الرجوع بالذاكرة إلى الوراء قليلا، يكشف لنا طبيعة العمل الحزبي حينما يواري هويته وأسماءه ورجاله، ويجعلهم يتنكرون لانتمائهم وجذورهم الحزبية. مع إعلان فوز «النواب الوطنيين الديمقراطيين» بمقاعد في البرلمان، تردد أنهم أعضاء في «جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي» وسرعان ما نفيت هذه العلاقة، ووردت بعض الإشارات إلى أن هؤلاء النواب مستقلون، وما برحت العلائق بين «المنبر» والنواب في تقطع والتحام إلى أن أعلنت هويتهم على استحياء.
السؤال: لم هذا التواري؟ والجواب: لأن وسطهم الانتخابي وسط إسلامي محض، ولا يمكن التعايش معه وفق رؤيتهم الحزبية التي ترى في الإسلاميين مصدر «التخلف والظلامية». إذن: ما الحل؟ الجواب: الاتكاء على الظلامة التاريخية للطائفة، لتكوين بؤرة التحرك الحزبي وتقوية وجوده داخل المؤسسات الدينية (المساجد والمآتم)، حتى لو انتمى الناس دينيا إلى جهة غير جهة الحزب، فالمهم ضرب الأجندة الدينية من خلال القواعد الجماهيرية والظلامات التاريخية.
والسؤال: من وضع بند عدم التبشير الحزبي من المساجد والمآتم في قانون الأحزاب؟ هل النواب أم «الجذر الحزبي»؟ والجواب: يقينا «الجذر الحزبي» وضعه بحرفية تامة، فهو يريد تجفيف منابع القوة لتيار عريض شغله وحراكه الأساس داخل المساجد والمآتم، فيما يلتف على هذا الخيار من خلال تبشيره بدوره البرلماني، وليس آخره دعوة الناس إلى الدعم الجماهيري لـ «النواب الوطنيين الديمقراطيين» في التعديلات الدستورية التي سيطرحونها على المجلس النيابي قريبا؟ ألا يحتاج هذا الدعم إلى نزول النواب إلى المساجد والمآتم والمجالس الخاصة، وإرسال «المسجات الإيمانية»؟ أليس هذه محاربة للتيار بأدواته ومواطن قوته التي تتحرك فيه؟ دعوة للتأمل فقط.
ملحوظة: النائب عبدالله العالي طلب التوضيح بشأن كون «الكتلة الإسلامية» لا تنتمي إلى تيار الشيخ المدني، وأنه على خلاف مع بعض أعضائها المنتمين لتيار الشيخ المدني بشأن هوية الكتلة، فله ما أراد
العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ