العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ

هل وفى الشيخ بوعده؟

حدث في صيف العام الماضي، وفي حي السيدة زينب بضواحي عاصمة الأمويين دمشق، أن ارتقى منبر إحدى الحسينيات الشيخ عبدالحميد المهاجر، وفي ختام خطبته أخذ لسانه يلهج بالدعاء لعموم الحاضرين، على عادة خطباء المنابر الحسينية. كان غالبية الجمهور من العراقيين المشرّدين، بعضهم جاء هربا من ظلم النظام البعثي المتغطرس، وبعضهم جاء طلبا للقمةِ عيشٍ أقل خشونة مما كان يجدها في بلد النفط والرافدين والخير الوفير. وكانت هناك نسبة من الجمهور الخليجي.

وكان مما قال في دعائه مذكّرا: «إننا نعيش في الغربة منذ تسعة وعشرين عاما، بعيدين عن وطننا، وإذا كتب الله وعُدنا العام المقبل إلى العراق سأقرأ لكم مجلسا حسينيا عند ضريح الإمام الحسين (ع)»، وما إن أتم المهاجر دعاءه حتى ارتفع النشيج والأنين.

في الليلة التالية، وفي وسط خطبته، عاد ليعتذر إلى جمهوره عن خطئه قائلا: «لقد وعدتكم بقراءة مجلس حسيني الليلة الماضية إذا كتب الله لنا العودة إلى العراق العام المقبل، ولكني أخطأت في قولي إننا نعيش في الغربة منذ تسعة وعشرين عاما، فالصحيح اننا هنا منذ ثلاثين عاما...» وما إن أتم كلامه حتى علا النشيج والأنين مرة أخرى.

صيفٌ مضى، وجاء صيفٌ آخر. الطاغية الذي سجن وشرّد وذبح مئات الآلاف، وقع في ختام المأساة العراقية أسيرا، تكسوه سيماء الذلة ويجلله الهوان. وأحسب الشيخ عاد إلى بلاده بعد واحد وثلاثين عاما، وبودي لو أسأله اليوم: «هل وفيت بوعدك للعراقيين أيها المهاجر القديم؟».

العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً