كل من درس في القاهرة مثلنا وخصوصا من كان يعشق الأدب والأدباء، يظل مقهى «أبوالريش» محفورا في ذاكرته إذ يعتبر تراثا حقيقيا من تراث الثقافة بالنسبة إلى القاهرة فلو أردت الالتقاء بأي أديب بارز فليس عليك إلا التوجه إلى مقهى (الريش) وكثيرا ما كنت أرى نجيب محفوظ وغيره جالسا في الركن الذي تعوده وكما قال الكاتب محيي الدين اللباد ان: (أبو الريش) جزء مهم من سياق اجتماعي، سياسي، ثقافي أعطاه حكايته وأسطورته).

«أبوالريش» هذا المقهى الذي يبلغ عمره أكثر من قرن يعتبر جزءا من الذاكرة المصرية.

إن هذا المقهى يذكرني بمقهى عبدالقادر الذي كان يقع على زاوية من زوايا مدخل محافظة المحرق فكلاهما يعتبر جزءا من ذاكرة أهالي البلدين، فمقهى عبدالقادر كان يجمع بحارة المحرق ونواخذتها وكثيرين غيرهم من الطواويش إذ يمكن الالتقاء بهم في ذلك المقهى.

صحيح أن مقهى «أبوالريش» المصري كان يجمع الأدباء والمثقفين والكتاب والشعراء بينما الآخر كان يأوي إليه بسطاء الناس من بحارة ونواخذة وطواويش وكان هؤلاء بالنسبة إلى البحرين طبقة معروفة في تلك المرحلة من تاريخها، لكن الفرق أن «أبوالريش» بقي وانتهى «عبدالقادر»وتولى إدارته بعد صاحبه عبدالقادر العلوي أخوه إسماعيل العلوي لكنه اضطر إلى إقفاله قبل بضع سنوات، فلما سألت أحد الأكاديميين من أبناء إسماعيل عن سبب إقفال هذا التراث البحريني أجاب: لقد طلب صاحبه أجارا يبلغ أكثر من مئتي دينار ما كان يعتبر كثيرا بالنسبة إلى دخل مقهى كل مبيعاته من استكانات الشاي وخصوصا أن عادة الشيشة لم تكن قد غزت البحرين حتى تلك الأيام التي قفل والدي المكان، وبحسب تقديره أن المقهى بدأ نشاطه منذ أواخر الثلاثينات، ها هو المقهى وكل المحلات التي حوله على وشك الهدم لإعادة بنائه من جديد، وطبعا سيقام مكانه مبنى عالٍ يناطح السحاب بينما الآخر كان من طابق واحد أيام زمان.

كم يتمنى المرء أن تتكون لجنة مفتوحة العينين للحفاظ على المواقع التراثية، بحيث تساعد على استمراريتها حتى لو شاركت في دفع جزء من إيجارها إذا تعب صاحبها.

هكذا بقي مقهى «أبوالريش» القاهري واندثر مقهى «عبدالقادر» المحرقي