توضع القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بين جدارين، جدار الفصل العنصري الذي أنشأه المحتل الصهيوني ويواصل العمل فيه، والجدار الذي يُقام على الحدود المصرية مع قطاع غزة، بتخطيط إسرائيلي، وتصميم أميركي، وتواطؤ عربي.
وبين ما يفعله الجداران على المستوى الميداني من حصار متواصل للفلسطينيين، وما تتحرك به المحاور الدولية والإقليمية على المستوى السياسي، لإنهاء ملف القضية الفلسطينية في متاهات اللعبة الدولية التي بدأت تثير الحديث بشكل جديّ عن الأردن كوطن بديل... يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع أنواع الضغوط التي تستهدف وجودَه وكسرَ إرادتِه وصمودِه.
وفي الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، نلاحظ استمرار هذه الحرب في مفاعيلها الميدانية، ولا سيّما من الناحية الصحية، حيث تتحدث التقارير الصحية عن تفشّي الأمراض الخطيرة، وتعرّض المواليد الجدد لتشوّهات كثيرة بفعل الأسلحة المحرّمة دوليا، إلى جانب الاعترافات الصهيونية بانتزاع أعضاء من أجساد الشهداء الفلسطينيين، واستخدامها في المجال الطبيّ.
إن هذا الوضع الخطير الذي تمرّ به القضية الفلسطينية ميدانيا وسياسيا يستدعي وقفة كبيرة من كل الشعوب العربية والإسلامية وغيرها، لإثارة هذه الملفات إعلاميا وسياسيا وميدانيا، لفضح هذا الكيان في قاعدته الإجرامية التي لا تحترم غير عنصرها من سائر البشر.
وإلى جانب ذلك، تتصاعد الهجمة الاستكبارية الأميركية والصهيونية ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث تسعى الإدارة الأميركية لإيجاد أوسع تحالف دولي يحاصر إيران اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا، لكسرها في المسألة النووية السلمية.
ويبدو أن هذه الهجمة بدأت تستعين ببعض الجهات الإسلامية، والمواقع البترولية التي تقدّم عروضا مغرية لإحدى الدول الكبرى لضرب علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع إيران، بما يُعطي الجهود الأميركية والإسرائيلية والغربية دفعا أكبر في مواجهة إيران، إلى جانب التهديدات التي يطلقها مسؤولون أميركيون، ويوحون من خلالها بإعطاء الضوء الأخضر للعدوّ الصهيوني لكي يستهدف إيران بشكل مباشر.
إننا نراهن على الفئات الواعية والحيّة في شعوبنا الإسلامية والعربية، لفضح كل هؤلاء الذين يركبون موجة المستكبرين والصهاينة، وإسقاط كل من يحاول إيهام العرب بأن إيران تمثل العدوّ لهم، وأن الكيان الصهيوني يمكن أن يكون الصديق والحليف.
أما في لبنان، فنريد لورشة الإصلاح السياسي والاجتماعي أن تنطلق في أوسع نطاق ومدى، وأن لا يقتصر الاهتمام بالطبقات الفقيرة على دعم محدود لأسعار بعض المحروقات هو أشبه بالدعم الوهمي، لأن الوضع هو أعقد من ذلك بكثير، ولأن رهانات الناس على الحكومة تتجاوز المعالجات الآنيّة نحو المعالجات الجوهرية.
إننا في الوقت الذي نشعر بالارتياح لتجاوز ملف العلاقات اللبنانية ـ السورية كل هذا الركام من الأخطاء والألغام، نأمل أن تنطلق عجلة الحياة لرفد هذا الملف بخطوات ميدانية كبيرة، على طريق تعزيز العلاقات العربية الداخلية، ولا سيما في خط المواجهة للمشاريع الاستكبارية والصهيونية التي تحاك ضد كل واقعنا العربي والإسلامي.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2668 - الجمعة 25 ديسمبر 2009م الموافق 08 محرم 1431هـ