العدد 342 - الأربعاء 13 أغسطس 2003م الموافق 14 جمادى الآخرة 1424هـ

كنت أودّ أن أخدم المسرح في بلدي... ولكن تم استبعادي من دون سبب

الفنان قحطان القحطاني متحدثا إلى «الوسط» عن المسرح الوطني:

حاورته - تمام أبوصافي 

تحديث: 12 مايو 2017

أثار نبأ إعلان قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الإعلام أخيرا عزمه بدء المضي في إنشاء المسرح الوطني الذي طال انتظاره سنوات طويلة حفيظة الفنان قحطان القحطاني، والذي رأى أنه بذل الكثير في سبيل تحقيق هذا المشروع/ الحلم الذي راود الكثيرين طيلة سنوات وسنوات، وفي الوقت نفسه طُلب منه تسليم كل التقارير والدراسات التي أعدها لإنجاز هذا المشروع من دون إبداء أية أسباب، كما تم استبعاده على رغم كونه مستشارا لشئون المسرح، وعلى رغم الجهود الكبيرة التي بذلها في سبيل تفعيل الحركة المسرحية. عن هذه المسألة وغيرها كانت لنا الوقفة الآتية مع الفنان قحطان القحطاني ليوضح لنا من خلالها كل الملابسات الخاصة بهذا الموضوع.

يقول الفنان القحطاني: بدأت فكرة إنشاء المسرح الوطني معي منذ العام 1985، منذ أن قررت وزارة الإعلام إنشاء مسرح وطني إذ كان مشروعا ضخما في ذلك الوقت، وهو عبارة عن مسرح وملحق به استديو للتلفزيون بشكل يسمح بتسجيل كل ما يتم إنتاجه في المسرح مباشرة للتلفزيون، كان ذلك في الوقت الذي كان فيه التلفزيون يتطلع بخطوات طموحه الى التطوير.

ولا أعرف حقيقة لماذا توقف هذا المشروع، على رغم انه كان - لو تحقق - لكان مشروعا رائدا لو تم إنشاؤه في ذلك الوقت، وخصوصا أن الحركة المسرحية كانت نشطة بشكل بارز وقتها. وبموازاة ذلك كان الاهتمام بمختلف المجالات الثقافية كبيرا، ولذلك كان من المفترض أن يخرج هذا الصرح الى النور حتى يقدم كل ما يعدّ له أمام الجمهور. المهم أن الفكرة أجهضت من فترة طويلة على رغم حاجة البحرين الملحة الى وجود مركز ثقافي متميز، وعلى رغم تمتع البحرين بمكانة ثقافية وفنية مميزة، بل كانت هي السباقة دائما في الكثير من المجالات على مستوى المنطقة. وبالتالي فإن أي تطور في أي من المجالات الحيوية يفترض أن يصاحبه تطور في المجالات الثقافية، لان الثقافة جزء مهم من التنمية البشرية، فإلا أن ذلك لم يحدث.

ويضيف: كنت وقتها قد بدأت العمل في تلفزيون البحرين، وابتعدت قليلا عن المسرح بحكم مسئوليتي في التلفزيون آنذاك. وقبل انتقالي إلى التلفزيون كان لي دور في عملية ترميم وإعادة تأهيل صالة البحرين الثقافية؛ لتكون صالحة للعروض الفنية. وكنت وقتها مشرفا مع المستشار الهندسي الذي كان يتولى عملية إعادة التصاميم، وفعلا تم ترميم الصالة بناء على التوجيهات والملاحظات التي قدمتها في ذلك الوقت، وكان هذا في العام 1992. وأصبحت الصالة من ثم صالحة للعروض المسرحية، وخصوصا أن البحرين افتقدت وجود مسرح مناسب منذ مسرح «الجفير»، وفي هذه الأثناء بقيت الحركة المسرحية بين مد وجزر.

ويواصل: وعندما انتقلت للعمل مستشارا للشئون المسرحية في قطاع الثقافة والتراث الوطني في الوقت الذي كان يتولى فيه هذا القطاع عبدالله يتيم - الذي كان بدوره متحمسا بشدة لهذا المشروع - قمت بعملية بحث طويلة إذ زُرت معظم دول الخليج للاطلاع على تجاربها في المعمار المسرحي بحكم أننا نمتلك الطبيعية الجغرافية نفسها والظروف المناخية نفسها. وقد قمت بتسجيل جميع الأخطاء التي وقعوا فيها، لأنني كنت أطمح لأن يكون هناك مسرح بأقل نسبة من الأخطاء التي قد تحدث.

ولم أكتف - يقول القحطاني - بهذه الزيارات بل قمت بترتيب زيارة لفرنسا للاطلاع على إحدى تجارب الدول الأكثر تطورا في هذا المجال، وكما تعلمون فإن فرنسا مميزة بين الدول في الاهتمام بالمجالات الثقافية وبالنواحي الفنية، ولديها اهتمام كبير بكل ما يتعلق بالمسرح. وفعلا قمت بزيارة فرنسا إذ كانت زيارة موفقة، ولكنني وجدت أنه من الأفضل الاطلاع على خبرة دولة أخرى فقمت بزيارة ألمانيا للاطلاع على تجربتهم ومعرفة التقنيات الحديثة التي يمكن الاستفادة منها، وإدخالها ضمن مشروع بناء المسرح الوطني في البحرين.

وبعد أن أتممت هذا البحث بأكمله بدأت بإعداد دراسة عن هذا الموضوع، وقمت بعرضها على أكثر من مكتب استشاري هندسي في البحرين على رغم تأكدي من عدم توافر أي مكتب استشارة هندسية في البحرين قادر على تنفيذ مشروع كهذا، لان الاستشارات الهندسية في البحرين تختص بالهندسة المدنية، في حين أن بناء المسرح يتطلب احتياجات وتفاصيل دقيقة. وفعلا طرحت المشروع وتقدمت ثلاث مكاتب وأطلعتها على الفكرة.

ويستطرد القحطاني قائلا: والسؤال الأهم ماذا نريد في البحرين؟ هل نريد مسرحا ضخما مثل مسرح الأوبرا؟ بالتأكيد هذا ما لا تحتاجه البحرين، بل نحن بحاجة الى مسرح تقدم عليه الأعمال المسرحية والحفلات الموسيقية؛ لان البحرين يوجد فيها نشاط موسيقي كما أن عوازل الصوت التي تقام لغرض المسرح تختلف عن تلك العوازل التي توضع للعزل في قاعات الحفلات الموسيقية.

ويضيف: أعددت بعد ذلك تقريرا شاملا ومفصلا عن كل ما يخص المشروع، وقدمت أسماء الشركات الفرنسية القادرة على بناء مسرح، ومن ضمنها شركة «ارتكشر ستوديو» التي تم اختيارها الآن لتنفيذ المشروع. وبوصفي مستشارا للشئون المسرحية طلب مني آنذاك الوكيل المساعد لشئون الثقافة والتراث الوطني أن أبدء بتفعيل الجو المسرحي، من خلال بناء وتشييد بنية تحتية بشرية، وليس بنية معمارية فحسب.

ويواصل: قمت بوضع هيكل وظيفي للذين سيعملون في المسرح مستقبلا، لأن الكثيرين منهم يعملون في وظائف بعيدة كل البعد عن العمل المسرحي، فوجود مسرح مثل هذا قادر على استيعابهم بشكل جيد، وأعددت فعلا هيكلا وظيفيا لهولاء المسرحيين. وقدمت تقريرا مفصلا عن الموضوع بتاريخ 9 يوليو/ تموز 2001. وقد وافق الوزير على المشروع الأول، ووافق أيضا على مشروع مسابقة التميز في العمل المسرحي والذي كنا من خلاله نريد إطلاق العنان للإبداع المسرحي، ورصدنا فعلا مبلغ 20 الف دينار كقيمة للجائزة لدفع ودعم المسارح الأهلية للبحرين، وأيضا تمت الموافقة على مشروع إعداد ورشة عمل مسرحي كل عام، ورصد له مبلغ 20 ألف دينار أيضا، وكان يمكن إشراك كل الفرق المسرحية في هذا المشروع.

أنجزنا هذا العمل السنة الماضية من خلال مسرحية «العرض لم يبدأ بعد» واستقطبنا المخرج العراقي عوني كرومي، ولاقى هذا العرض المسرحي استحسان الجمهور، وكنا ننوي أن نسير بهذه الخطى في العمل المسرحي إلى أن يتم إنشاء المسرح.

ويضيف: ولأن العرض المسرحي المشترك يمثل نواة لفرقة مسرحية وطنية بدلا من الفرق المتعددة على الساحة وتكون قادرة على تمثيل البحرين في كل المناسبات والعروض الدولية خارج البحرين. طبعا كل هذه المشروعات انجزت خلال عام كامل إلى أن تم استبدال الوكيل المساعد لثقافة والتراث الوطني عبدالله يتيم، فتم استبعادي من الموضوع وعدم إشراكي في الإشراف على المشروع كما كان مخططا له، وطلب مني أن أقدم كل ما كان بحوزتي من تقارير ودراسات الى الإدارة من دون أية أسباب تذكر.

ويعلق: بلاشك أحسست بوجود تهميش واستبعاد لشخصي ولكل ما قدمت، ويمكن القول إن المشروع قد قدم اليهم على طبق من ذهب. ولم ادعَ إلى أي اجتماع ولم يتطرق احد لدعوتي الى حضور أي اجتماع أو جلسات متعلقة بهذا المشروع علما بأنني اعمل مستشارا لشئون المسرح، واعتقد أن المسئولين عن قطاع الثقافة يفترض بهم أن يعملوا على استقطاب العاملين في هذا الشأن أو الذين قضوا سنوات من عمرهم في هذا المجال وتحملوا كل العوائق، وليس تحجيمهم واستبعادهم بهذا الشكل.

ويضيف: كنت أود أن اخدم المسرح في بلدي قبل أي شيء ولم أتطلع نحو أية شهرة على حساب المشروع، فلقد عملت في هذا المجال منذ سنوات والناس يعرفونني جيدا.

ويقول القحطاني: أتمنى أن ينجز المشروع بشكل يمثل الوجه المشرق للحركة الثقافية في البلاد. وبالتأكيد سيخدم المسرحيين الذين انتظروا طويلا ولادة هذا الصرح، وأتمنى فعلا أن يوفق الجميع في تحقيقه، ولكن كل الخوف أن يتم بناء هذا المسرح من دون الدخول في التفاصيل الأساسية حتى وان كانت هناك شركة فرنسية عالمية متخصصة في بناء المسارح، فالفرنسيون يبنون المسارح في بلدانهم وفقا لطبيعتها المناخية والجغرافية، أيضا أخشى أن يبنى المسرح على أرضية هي في الأصل بحرية، لان هناك تجربة حدثت في دولة مجاورة ولها من الطبيعية الجغرافية والمناخية ما للبحرين نفسه، وقد شيد المسرح فوق أرضية دفان بحري وبعد سنتين تسربت المياه إلى داخل المسرح، وكما نعلم فإن خشبة المسرح أو البناء المسرحي يمكن أن تشيد منه طوابق أرضية منه فما بالكم إذا كان هناك دفان بحري، يمكن القول إنني أخشى أن يقعوا في الأخطاء الهندسية نفسها التي وقع فيها البعض في تلك الدولة المجاورة.

كما أن الكثير من التقنيات الفنية التي عادة ما تلحق بالمسرح لابد أن تتم وفقا لما نحتاجه فعلا في البحرين، وليس وفقا لما يحتاجه الفرنسيون في بلدانهم. فلكل بلد احتياجاتها من التقنية وفقا لطبيعة الأعمال التي تقدمها. فما الفائدة في أن أضع جهازا مكلفا، ولكنه لا يتناسب مع طبيعة أعمالنا؟ فنحن نحتاج إلى مسرح تقليدي في البحرين بثلاثة جدران وحائط رابع يمثل واجهة الجمهور، ولا نريد أن نذهب بتعقيدات لا تتناسب معنا.

لذلك أتمنى أن يكون هناك شخص يستطيع أن يعطي ملاحظاته بناء على ما شاهده وبناء على اطلاعه على تجارب الآخرين، ولكن مع الأسف لم أر أي شخص من أي مسرح أهلي قد حضر اجتماعات الشركة الفرنسية أو تم إشراكه بما يحدث، أليس المسرح الوطني يمثل احتياجا للمسرحيين البحرينيين بالدرجة الأولى كما ورد من قطاع الثقافة والتراث الوطني؟

وختم القحطاني حديثه بالقول: يجب ألا ننسى أن نوظِّف هذا المسرح بالشكل المناسب مع الاستفادة من الكوادر التي عملت ومازالت تعمل في هذا القطاع لخدمة هذا الصرح الذي طالما انتظرناه





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً