العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ

أضلاع المثلث الوطني ومسألة الضمان الاجتماعي

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

جاء تعريف الضمان الاجتماعي في العهد الدولي الخاص ومواثيق الأمم المتحدة «أن الضمان يشمل ضمنيا جميع المخاطر المترتبة عن فقد وسائل الإعاشة لأسباب خارجة عن إرادة الشخص». وقد جاء مشروع الضمان الاجتماعي الذي تقدمت به كتلة الأصالة الإسلامية وهو من أهم المشروعات على الإطلاق لما يحويه من شمولية تمس جميع المواطنين.

ولست أبالغ إن قلت غالبية الأسر البحرينية ستستفيد بشكل أو بآخر من هذا المشروع إذا ما أقر ونفذ على أرض الواقع، اذ يشتمل على عدة فئات مستفيدة هي:

الولد الذي لا عائل له إذا لم يتجاوز سن 18.

الأرملة إذا لم تتجاوز سن 60.

المطلقة إذا لم تتجاوز سن 60.

المهجورة إذا لم تتجاوز سن 60.

البنت غير المتزوجة يشترط أن تبلغ سن 18 وألا تتجاوز سن 60.

أسرة المسجون.

اليتيم ومن في حكمه.

العاجز كليا.

العاجز جزئيا.

المريض.

المسن.

العاطل عن العمل إذا تجاوز سن 18 ولم يجاوز سن 60.

ولا أظن أن هناك بيتا بحرينيا يخلو من أصحاب هذه الفئات، ولذلك يعتبر القانون من أكثر القوانين شمولية وملامسة لاهتمامات المواطنين. فهو ذو أهمية قصوى، بل حتى غير المستفيدين مباشرة من الضمان الاجتماعي، فستنعكس عليهم آثاره بطريقة غير مباشرة، ومن عدة نواح، (أمنية واقتصادية وسياسية واجتماعية...الخ).

ومع تلك الأهمية لمقترح مشروع القانون هذا، إلا أنه لم يأخذ حقه في وسائل الإعلام والصحافة تحديدا؛ والتي ركزت على المشروعات والمقترحات الصغيرة والفئوية نوعا ما، وتجاهلت المقترحات ذات الأهمية والأولوية في حياة المواطنين كقانون الضمان الاجتماعي وقانون الحد الأدنى للأجور وتخفيض سن التقاعد للمرأة العاملة... ولعل ذلك ما حدا برئيس الكتلة الأصلاوية النائب عادل المعاودة بالتنديد من على المنبر بالصحافة ووصفه لها بأوصاف متسمة بالعنف البلاغي، وذلك حقه، قياسا بما يواجه النواب الإسلاميين من سيل جارف من الانتقادات غير المنصفة في كثير من الأحيان.

فمنذ بدايات وصول جماعة الإسلاميين إلى قبة البرلمان وهم في حال دفاع مستميت، - مقالات طالبان يدخلون البرلمان وصولا إلى قضية حفلة نانسي عجرم مرورا بمصطلح السلفيين النكرة - ولا نعلم إلى أين سيصل الأمر وينتهي!؟ أم هو صراع لا نهاية له؟ ومن زاوية أخرى وإذا ما أمعنا النظر في مقترحات النواب الإسلاميين و(بصراحة) نجد بعض تلك المقترحات لا ترقى إلى مستوى ممثل للأمة، ووكيل عن الشعب، ونائب عن المواطنين يطرح قضايا رئيسية وهموم جماعية شعبية. وبما أنهم بشر يصيبون ويخطئون فإن توجيه النقد وتعديل المسار ضرورة في تلك المرحلة المبكرة من حياة استئناف العمل السياسي، وبما أن غالبية النواب لم يمارسوا العمل السياسي فأنه من الواجب النقد ومن الواجب الاستئناس بآراء المواطنين والمتخصصين. ولكن وصل الأمر ببعض الكتاب أن ينازل النواب بقصد استعراض العضلات... وهو يعلم أنه لو كان مكانهم لم يكن ليعمل أكثر مما عملوا، ذلك أن الصلاحيات المحدودة والتقييدات المتعددة تحد من التشريع البرلماني السليم، وذلك لا يخلي مسئولية النواب في الطرح والنقاش بما هو متيسر من أدوات، والمطالبة بالمزيد من الصلاحيات. ويحاول بعض الكتاب، وذلك بعد أن فشل أو فشل من يمثلهم من الوصول إلى البرلمان - كما يقول النائب المعاودة - فأصبحت الغاية هي إسقاط النواب بكل ما فيهم من خير وشر، كل ذلك يعود إلى صراعات إيديولوجية. لا علاقة لها بمصلحة عموم المواطنين مباشرة. بل مصلحة التيارات والرموز.

والشاهد على ذلك ما كنا نقرأه في الصحافة قديما من مطالبات بعض الكتاب بضرورة وجود قانون للضمان الاجتماعي شاملا المواطنين جميعا، ومع مطالبات الكتاب المتعددة بهذا الشأن إلا أنه حينما تقدمت جمعية الأصالة بمقترح للمشروع تم تجاهله من قبل هؤلاء الكتاب!

فماذا يعني هذا التجاهل؟

دعم المشروعات الوطنية

إن الطروحات الوطنية الشاملة التي تعنى بالإشكالات والمعضلات الكبرى في المجتمع سواء قانون الضمان الاجتماعي أم قانون من أين لك هذا؟ أو مشروع قانون تنظيم الحياة الحزبية، أم محاولة تقديم مشروع بقانون المطبوعات والنشر من قبل مجلس الشورى...الخ من مشروعات حيوية ومهمة ينبغي دعمها لترسيخ أسس دولة المؤسسات والقانون. وبالتالي فإن تلك القوانين والايجابيات التي يجنيها الناس من وراءها كثيرة ومتعددة ولا يهم ها هنا من قدم أو من يقف خلف تلك المشروعات، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها، وليست الحكمة مقصورة على الإسلاميين أو المسلمين. فقد تأتي الحكمة من غير الإسلاميين، وبالتالي فإن المطلوب هو أخذها واقتناصها. وما نتمناه من النواب في موضوع قانون الأحزاب السياسية هو الأخذ في الاعتبار الجانب الطائفي؛ فلا ينبغي أن نؤسس ونؤطر العمل على أساس طائفي/ تجزيئي. لكي لا نأتي بعد ذلك ونبكي على اللبن المسكوب! ولا نعلم الآلية المتبعة في التفريق بين الحزب الطائفي والحزب غير الطائفي... فاكتشاف ذلك من عمل المخابرات في الدول النايمة!

إنشاء صندوق وطني للضمان

وعودا على بدء، سنحاول في السطور الآتية تقديم مقترح إنشاء صندوق وطني للضمان الاجتماعي، تكون موارده من خلال «أضلاع المثلث الوطني» وهم: القطاع العام والقطاع الخاص والمواطن. وذلك بفرض رسوم أو ضريبة باسم الضمان الاجتماعي أو التكافل الاجتماعي، تفرض على المؤسسات التي لها مقر في البحرين ويحسب على أساس رأس المال أو يحدد على أساس أرباح المؤسسات وحجمها في السوق، وأيضا إشراك المواطن والمقيم واقتطاع جزء من الراتب، كأن يكون (1 في المئة) لأصحاب الدخول المنخفضة و(3 في المئة) من الدرجة التنفيذية وما فوق، كل ذلك تطبيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام، والله سبحانه وتعالى يقول: (خذ من أموالهم صدقة) «سورة التوبة 103» ولم يقل جل شأنه شاورهم هل يدفعوا أم لا... بل هي إجبار. عن طريق القانون والقوة، والإمام علي(رض) يقول: «ما جاع فقير إلا بما منع غني»، وفي ذلك حكمة.

إدارة الصندوق

يتم توزيع المسئوليات في إدارة الصندوق المقترح للضمان الاجتماعي أو التكافل الاجتماعي من خلال التشاركية في تأدية العمل بين «أضلاع المثلث الوطني» والذي يمثله القطاع العام والقطاع الخاص والمواطن، والعلاقة التشاركية في صنع القرار وإدارة أجهزة الدولة وفق رؤى مستقبلية متطلعة لآفاق التقدم والنمو... ويتم اختيار أعضاء مجلس إدارته عن طريق الانتخاب (ترشيح الجمعيات والمؤسسات الخيرية لأفرادها، وتجري مباراة فيما بينهم، لاختيار أعضاء مجلس الإدارة، لمدة محددة، ويكون هناك تعيين لطرف وزارة العمل والشئون الاجتماعية وذلك لارتباطها بالموضوع، وأيضا دائرة الأوقاف السنية والجعفرية، وكذلك القطاع الخاص) وذلك لإشاعة الفكر التداولي في المجتمع إذ إن المسئول في بلداننا يجلس ولا يريد أن (يتزحزح)! وأيضا لتعزيز الخطى الديمقراطية ومبدأ الشفافية. ولمعرفة هؤلاء - الأعضاء المنتخبون بالذات - ببواطن الأمور واحتياجات الناس، ومعرفتهم بالمتغيرات المحلية وما يطرأ على السلع والدخل من ارتفاع وانخفاض في الأسعار، وأيضا ليكون المواطن في قلب منظومة الحكم، وهو (الماكنة) الصانعة للقرار وإشراك المواطنين في إدارة جميع مرافق وأجهزة وهيئات الدولة، لصوغ رؤى مستقبلية للشعب وفق إرادته، كما يؤكد جلالة الملك ذلك في مناسبات عدة، وبما يتوافق مع الأطر الديمقراطية في الدولة الحديثة من خلال تشكيل وعمل الهيئات المنصوص عليها في الدستور. وبالتالي ترسيخ العمل المؤسساتي المدعم بالنصوص القانونية وبالتمثيل الشعبي

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 479 - الأحد 28 ديسمبر 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً