العدد 477 - الجمعة 26 ديسمبر 2003م الموافق 02 ذي القعدة 1424هـ

الإصلاح الاقتصادي ضرورة وطنية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

خيرا فعل الملك حمد بن عيسى آل خليفة باعلانه فصل القرار الاقتصادي عن القرار السياسي واسناد مهمة الاصلاح الاقتصادي إلى ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة. كشف الملك عن هذا التوجه الجديد في حديث مع الصحافة قبل حوالي عشرة أيام. وبصراحة فقد بات من الضروري القيام باصلاح اقتصادي نظرا إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية ومن بينها تفشي البطالة والفساد المالي.

فقد أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي للاستشارات العالمية عن أرقام مخيفة عن احتمالات البطالة في السنوات العشر المقبلة، إذ تفترض الدراسة أن على الاقتصاد البحريني توفير وظائف لـ 100,000 مواطن أي بمعدل 10,000 في السنة الواحدة. وتوصلت الدراسة إلى هذه الأرقام بعد الأخذ في الاعتبار أن 50,000 داخلون جدد إلى سوق العمل إضافة إلى 30,000 من النساء وذلك في ظل التوجه العام للاستفادة من طاقات الإناث زائد العاطلين الحاليين والمقدر عددهم بـ20,000 شخص. وأظهرت الدراسة احتمال عدم حصول نصف هؤلاء على وظائف بمعنى تفاقم المعضلة في السنوات المقبلة.

أما ظاهرة انتشار الفساد المالي فقد ظهرت للعيان حديثا نتيجة التحقيق البرلماني في التجاوزات المالية في هيئتي «التأمينات» و«التقاعد». فقد كشف التحقيق عن وجود أزمة مالية خطيرة تهدد بإفلاس كل من هيئة التأمينات التي توفر التأمين التقاعدي لموظفي القطاع الخاص وصندوق التقاعد المناط اليه توفير التأمين لموظفي القطاع العام. المؤكد وجود ادارة سيئة لادارة امكانات الهيئتين بل يمكن الادعاء باستغلال البعض للأموال التي هي أموال المواطنين بالدرجة الأولى.

يثبت تفاقم ظاهرة البطالة واستمرار انتشار الفساد المالي فشل السياسات المتبعة من قبل القائمين على ادارة الشأن الاقتصادي. من البداهة انه لا يمكن ترك المشكلات الاقتصادية لأن العواقب ربما تكون وخيمة. وعليه يجب افساح المجال أمام أطراف أخرى لادارة الاقتصاد.

اعتقد أن الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أثبت قدرة في تحقيق نتائج ملموسة في فترة قياسية. فقد نجح في استقطاب مشروع الفورمولا 1 ابتداء من أبريل/ نيسان 2004 للمرة الأولى في الشرق الأوسط. ومن البداهة أن يحصل ولي العهد على الصلاحيات الضرورية لتمكينه من أداء المهمات المنوطة به. يوجد كلام في الفكر الاداري مفاده أنه لا يمكن محاسبة مسئول عن أدائه الوظيفي دون اعطائه الصلاحية. لكن لابد للمجموعة التي يرأسها ولي العهد أن تظهر الشفافية الكاملة عن أهدافها وخططها وبرنامجها لحل المعضلات الاقتصادية. أعتقد أن المواطن البحريني لا يرغب في سماع تصريحات فضفاضة عن ايجاد وظائف جديدة من دون أدلة واضحة أو التركيز على صغار الموظفين المستغلين لمناصبهم وعدم مواجهة كبار المسئولين.

على المجموعة التي يرأسها الشيخ سلمان أن تعي أن دول الجوار تتقدم بخطى ثابتة. على سبيل المثال: بدأت إمارة دبي بإعداد دراسات جدوى عن إمكان إنشاء شبكة قطارات لربط النقاط الحيوية بالمدينة. أيضا نجحت دبي في فرض نفسها كوجهة سياحية عالمية. من جهتها تمكنت القيادة القطرية من جعل الدوحة عاصمة الغاز في العالم وذلك عن طريق جلب الاستثمارات الأجنبية، وخصوصا الشركات الأميركية لتطوير حقل الشمال. بالمقابل تثبث تجارب دول أخرى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية ربما يؤدي في نهاية المطاف الى نتائج مدمرة. حدث هذا في اندونيسيا اذ أدت الأزمة المالية وانهيار قيمة العملة إلى فقدان الحكومة المركزية سيطرتها على اقليم تيمور الشرقية نظرا إلى ضعف الجبهة الداخلية نتيجة تردي الحال الاقتصادية.

في ضوء ما تقدم تبدو الحاجة ماسة الى ايجاد اصلاح اقتصادي، والمهم في نهاية المطاف الافعال وليست الاقوال

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 477 - الجمعة 26 ديسمبر 2003م الموافق 02 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً