لم تطرد لندن 12 معارضا ليبيا يقيمون على أراضيها وينشطون ضد حكم العقيد معمر القذافي.

كما تكشف أن القذافي نفسه كان قبل ذلك بفترة وجيزة بعث برسالة سرية إلى ثاتشر عبر حكومة البحرين يطلب فيها فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. لكن الوثائق التي رُفعت عنها السرية تنقل أيضا عن الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل أن القذافي أبلغه أن بلاده أوقفت فعلا دعمها لمتمردي «الجيش الجمهوري الإيرلندي» وأنه اتهم هؤلاء المتمردين بـ «خداعه». وفي ما يأتي ملخص لبعض هذه الوثائق:

يكشف دبلوماسي في السفارة الليبية في طرابلس في مذكرة سرية بعث بها بتاريخ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1979 أن الرجل القوي سابقا في مجلس قيادة الثورة في ليبيا الرائد عبدالسلام جلود لوّح في لقاء معه في العاصمة الليبية بأن بلاده ستقوم برد على استضافة المملكة المتحدة معارضين للحكم الليبي. وقدّم جلود لائحة بأسماء 12 معارضا ليبيا لا تكشف الوثائق البريطانية أسماءهم. لكن طلب جلود آنذاك كان مؤشرا مسبقا إلى أن ليبيا لن تسكت إزاء نشاط المعارضين في لندن، وهو أمر تجلّى لاحقا في عمليات اغتيال لمعارضين وصدام أمام مقر «المكتب الشعبي» الليبي (السفارة) في لندن العام 1984، ما أدى إلى مقتل الشرطية إيفون فلتشر.

ولا تُعرّف الوثائق البريطانية هوية الشخص الذي أرسل المذكرة من طرابلس سوى بذكر توقيعه «ويليام». ومعروف أن السير دونالد ماري تولى منصب السفير في طرابلس بين 1974 و1976، في حين تولى مايكل إيديس منصب السفير بين 1980 و1983، ما يعني أنه لم يكن هناك سفير في طرابلس العام 1979. والأرجح أن «ويليام» كان أحد مسئولي السفارة في تلك الحقبة.

وأضافت «الحياة»: يقول «ويليام» في مذكرته المؤرخة في 26 نوفمبر:

1- استغل جلود هذا الصباح مُناسبة وداعي كي يثير معي ما وصفه بأنه موضوع بالغ الأهمية كان يريد إثارته معي منذ أكثر من شهر. يتعلق هذا الأمر بليبيين معادين للجماهيرية يقيمون حاليا في بريطانيا. هم ينقسمون بين متخلّف عن أداء الخدمة الوطنية (العسكرية)، وبين أشخاص تخلّفوا عن دفع ما يدينون به للمصارف، ومعادين سياسيين للنظام. أراد (جلود) أن يتحدث فقط عن هذه الفئة الأخيرة. بعد تحقيق مطوّل استغرق أكثر من أربع سنوات، قررت القيادة حصر الأمر بـ 12 أسما لليبيين في المملكة المتحدة ينشطون في الدعاية ضد النظام وينشرون مجلات غير شرعية ويقومون عموما بنشاطات «غير صديقة».

2- في البدء أخذ جلود خطا هجوميا، قائلا إن القيادة الليبية تريد أن يتم ترحيل هؤلاء الـ 12 (الذين سيتم تزودي لاحقا هذا النهار بأسمائهم) إلى ليبيا، وإلا فإن أقل ما يمكن القبول به هو طردهم من بريطانيا. وفي حال الرفض، (قال جلود) هل تود حكومة صاحبة الجلالة رؤية مكتب للجيش الجمهوري الايرلندي يُفتتح في طرابلس؟ أجبته بأن التقاليد في بريطانيا تقول إن مجتمعنا مجتمع حر حيث يمكن للمختلفين مع حكوماتهم إيجاد ملجأ. لكننا لم نسمح لمثل هؤلاء الأشخاص باستخدام أراضينا من أجل القيام بنشاطات سياسية معادية ضد حكومات لدينا معها علاقات صداقة. وإذا كانت لدى الحكومة الليبية شكوى في هذا الشأن يمكن دعمها بالدليل، فإنني واثق من أن حكومتي ستكون مستعدة لدرس اتخاذ إجراء مناسب، لكنني لا أعتقد أنه في ظل عدم وجود معاهدة تسليم يمكن أن يتضمن ذلك (الإجراء) إعادة المخالفين إلى ليبيا. ولكن أي إجراء مثل هذا سيؤخذ على أساس علاقات الصداقة بين حكومتينا. وأي تلميح بالتهديد من قبل (استضافة) «الجيش الجمهوري الإيرلندي» فإنه سيقاس على أساس أنه يجلب رد فعل سلبيا حادا، وإنني آمل أنه (جلود) سيطلب مني عدم الإبلاغ عن ملاحظاته هذه في شأن الجيش الجمهوري (إلى حكومة بلادي).

3- بعد أخذ ورد، غيّر جلود لهجته إلى لهجة أكثر عقلانية. قال إنه قال للقيادة (الليبية) إن التسليم لا يمكن توقعه... وإن ملاحظته في شأن «الجيش الجمهوري الإيرلندي» كانت لإعطاء مثل. فكما فعلنا نحن قبل أريع سنوات عندما قلنا إن علاقات ليبيا بـ «الجيش الجمهوري» تضر بعلاقاتنا الثنائية، فإن الليبيين الآن يريدون التحذير من أن إيواءنا الـ 12 والسماح لهم بالقيام بنشاطات معادية للحكومة الليبية يضر أيضا بهذه العلاقات. أخذت القيادة (الليبية) عن عمد وقتها، وأمرت بمزيد من التحقيقات وذهبت إلى مدى بعيد من أجل خفض اللائحة وحصرها بـ 12 فقط.

4- قلت، بعد ذلك، إنني سجّلت الأهمية التي تلقيها القيادة الليبية على هذه المسألة وسأرسل تقريرا بذلك إلى حكومتي. وإنني متأكد من أن حكومتي سترغب في إبلاغها بأي دليل على تصرفات غير ملائمة من قبل الـ 12، وهذا يمكن أن يتضمن اتصالات بين السلطات الأمنية الليبية والسلطات المعنية في المملكة المتحدة في شأن المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها في هذا الإطار (عن نشاط هؤلاء المعارضين). لا يمكنني أن أؤكد التزام حكومة جلالة الملكة باتخاذ إجراء معيّن، لكنني أستطيع أن أؤكد له أن ليس لحكومة جلالة الملكة أية رغبة في منح الراحة أو الدعم لأي شخص يهدف إلى التأثير سلبا في العلاقات التي تتحسن بين بلدينا.

5- انتهى اللقاء بتبادل العبارات الودية.

وتكشف وثيقة أخرى تفاصيل عشاء نقل فيه الكاتب المصري محمد حسنين هيكل عن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي رأيه في «الجيش الجمهوري الإيرلندي». وتقول الوثيقة المرسلة من «تومكيس» (دبلوماسي بريطاني) إلى دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية ووزير الدولة في الخارجية اللورد نيكولاس تشارلز غوردون لينوكس:

1- ربما من المفيد تسجيل الملاحظات التالية التي أدلى بها هيكل خلال عشاء أقامته ميرنا البستاني الليلة الماضية (والتي تكلمنا عنها قبل ذلك).

2- قال هيكل إن القذافي مسلّ،... وإن بساطته السياسية بدأ يحل محلها أسلوب السخرية (CYNICISM).

3- إحدى النقاط التي أثارها كانت قضية علاقة القذافي بـ «الجيش الجمهوري الإيرلندي» التي أكد هيكل إنها قُطعت قبل ذلك (قبل تاريخ اللقاء في 1979) بما لا يقل عن عامين. قال إنه في العام 1976 سأله السير أتش ويلسون (مسئول بريطاني) عما إذا كان في إمكانه استخدام نفوذه لدى القذافي لإقناعه بالامتناع عن إرسال أسلحة إلى «الجيش الجمهوري الإيرلندي». وسأل هيكل القذافي في وقت لاحق من ذلك العام لماذا يفعل ذلك، فأجابه القذافي بأنه يقوم بذلك من أجل دعم حركة تحرير وطني تسعى إلى التخلص من نير الاستعمار. فحاول هيكل عندئذ وضع موضوع «الجيش الجمهوري» في إطار أشمل، مُشددا على أن كثيرين من سكان الإقليم (الإيرلندي) لا يدعمون وسائل «الجيش الجمهوري» ولا قضيته، وأن حلا سياسيا هو المطلوب... فرد القذافي بأن «الجيش الجمهوري» خدعه، وإنه سيجري استفسارات (في شأن حقيقة أن «الجيش الجمهوري» لا يمثّل تطلعات كثيرين في إيرلندا الشمالية). وفي وقت لاحق من ذلك العام، أراد (القذافي) أن يُبرز نقطة عندما قال لهيكل إنه قرر وقف دعمه لـ «الجيش الجمهوري». (يمكنكم التذكير بتأكيد القذافي لهذه النقطة لرئيسة الوزراء والتي نُقلت في البحرين في حزيران/ يونيو الماضي).

وكان كاتب الوثيقة السابقة يشير في حديثه عن الرسالة التي نُقلت إلى مارغريت ثاتشر في البحرين إلى موقف نقله القذافي إلى رئيسة الوزراء لدى توقف طائرتها في المنامة للتزوّد بالوقود. وتتعلق الرسالة بإبداء الرغبة في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. وجاء في الرسالة المؤرخة بتاريخ 10يوليو/ تموز 1979 وتحمل توقيع وزير الخارجية البريطانية اللورد كارينغتون وموجهة إلى مسئولي السفارة البريطانية في طرابلس:

1- استغل القذافي فرصة توقف قصير لطائرة رئيسة الوزراء في البحرين للتزود بالوقود في 2 يوليو كي ينقل رسالة عبر رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة. قال الشيخ خليفة للسيدة ثاتشر إن القذافي وصل إلى البحرين في اليوم السابق وإنه عندما سمع بأن السيدة ثاتشر ستتوقف هنا طلب منه أن ينقل إليها تمنياته بفتح صفحة جديدة في علاقات ليبيا مع المملكة المتحدة. تمنى القذافي لرئيسة الوزراء أن تعرف أنّه في السنوات الثلاث الماضية لم يحصل أي اتصال بين النظام الليبي و «الجيش الجموري الإيرلندي»، ولم يتم إرسال أية أسلحة إليهم. أقر (القذافي) بأنه كان على خطأ في تعاطيه مع الاتفاقات العسكرية التي تم إجهاضها بين ليبيا والمملكة المتحدة (هذه الاتفاقات كانت محور خلاف عميق بين البلدين في تلك الحقبة).

2- أفترض أنك يمكن أن ترى (المسئول الليبي) الأطرش أو حتى (علي) التريكي قبل مغادرتك في 12 يوليو... قد لا يمكن إعداد رد على هذه الرسالة حاليا، لكن يمكن القول لليبيين إن الرسالة قد وصلت وسيتم إعطاؤها قدرها المناسب. يمكن الاستناد إلى التعبيرات العامة في شأن أطيب التمنيات التي وردت في رد وزير الخارجية (كارينغتون) على رسالة الدكتور التريكي (أُرسلت لك بالحقيبة في 20 يوليو).

3- يمكنك التقدير أن هذه الإشارات من القذافي مُساعدة جدا بينما نعمل على درس الخلاف على التعويضات (الخاصة بالاتفاقات العسكرية الملغاة).

وفي الموضوع ذاته، كتب السفير البريطاني في المنامة بين العامين 1979 و1981 هارولد والكر (يوقّع فقط باسم «والكر») عن تفاصيل ما نقله الجانب البحريني عن القذافي. وقال «والكر» في مذكرة بتاريخ 9 يوليو 1979 طالبا نقل نسخة منها إلى واشنطن:

«1- سألت وزير الشئون الخارجية (البحريني) هذا الصباح عن شرح مفصل مباشر عما قال القذافي له في شأن العلاقات البريطانية - الليبية.

2- رد الشيخ محمد بن مبارك بأنه تم تأخير المحادثات البحرينية - الليبية بسبب توقف ثاتشر في البحرين، وأن القذافي علّق (عندما سمع بتوقف ثاتشر) بأن لليبيا بعض المشاكل مع بريطانيا. فبعد الثورة ألغى الليبيون عقد تسلح مع بريطانيا. قال القذافي إنه يأسف اليوم لذلك (على ما يبدو، الأسف ليس بسبب هذا التصرف، بل لأن القذافي يعتقد أن هذه الأسلحة انتهت في يد المصريين). ثانيا، كان هناك خلاف على تأجير قاعدة الأدهم الجوية. ثالثا، لم يقبل البريطانيون دعم ليبيا لـ «الجيش الجمهوري» بالمال والسلاح.

3- قال القذافي إنه يؤكد للبحرينيين أنه على مدى ثلاث سنوات لم يقدم أي دعم لـ «الجيش الجمهوري»، على رغم أنه أخلاقيا دعمهم كما دعم حركات التحرر (الأخرى). قال إنه حاول أن يقيم علاقات أفضل مع الحكومة البريطانية الأخيرة (حكومة جيمس كالاهان) لكن جهوده لم تؤد إلى نتيجة. إنه الآن يريد أن يحاول مع الحكومة الجديدة البريطانية (حكومة ثاتشر). ووفق ما قال الشيخ محمد، «قال القذافي تحديدا إنه يود شراء معدات عسكرية من المملكة المتحدة».

العدد 2677 - الأحد 03 يناير 2010م الموافق 17 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:37 ص

      نعم هذا الي ناقص

      خله يطلع موسى الصدر احسن ليييه .. وبعدين مو قاصرينه ولا ناقصين بلاااوي ..

    • زائر 3 | 1:10 ص

      قذافي

      بل خلوه ينقلع عنا ما نبغيه قال قذافي قال لا تعطونه وجه لا يقذفكم بالقاذفات التشليخ اللي عنده بعد مو قاصرنا يجينا الأهبل ويتنطط لينا.... وقبل ما أنسا وييييييييييييييين موسى الصدر؟؟؟؟

    • زائر 2 | 1:03 ص

      ولييه

      قاصرين مجانيين و محنطيين

اقرأ ايضاً