بين محطة مشرف وبحيرة المسك شيء مشترك وإن اختلفا بالنتائج وطريقة المعاجة.
ما حصل في الدولتين يصلح لأن يكون درسا في إدارة الأزمات ويوضع تحت التشريح أمام طلبة الجامعات، فهو مثال حي يقدم أمثولة واقعية بكيفية التعاطي مع الأزمات على خلفية نظامين سياسيين مختلفين... ومن أجل اكتمال الصورة سيكون مفيدا تقديم الوقائع وما جرى في كلا الحالتين..
يوم «الأربعاء الأسود» كما يطلق عليه السعوديون، هو اليوم الذي هطلت فيه أمطار غزيرة سقطت على مدينة جدة والمناطق القريبة منها كمية من الأمطار بلغت 90 ملم في ساعات محدودة بشكل مفاجئ أسفر عن مقتل 116 شخصا وتشريد 22 ألف وفقدان 47 وهو بخلاف التدمير والخسائر المادية التي قدرت بملايين الدولارات...
كارثة جدة فتحت ملف «بحيرة المسك» وهي تسمية مخادعة بغير معناها، فالبحيرة عبارة عن تجميع لمياه المجاري، ترتفع عن سطح البحر بنحو 125 مترا وحجم المياه الملوثة والمحتجزة فيها يقدر بنحو 30 مليون متر مكعب، عمقها يصل إلى عشرة أمتار وبطول أربعة كيلومترات وعرض أكثر من 2 كيلومتر.
تقع في ملتقى أودية وتضم خليطا من مياه المجاري والزيوت والمخلفات الصناعية..
والبحيرة ليست جديدة بالمعنى الزمني، فمياه المجاري تتجمع فيها منذ 25 سنة وحمولة المياه الملوثة التي كانت تفرغ فيها في البداية لم تكن تتجاوز 5 آلاف متر مكعب إلى أن وصلت اليوم إلى 50 ألف متر مكعب يوميا، يتوافد عليها يوميا نحو 1400 صهريج من مياه الصرف الصحي تصب فيها آتية من مختلف أحياء مدينة جدة...
يحيط «ببحيرة المسك» نحو 36 ألف مواطن موزعين على تسعة أحياء وباتت أكبر بحيرة مفتوحة لتجميع مياه الصرف الصحي والتي يتم التفريغ فيها على مدى سنوات سابقة...
أمطار «الأربعاء الأسود» رفعت منسوب مياه البحيرة إلى 14 مترا مما أحدث الرعب والخوف عند الأهالي الذين نزح معظمهم ومن بقي بات يعيش حالة هلع من تكرار المأساة... وكيف ستنعكس حالة البحيرة عليهم... مخاوف السكان مازالت قائمة بالرغم من الأعمال الاحترازية السريعة التي بادرت إليها الجهات المعنية لطمأنتهم...
مشاعل بنت محمد آل سعود، الباحثة المتخصصة في مجال الأودية والسيول طرحت السؤال التالي... ماذا لوهطلت أمطار ووصل معدلها إلى 30 ملم؟
تجيب: المنطقة ستتضرر وقد تغطي المدينة كاملة بالمياه وتحدث كارثة في البحيرة ومحيطها...
أكبر الأخطار عدم وجود شبكات صرف صحي في مدينة جدة وهو ما أدى إلى ظهور بحيرة «المسك» التي صارت أشبه بقنبلة موقوته... وتنتهي الباحثة إلى القول إن «مشكلة الصرف الصحي هي حجر الاساس والسبب في كل المشاكل الناجمة عنها»...
إذن ماذا فعلت الدولة السعودية وكيف عالجت الكارثة...
استنفرت المؤسسات والإدارات المعنية واتخذت جملة من الإجراءات السريعة، منها بناء ثلاثة سدود ترابية لمنع فيضان مياه «بحيرة المسك» في حال هطول أمطار جديدة ومدْ قنوات لسحب المياه الزائدة باتجاه البحر واستنفار هيئات الدفاع المدني والأشغال والداخلية وتركيب أكثر من عشرين مضخة لشفط المياه الواقعة خلف السد الاحترازي للبحيرة...
أمير منطقة مكة اتخذ قرارين مهمين، بعد أن ذهب للموقع وعاين الأضرار والتقى بالمسؤولين بعد أسبوع من الكارثة، يقضيان بإزالة وتجفيف البحيرة خلال سنة واحدة وإعادة فتح مجاري السيول المغلقة حتى تصب في البحر...
الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمر بتشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة أي مسئول يثبت تورطه في الكارثة في موازاة صرف مليون ريال سعودي لكل عائلة فقدت منزلها أو أحد أبنائها...
ما حصل في جدة نتيجة السيول وانكشاف فضيحة البحيرة انعكس في الصحافة السعودية التي رأت فيما جرى بأنه نتاج للفساد، فالمليارات المخصصة للمشاريع العامة لا أحد يعرف كيف تصرف، ولذلك تحولت النكبة إلى فرصة ونقطة تحول لترفع الصحافة من سقف انتقاداتها وحرياتها فالكاتب محمد الرطيان كتب مقالة تلقفها السعوديون بشكل غير مسبوق وتناقلتها وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية مفادها أن «ماحدث بمثابة كارثة والسبب الفساد، فوراء كل فاسد صغير، فاسد كبير يحميه... وأن المملكة أمام أمرين أما حرب حقيقية ضد الفساد وأما «أن نطأطئ الرؤوس ويا دار ما دخلك شر».
وعلى نفس المنوال، طالب الصحافي داوود الشريان «بالحياة» بإطلاق يد الصحافة وفك ارتباطها بالحكومة لممارسة دورها كسلطة رابعة ونقلها من حالة التدليس إلى مرحلة الصدق ورفع يد وزارة الإعلام عنها فمن دون صحافة مستقلة ستتكرر الكوارث...
العدد 2675 - الجمعة 01 يناير 2010م الموافق 15 محرم 1431هـ
كل المصائب
بسبب الاسلام البترولي الحامي لظلمه القاتل للابرياء
ايها السعوديون اصبروا
بدل ان تتجه السعودية لانفاق المليارات على حرب كراهية في اليمن، عليها ان تنفق المال على البنية التحية. اعتقد ماحصل في جدة هو لعنة ابرياء اليمن. ايها السعوديون اصبروا قليلا فما هو قادم أشد ما دمتم تقتلون وتحقدون ولاترحمون.