مررت بالعديد من المدارس في حياتي، ولم أثنِ عليها، ولكن ما وجدته من تواصل في مدرسة الحد، ألزمني الكتابة عن طاقمها، إذ إنني كنت طريحة الفراش منذ 3 أيام، ولكنّ هاتفي كان سعيدا ومستبشرا خيرا من كثر الاتصالات التي تلقّاها من المدرِّسات للسؤال عني.
وقد كنت قد نسيت التواصل مع الناس عند المرض، ونسيت أهمّية السؤال عن الأحباب، وما لقيته من متابعة وسؤال عن الحال جعلاني أتابع أحبّائي، فأخذت بالاتصال بمن أحبّهم من المرضى، وواصلت المسير بصلة الرحم، ولَكم كان جميلا مع حلول السنة الجديدة، أن نرى الأحباب والخلاّن.
ولكن المشكلة لا تكمن في عدم السؤال فقط، بل بكثرة المشاغل، فالناس انشغلوا بحياتهم، حيث أصبحت هذه العادة البسيطة والجميلة، والتي تحسب عند الله تعالى بميزان الحسنات، ثقيلة جدا، وليس هناك كثير من الناس يعمل بها.
وعندما تتّصل لتسأل عن أحد ما، فانّك تذكّره بمدى حبّك واحترامك له، ومدى عزازته في قلبك، ولكن الحياة العصرية التي نعيشها، وكثرة الأمور المثقلة على كاهلنا، تجعلنا نبتعد عمّن نحب، بسبب عدم السؤال والبعد والمقاطعة.
وفي أحيان أخرى قد تكون زعلان من أحد، أو حتى أنّك مظلوم منه، ويكفي سؤاله عنك في وقت ضيقك، مدعاة لردم الحاجز الذي بينكما، فتختفي الأحقاد، وتختفي المشكلات، وتبدّل بقرب ومودّة وحب قد تكون للأبد. أليس جميلا أن نواصل المرضى؟ وأليس الأجمل منه أن ننسى ما بيننا في وقت الأزمة أو المرض؟ إن المشاعر لا تشترى بقنطار دينار، ولكنها تتدفّق بكلمة طيّبة تبدأ بـ: كيف حالك يا أخي؟ «عسى ما شر يا الغالي»؟
ولنعلم بأنّ الدنيا غير مستمرّة وإنها زائلة، ومحظوظ هو من يبدأ بالسؤال، ويبدأ بالكلام الطيّب الذي يذيب الجليد الجامد، وهذا هو الذكاء الاجتماعي الذي يخاطبنا به علماء الاجتماع، فالفوز هو عندما تبدأ أنت قبل أن يبدأ هو!
أعرف أحد الإخوة المنقطع عن أخوه لمدّة لا تقل عن 20 سنة، ضيّعها في الغضب والحقد، كما أفناها في النميمة والتحدّث عنه بما لا يجب، فلمّا مات أخوه، أخذ يولول ويتأوّه، ويقول يا ليتني تحدّثت معه، ويا ليتني بدأت بالسلام والسؤال عندما كان مريضا.
ما فائدة النواح والبكاء، بعد أن ذهب الأخ والصديق، لا يفيد بالطبع، فلا الصياح سيرجع الميت، ولا النواح سيجعله يتحدث معه مرة أخرى، فالفرصة قد ضاعت... نعم، ضاعت في العناد من قبل الطرفين أو أحدهما على الأقل، ولا ينفع الندم الآن بعد أن ضاعت الفرص تلو الفرص للمصالحة.
أرأيتم ما أجمل السؤال عند المرض، وما أعظمه عند الله عزّ وجل ورسوله (ص) الذي قال في حديثه الشريف: «إنّ المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنّة»، وفي رواية قيل: «يا رسول الله وما خرفة الجنّة؟ قال جناها»، رواه مسلم.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2674 - الخميس 31 ديسمبر 2009م الموافق 14 محرم 1431هـ
عسى ما شر يا الغالي
اعتقد ان الانسان مهما انقطعت الصله به أو بين اخوانه لا بد ان الشخص الاخر يراجع نفسه يمكن الخطأ منه وليس من اخوه او أخوانه وربما يتابعون من بعيد احوال اخوانهم لانه في صالحهم افضل من ان الاخو يكذب على اخوه فربما الابتعاد يكون افضل حتى لو عاند ويمكن العناد يكون من الاخت وهي علي حطأ فالعناد ليس في صالحه لانه الاخوان والاهل دائماً يتمنون الخير لأخوانهم ولكن مساعدتهم في الخطأ مصيبة
ما تشوفين شر يا الغالية
يا صاحبة القلم والفكر الحر
جميل فيما تكتبين !!
اشكرك أختي مريم على هذه الكتابات الجميلة فأنا من المتابعين الكثر لهذه الكتابات المفعمة بالعطاء ، أكحلتي ناظيرنا بهذه الادموجة للحروف العبقة اختى ..
فالصلة والتواصل ارقى النعم التي انعمها الله علينا ولها منبع طويل الامد لبث الروح والتعايش بأريحية لدى الاخة المسلمين ..
فشكراً لكي اختنا مريم على هذه النماذج الرائعة لكتاباتك ..
تحياتي
زهير السعيد
:):)
سؤال
استاذة مريم
هل انتي اللي الاستاذة اللي بجامعه البحرين ؟
بومريم
المبدعه كل عام وأنتي بخير .
الله يبارك فيج يا الشروقية
فعلا اختي مريم التواصل مهم خاصة مع الاخوة و الاهل ، حتى نصل الرحم ، وان نحن من أمة محمد عليه الصلاة والسلام