العدد 2673 - الأربعاء 30 ديسمبر 2009م الموافق 13 محرم 1431هـ

الأطفال الفلسطينيون يعانون من غياب البرامج التلفزيونية الملائمة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تبلغ نسبة وصول التلفزيون إلى الفلسطينيين مئة في المئة. ويملك كل منزل فلسطيني تقريبا، بغضّ النظر عن معدل فقر الأسرة، جهاز تلفزيون في غرفة جلوس الأسرة. وتبلغ ملكية جهاز التلفزيون أعلى من المعدل بين الفلسطينيين لسببين رئيسيين: يشعر الناس نتيجة لاستمرار النزاع بالحاجة لمشاهدة التلفزيون لمواكبة الحوادث والأخبار التي تؤثر على حياتهم بشكل مباشر. كذلك، وبوجود هذه المعدلات المرتفعة من انعدام الأمن والاضطرابات خارج المنزل يُعتبر التلفزيون أحيانا المصدر الوحيد للتسلية والترفيه.

ولكن رغم أن الأسر الفلسطينية تقضي العديد من الساعات يوميا ملتصقة بشاشات التلفزة، فإن برامج الأطفال الفلسطينية الأصلية معدومة تقريبا. نجد بدلا منها ساعات من أفلام الكرتون اليابانية المدبلجة وغيرها تملأ الساعات المخصصة للأطفال. وتقع هذه البرامج عادة في واحدة من ثلاث مجموعات تحمل في طياتها احتمالات كونها غير نافعة، فهي أولا مدبلجة باللغة العربية الفصحى (لضمان بيعها في الدول الـ 23 بالعربية)، وهي مكونة من برامج مستوردة ذات مضمون عنفي، أو أنها تدور حول مواضيع دينية.

كذلك يصعب فهم الأطفال الفلسطينيين في سن قبل المدرسة للبرامج التي يجري بثّّّها بالعربية الفصحى، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى برامج الأطفال الناطقة بلغة شكسبير الإنجليزية بالنسبة إلى أطفال المملكة المتحدة.

تبثّ محطتا Spacetoons وMBC3، وهي قناتا أطفال تبثان طوال أربع وعشرين ساعة، برامجهما عبر العالم العربي، وتعرضان أفلام كرتون عنفية جدا مستوردة أو برامج ترفيهية بالعربية الفصحى. أما قناة الجزيرة للأطفال، التي تدرك بصورة أفضل المضمون البرامجي، فهي أكثر جدية وتستخدم كذلك العربية الفصحى بهدف أن تجتذب العالم العربي كله.

المشكلة هي أن كلفة إنتاج برامج الأطفال للسوق المحلي تنزع لأن تكون مرتفعة. وفي غياب عزيمة سياسية قوية أو قاعدة إعلانية لدعمها، يفضل أصحاب القنوات البقاء مع البرامج المستوردة المدبلجة.

يحتاج الأطفال الفلسطينيون بشدة لبرامج تستطيع التعامل مع قضاياهم. وتبرز أهمية هذه الحاجة بصورة أعمق إذا أخذنا بالاعتبار حقيقة أن ما يزيد على 65 في المئة من الأطفال الفلسطينيين لا يملكون سبل الوصول إلى التعليم ما قبل المدرسة. يملك المنتجون التلفزيونيون في هذا المضمون السلطة، إذا اختاروا ذلك لتحقيق فرق كبير، فباستطاعتهم استحداث برامج تربوية تخاطب الحياة الفعلية للأطفال الفلسطينيين. يستطيعون كذلك إعطاء الأطفال فترة استراحة من التوترات التي تحيط بهم وبديلا للمستوى المرتفع من العنف الموجود في البرامج المستوردة.

وقد كان للطبيعة المغلقة للمجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال تأثيرها على جيل كامل نشأ وهو يفتقد للتسامح تجاه الآخر، بغض النظر عما إذا كان الآخر من منطقة أخرى أو دين آخر أو حزب سياسي مختلف أو خلفيات وطنية أو عرقية مختلفة.

لا تفعل الكمية الهائلة من برامج التلفزيون غير الموجهة لا لبهجة الأطفال الفلسطينيين ولا إلى بيئتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية سوى القليل في المناطق الفلسطينية للمساعدة على إنشاء أفراد ذوي معرفة وتأقلم.

إلا أن هناك بعض المؤشرات بأن انعدام الاهتمام بتعليم الصغار آخذ بالتحول. بدأت وزارة التعليم مؤخرا تعطي اهتماما أكبر للأطفال في سن ما قبل المدرسة، وتأخذ هذه المجموعة الآن أهمية كبرى في الخطة الخمسينية الحالية. أظهرت المنظمات غير الحكومية كذلك اهتماما بالتعامل مع الأطفال في هذه السنوات التكوينية.

وفي الوقت الذي يركز فيه هذا الاهتمام بالدرجة الأولى على النواقص في النظام التعليمي ما قبل المدرسة، يجب أن يُعطى اهتماما أكثر للإعلام. ومن أجل ذلك يتوجب على الحكومة وشركات الإعلام من القطاع الخاص، إضافة إلى المنظمات غير الحكومية المحلية والعالمية أن تجتمع معا لإيجاد شراكات استراتيجية تنتج برامج ذات علاقة، سياسية وثقافية مكيّفة خصيصا للأطفال الفلسطينيين.

* مؤسس ومدير PenMedia، وهي منظمة فلسطينية غير حكومية تقوم بإنتاج برنامج «شارع السمسم»، وهو الصورة الفلسطينية من برنامج Sesame Street، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2673 - الأربعاء 30 ديسمبر 2009م الموافق 13 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً