العدد 2341 - الأحد 01 فبراير 2009م الموافق 05 صفر 1430هـ

«حماس»... والبديل الفلسطيني (1)

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

ردود الفعل الفلسطينية على تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل بشأن البحث عن مرجعية بديلة لمنظمة التحرير ساهمت في إعادة الأمور إلى نصابها القانوني.

كل الفصائل تقريبا رفضت الدعوة واعتبرت أن الاستجابة لمحاولات تفريغ المؤسسات الفلسطينية من تاريخها يؤدي إلى تشرذم مصادر القرار وتفكيك الوحدة إلى مواد أولية تزيد من صعوبة إعادة صهرها ودمجها في إطار الحد الأدنى المشترك.

الاعتراض على دعوة مشعل لم يكن من جانب حركة «فتح» فقط التي تعتبر الفصيل الضامن والأكبر في منظمة التحرير وإنما من مختلف القوى السياسية سواء تلك الممثلة في السلطة وخارجها أو تلك التي تأسست لاحقا بعد تشكل الهيئة الوطنية الشرعية والوحيدة للشعب الفلسطيني. الجبهة الشعبية اعترضت على الدعوة. والجبهة الديمقراطية تخوفت منها. كذلك حركة الجهاد التي تعتبر الحليف الرئيسي لحماس أعربت عن عدم تشجيعها لخطوة قد تودي بالوحدة وتعطل على المقاومة إمكانات تطوير مواقعها وأدواتها الكفاحية.

الإجماع الفلسطيني على رفض دعوة مشعل دفع لاحقا بحركة «حماس» إلى توضيح ملابسات التصريح بإعادة التأكيد على شرعية التمثيل الفلسطيني لمنظمة التحرير مع الاحتفاظ بحق الاعتراض والبحث عن مرجعية موازية وليست بديلة.

التوضيح وضع تصريح مشعل في إطار آخر يمكن التعامل معه بموضوعية في حال اعتمدت قيادة منظمة التحرير سياسة إعادة هيكلة المؤسسات الفلسطينية وتوسيع دائرة تمثيلها النسبي للفصائل التي لا تزال خارج الإطار الهيكلي الرسمي. فهذه النقطة ليست جديدة على جدول أعمال المنظمة إذ طرحت مرارا في فترات سابقة في عهد ياسر عرفات (ابوعمار) واختلف المتفاوضون آنذاك على نسبة التمثيل.

فكرة إدخال «حماس» و«الجهاد» في دائرة المنظمة لا خلاف عليها لأنها كانت مدار بحث سياسي خلال فترة الانتفاضة الأولى حين أعلن رسميا عن ظهور هيئات تتحرك ميدانيا خارج إطار منظمة التحرير. إلا أن المسألة ازدادت صعوبة خلال فترة الانتفاضة الثانية بسبب نمو قوة «حماس» وظهور وجهة نظر تعارض «اتفاقات اوسلو» والمصافحة الفلسيطنية - الإسرائيلية وتلك الشروط الأميركية التي وضعت لتعطيل نمو سلطة فلسطينية مستقلة.

الاختلاف السياسي على نقاط الاعتراف والمصالحة ومساحة التحرير وسيادة الدولة والقرارات الدولية وحدود الاحتلال والانسحاب رفع من درجة التوتر الفلسطيني وعرقل إمكانات إدخال «حماس» و«الجهاد» في دائرة منظمة التحرير. فالاختلاف لم يتراجع بل تطور وانتقل من سياقه التنظيمي ونسبة التمثيل في المؤسسات الفلسطينية إلى سياق الاعتراض على البرنامج السياسي البديل الذي تشكلت نقاطه بناء على الاتفاقات الدولية التي وقعتها قيادة منظمة التحرير مع الحكومات الإسرائيلية.

عدوان يونيو

هذا التحول في المسار الفلسطيني وضع الفصائل أمام استحقاقات مخالفة لتلك الأسس التي انطلقت بناء عليها الثورة الفلسطينية. فالكفاح المسلح الذي قادته «فتح» بناء على برنامج التحرير والعودة انطلق رسميا قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 وكان التركيز آنذاك على الأراضي التي احتلت عام النكبة في 1948.

عدوان يونيو أضاف على الأراضي المحتلة المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية. وبذلك اتسع نطاق الثورة وبات عليها الآن تحرير أراضي 48 وتلك الأراضي التي احتلت في 67 بما فيها مدينة القدس مضافا إليها الجولان والضفة وغزة وسيناء.

المشكلة إذا بدأت تتشكل عناصرها الميدانية قبل ظهور «حماس» و«الجهاد» في نهاية ثمانينات القرن الماضي. وهي جاءت نتاج هزيمة عسكرية أدّت إلى توسيع الأراضي المحتلة لتشمل القدس وكل فلسطين مضافة إلى أراض عربية سورية ومصرية.

بعد يونيو ظهرت للمرة الأولى خلافات فلسطينية بشأن التحرير ومساحته ونسبته وحدوده. وأخذت تطرح مفردات جديدة تتكلم عن أراض محتلة في العام 1948 أو أراض محتلة في العام 1967. وترافقت تلك المصطلحات الطارئة مع تحليلات جديدة تشير إلى برنامج مرحلي للتحرير يبدأ أولا بالقدس وأراضي 1967 لينتقل ثانيا إلى أراضي 1948 أي التحرير الشامل والكامل.

استمر التجاذب الفلسطيني - الفلسطيني إلى أن وقعت حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 التي جرت تحت سقف القرار الدولي 242 وانتهت إلى معادلة سلبية (نصف انتصار ونصف تحرير) ما أدى إلى انقسام عربي (سوري - مصري) بشأن التفاوض وظهور وجهة نظر فلسيطينية تؤكد على ضرورة استثمار التوزان السلبي (الدولي والإقليمي) وعدم التفريط بالقرارات الدولية التي تعطي حق العودة والتحرير وبناء دولة في الأراضي المحتلة في العام 1967. وأدّت وجهة النظر الجديدة إلى تعزيز الخلافات بين الفصائل التي انقسمت بين تيار يريد التحرير الشامل والكامل من النهر إلى البحر وتيار يكتفي بالتحرير الناقص الذي يقوم على فكرة البرنامج المرحلي وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي المحتلة في 1967.

كل هذه الانقسامات الداخلية جرت قبل أن تظهر «حماس» و«الجهاد» على الشاشة السياسية الفلسطينية. واستمر الجدال والنقاش بشأنها طوال الفترة الممتدة من 1973 إلى العام 1982 حين اجتاحت «إسرائيل» لبنان وأخذت بضرب المؤسسات وكل المواقع والفصائل الفلسطينية من دون تمييز بين من يقول بالتحرير الشامل أو بالبرنامج المرحلي.

طرد القوات الفلسطينية المسلحة من لبنان في العام 1982 وضع منظمة التحرير مرة جديدة أمام السؤال السياسي: كيف نرد؟ وأدى السؤال إلى تحريك الخلافات بشأن الجواب.

وجاء الجواب من الداخل الفلسطيني حين انطلقت الانتفاضة الأولى من حي الشجاعية في غزة وبدأت تتحرك الدبلوماسية الفلسطينية بقيادة عرفات بهدف استثمار المعركة سياسيا وتوظيفها باتجاه تأسيس الخطوة الأولى نحو الدولة المستقلة في الضفة والقطاع

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2341 - الأحد 01 فبراير 2009م الموافق 05 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً