العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ

قرار الالتحاق بأميركا يفتح الباب لعودة شركاتها النفطية

ليبيا وتطورات ما بعد الإطاحة بصدام حسين

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

تتطلع حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى نفط ليبيا والسودان، بعد أن أحكمت سيطرتها على نفط منطقة الخليج في أعقاب احتلالها للعراق. ويقول خبراء ان عرض ليبيا بتدمير برامج تسلحها والتعاون مع الولايات المتحدة، بعد أن كانت واشنطن تدرجها والسودان على قائمة الدول المارقة أو الخارجة على القانون، سيسهل على الولايات المتحدة أن يكون لها اليد العليا في قطاع النفط الليبي والسوداني.

إنتاج النفط الليبي في إفريقيا يأتي في المرتبة الثانية بعد نيجيريا. وبالنسبة إلى السودان فإنه قد يصبح في النهاية عندما يستكشف فيه النفط بالكامل منافسا للسعودية. وفي القارة الافريقية 7 في المئة من احتياطات النفط والغاز الطبيعي في العالم، بوجود خمس دول تتصدر الإنتاج هي نيجيريا وليبيا والجزائر ومصر وأنغولا، بينما تتوق تشاد والسودان وموريتانيا للتنقيب.

ومن الواضح أن شركات النفط الأميركية تفكر ببديل افريقي عن خسارتها لآسيا الوسطى التي تشهد الآن حالا من عدم الاستقرار السياسي. وسيمتد قوس النفط الذي تتطلع إليه الولايات المتحدة من الخليج العربي عبر مناطق شاسعة إلى عمق نيجيريا. ومما يضيف إلى حالة الاستعجال بالنسبة إلى أهداف حكومة بوش في النهب النفطي في ليبيا استمرار الأزمة في العراق والمنطقة العربية وجوارها، وعدم قابلية النفط العراقي للتسليم حتى الآن، والحالة المخيبة للآمال بصورة مأسوية بالنسبة إلى إنتاج النفط والغاز في آسيا الوسطى.

وطبقا لمعلومات وزارة الطاقة الأميركية بشأن الطاقة في العالم، فإن تحليلها في يوليو/تموز الماضي يشير إلى غنى ليبيا في النفط والغاز وهو جاهز للاستكشاف والتطوير. وقد دأبت ليبيا على مغازلة شركات النفط الأجنبية بنشاط طوال عقد من الزمن. وتعتمد ليبيا على النفط لتغطية نفقاتها ووارداتها إذ تشكل عوائد النفط 95 في المئة من العملة الصعبة، و75 في المئة مما تتلقاه الحكومة. وتعتبر ليبيا منطقة جذابة جدا بسبب الكلفة المنخفضة لاستخراج نفطها وقربه من الأسواق الأوروبية وبسبب البنى النفطية التحتية المتطورة بصورة جيدة. ولكي تلبي ليبيا أهدافها الخاصة في القطاع النفطي، فقد قدرت أنها ستحتاج إلى نحو 10 مليارات دولار في استثمارات خارجية حتى العام 2010.

ولدى ليبيا حاليا 12 حقلا نفطيا تحوي على احتياطي بمقدار مليار برميل أو أكثر لكل منها. كما ان لديها حقلين آخرين باحتياطي يتراوح بين 500 مليون إلى مليار برميل. وعلى رغم سنوات الإنتاج فإن ليبيا تحتفظ بإمكانات كبيرة غير مستثمرة من النفط والغاز. وبوجود 25 في المئة من مناطق ليبيا مشمولة باتفاقات مع شركات نفط فإن ليبيا تنتج نوعية ممتازة من النفط الخام قليل الكبريت وبكلفة متدنية جدا. ويذكر أن ليبيا تحتل المرتبة الثامنة في احتياطات النفط في العالم إذ يبلغ 29,5 مليار برميل.

وتقدر احتياطات ليبيا من الغاز الطبيعي بـ 46,4 تريليون قدم مكعب، ولكن احتياطاتها الفعلية من الغاز غير مستغلة إلى حد بعيد وغير خاضعة للتنقيب. ويعتقد الخبراء الليبيون أن الاحتياطي أكبر بكثير مما هو مذكور، وربما يكون ما بين 50 إلى 70 تريليون قدم مكعب.

وفي الوقت الذي كلفت فيه العقوبات الدولية ليبيا مليارات الدولارات من خسائر في عوائدها النفطية، ما تسبب في صعوبات في تطوير صناعتها النفطية، فإن العقوبات الأميركية من جانب واحد على ليبيا تسببت في خسارة شركات النفط مليارات الدولارات من الأرباح المتوقعة من عملها في قطاع الطاقة الليبي، إذ أرغمت العقوبات التي أصدرها الرئيس السابق رونالد ريغان ضد ليبيا العام 1986، ست شركات نفط أميركية على ترك ليبيا على رغم إبقائها على معداتها وممتلكاتها. وهذه الشركات هي مجموعة الواحة التي تضم كلا من كونوكو، أميرادا هيس، وأوكسيدنتال بتروليوم، إلى جانب شركة ماراثون أويل وشيفرون وإكسون.

وقال نائب رئيس كونوكو الأميركية للنفط، مايكل ستينسون إن الاقتصاد الأميركي هو الذي خسر مليارات الدولارات من مقاطعة ليبيا. وبينما عاد الأوروبيون بسرعة فإن الولايات المتحدة متأخرة في العودة. وقدرت شركة كونوكو خسارتها من جراء إجبارها على تعليق عملياتها في ليبيا بنحو 300 مليون برميل من النفط الخام أو خمسة مليارات دولار من العوائد. ويأمل مديرو شركات النفط الأميركية من الإسراع في اللحاق بالركب قبل أن تفوت الفرصة. وقال ناطق باسم أوكسيدنتال بتروليوم إن الشركة متشجعة برؤية الولايات المتحدة وليبيا منهمكتين في الحوار.

وكانت شركات النفط الأميركية الست أرسلت في ديسمبر/ كانون الأول 1999 مندوبين عنها إلى ليبيا بموافقة الحكومة الأميركية للاطلاع على ممتلكاتها وحقولها التي تركتها في ليبيا. وقال الرئيس السابق لشركة النفط الوطنية الليبية عبدالله البدري إنه إذا أرادت الشركات العودة إلى ليبيا فستعود إلى حقول النفط التي كانت تعمل فيها. وفي مطلع العام 2001 اتصلت ليبيا بالشركات الأميركية مشيرة إلى رغبتها لتطوير حقول نفطها، واقترحت ليبيا آنذاك تحويل اهتمامها إلى شركات النفط الأوروبية والآسيوية لتطوير صناعتها النفطية، وحذرت في سبتمبر/أيلول 2001 شركات النفط الأميركية بضرورة استخدام مشروعاتها في ليبيا خلال عام أو أن تخسرها. وفي شهر مارس/آذار 2002 ردت الخارجية الأميركية على التحذير الليبي بالقول إنها ستسمح لشركة مارثون أويل بإجراء مباحثات مع المسئولين الليبيين. وكانت ليبيا أبلغت الشركات الأميركية أن ممتلكاتها موجودة كأمانة، وأنها ستلقى الترحيب إذا عادت إلى استئناف عملياتها إذا رفعت العقوبات الأميركية.

وعمدت ليبيا إلى تقديم عقود كبيرة إلى شركات أوروبية وآسيوية للعمل في مشروعات النفط الليبية وتنتج نحو ثلث نفط ليبيا. وطبقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية فإن ليبيا وقعت اتفاقا مع الصين في شهر إبريل/نيسان 2002 يمنح شركات النفط الصينية دورا أوسع في قطاع النفط الليبي. وفي أغسطس/ آب 2002 حصلت شركة النفط الوطنية الصينية على عقد بقيمة 230 مليون دولار لبناء خطوط أنابيب نفط وغاز تربط حقل وفا في الجنوب إلى ميليته قرب طرابلس، وسيبدأ تشغيل الخط في العام 2004. كما وقعت شركة النفط الوطنية الليبية مع شركة إيني الإيطالية مشروعا مشتركا للغاز الطبيعي بقيمة 5 مليارات دولار، ومنحت عقدا بقيمة مليار دولار لمجموعة شركات أجنبية من بينها يابانية وفرنسية وإيطالية ويبدأ مشروعها في العام 2004. كما أن هناك مشروعا مقترحا لمد خط أنابيب بطول 900 ميل من ليبيا إلى إسبانيا. ومنحت ليبيا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عقدا بقيمة 102 مليون دولار للتنقيب عن النفط والغاز لمجموعة من الشركات الإسبانية والنمسوية واليونانية.

كانت شركات الواحة، عينت كين دوبرستين، وهو رئيس سابق لهيئة موظفي البيت الأبيض في عهد ريغان ليقوم بأعمال الضغط لصالح مبادرات لحماية موجودات الشركات في ليبيا. ومنحت الحكومة الأميركية هذه الشركات في يناير/ كانون الثاني 2001 رخصا من أجل إرسال مهندسيها للكشف عن موجوداتها وحقول النفط التي كانت تتعامل بنفطها في ليبيا.

ولدى شركات النفط الأميركية التي كانت تعمل في ليبيا فعلا أصدقاء في مراكز كبيرة في الحكومة الأميركية، فرئيس شركة كونوكو وكبير مديريها آرشي دونهام له علاقات قديمة مع نائب الرئيس الأميركي ريتشارد (ديك) تشيني الذي كان يشغل منصب رئيس شركة هاليبرتون للخدمات النفطية

العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً