العدد 2668 - الجمعة 25 ديسمبر 2009م الموافق 08 محرم 1431هـ

«هوزيه» ترينيداد... هوية عاشورائية بنكهة مختلفة

في كرنفال «ملون» يشارك فيه المسلمون والمسيح والهندوس

تتعدد احتفالات المسلمين في مختلف أنحاء العالم بذكرى عاشوراء التي تصادف يوم العاشر من شهر محرم الحرام من كل سنة هجرية، وهي ذكرى مقتل الإمام الحسين (ع)، فإذا كانت المناسبة تحيى في دول يشكل فيها المسلمون الغالبية من خلال ارتداء السواد وإقامة المآتم ونصب العزاء، فإن هنالك دولا ومناطق يمثل فيها المسلمون أقلية، ولكنهم يحيون هذه المناسبة بأساليب وطرق مختلفة تماما، ومن بين هذه المناطق والدول اخترنا لكم في «ألوان الوسط» ترينيداد التي يشكل فيها المسلمون 6 في المئة، فيما تعد الهندوسية والمسيحية الديانتين الرئيسيتين، وهي من بين الدول التي تحتفل بذكرى عاشوراء بأسلوب يحمل ألوان فرح ممزوجة بقرع طبول وموسيقى حزينة.

«HOSAY CARNIVAL» هو المسمى الشهير لاحتفالات عاشوراء في ترينيداد، حيث يستعد لهذا الاحتفال مباشرة بعد عيد الأضحى المبارك ويستمر حتى يوم العاشر من المحرم.

«هوزيه» هو الاسم المحلي للإمام الحسين بن علي (ع)، أما الكرنفال فقد بدأ في ترينيداد في منتصف القرن التاسع عشر عندما وصل إلى ترينيداد عشرات الآلاف من الهنود، جاءت بهم الإدارة الاستعمارية البريطانية للعمل هناك. وكان ضمن هؤلاء ثلاث عوائل مسلمة شيعية فقط. هذه العوائل الهندية الشيعية قدمت من ولاية «عوض» الهندية (آنذاك كانت ولاية تحت حكم شيعي، وحاليا تسمى بـ «أوتاربراديش» في شمال الهند)... وتلك الولاية الشيعية كانت لها مراسيم مختلفة للاحتفال بعاشوراء، وهذه تم نقلها مع من هاجر إلى أميركا الوسطى.

يبدأ المشاركون سنويا بالإعداد للكرنفال بعد الانتهاء من عيد الأضحى المبارك من خلال بناء منارات ومسجدين صغيرين من الخشب والألواح غير السميكة، تمثل مسجدا للحسين بن علي (ع) ومسجدا آخر للحسن بن علي (ع). المنارات يتم تغيير لونها وتصميمها بحسب الاتفاق السنوي بين الفئات المجتمعية المشاركة، وتبدأ ورشات العمل بصناعة نوع خاص من «الطبول» المعمولة من الفخار والجلد، وهذه الطبول أنواع مختلفة، وكل تصميم فيها يعطي نغمة معينة، فواحدة تذكر بدعوة أهل الكوفة للحسين (ع)، وأخرى تُذكر بالخديعة التي وقع فيها مسلم بن عقيل وأصحاب الحسين، ونوع آخر يعطي نغمة الحرب، ونغمة أخيرة وهي نغمة حزينة تخصص ليوم العاشر للتذكير باستشهاد الحسين (ع).

من بين الأمور التي يتم العمل عليها صناعة الهودج، حيث يزين المسلمون هذا الهودج بالذهب والفضة وبأزهى الألوان الوهاجة وأحلاها، ويشترك المسيحيون والهندوس، بالإضافة إلى المسلمين، معا في احتفالاتهم العظيمة بيوم عاشوراء في مسيرة عظيمة في طليعتها هذا الهودج الفخم... وتسير الجماهير وراءه تحف بها الطبول وآلات الموسيقى بأنغامها الحزينة تطوف شوارع العاصمة... وبين تعالي العويل والهتاف بحياة سيّد الشهداء الإمام الحسين (ع) يلقى بالهودج إلى البحر الصاخب فتحمله الأمواج إلى الأعماق الزرقاء المجهولة، ومن ثم يعود الجميع إلى مجالس العزاء.

وينضم السكان من أعراق متعددة، بما فيها الهندوس والكريول والأفارقة والترينيداديون معا للمشاركة في احتفالات «هوزيه»، منذ أصبح المستعمرون يحترسون ويتخوفون من الاجتماعات العامة في أواخر القرن التاسع عشر، ومن هنا اعتبر هؤلاء المستعمرون احتفالات «هوزيه» على أنها ثورة محتملة وقاموا بمنع إقامة الاحتفال في العام 1884. بينما قام السكان بتحدّي السلطات البريطانية والاستمرار بإقامة الاحتفالات.

وعليه، أصبحت مناسبة «هوزيه» مع مرور الوقت تمثل رمزا لحياة المنفى لجميع الجاليات الدينية والعرقية في ترينيداد، كمقاومة ثقافية وتحدٍ ضد هيمنة السلطات الاستعمارية. ويشارك المسلمون وغير المسلمين على حد سواء بالصيام الشعائري والنشاطات التطهيرية المتعددة الأخرى إلى جانب المسلمين، بحيث يعترف الجميع بقبول الممارسة الشعبية العامة للتقاليد الإسلامية في المجتمع في ترينيداد ويعطونها الأهمية التي تستحقها.

العدد 2668 - الجمعة 25 ديسمبر 2009م الموافق 08 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:45 م

      صادق بغدادي

      الله يبارك في كل اتباع اهل البيت وفي كل مكان وزمان من هذا الكون الفسيح

اقرأ ايضاً