العدد 2340 - السبت 31 يناير 2009م الموافق 04 صفر 1430هـ

أخلاقنا في الشارع

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لاحظت بالأمس ذلك الموقف بين سيارتين في أحد شوارع البحرين المكتظة بالسيارات، إذ قام صاحب سيارة فاخرة جدا بإيقاف سيارته في الشارع العام المزدحم، ما سبب ازدحاما أكثر لبقية السيارات، وكاد أن يتسبب في اصطدام عدّة سيارات ببعضها بعضا.

احتج الناس على مكان إيقاف هذه السيارة، وأخذ الكثير منهم داخل سياراتهم بالتذمّر، وآخرون أكملوا سيرهم بالسبّ والشتم على هذا المتغطرس، فيما قامت إحدى السيارات بفتح النافذة وصب «بيبسي» على السيارة الفاخرة!

أخذت أتابع الموقف المثير عن كثب، فما كان من صاحب سيارتنا الفاخرة إلا أن يشتد غضبا لسائل ممكن غسله، ونسى ما أحدثه من إزعاج ومضايقات للآخرين، وهمّ بلحاق السيارة الأخرى.

وما إن وصل إلى السيارة - صاحبة «البيبسي» - حتى قام بالصراخ على أصحابها وتهجم بفتح سيارتهم، لإحداث مشكلات أكثر مما قام بها، وقد كانت السيارة الأخرى مغلقة، فأخذ رقم السيارة وأشار بحركة قبيحة جدا بأصبعه أمام أعين الناس، وأوعد وهدّد.

إن هذا الأخ صاحب السيارة الفارهة ترك سيارته في شارع عام ولم يأبه لمشاعر الآخرين، ولم يأبه كذلك للتعطيل الذي عطّلهم، ولكن عندما أغضبه أحدهم بصب سائل يغسل في خمس دقائق، قامت قيامته، وأعتقد بأنّه شغّل واسطاته، ليشتكي على السيارة التي ضايقته!

إننا لا نشجع ما قامت به السيارة الثانية ولكننا لا نلومها على ما قامت به، حيث إن صاحب السيارة الغالية لم يخرج من المبنى إلا بعد أن أصيب كبرياؤه وغروره، فأخلاقه تدل على أن مشاعره أهم من مشاعر الآخرين، فهو يضايق الآخرين ولكنه لا يريد أحدا أن يضايقه.

لماذا لا تكون أخلاقنا في الشارع أرفع مما رأيت بالأمس؟ ولماذا نقوم بأعمال تجعلنا عرضة للمشكلات والمضايقات؟ ولماذا نرضى بإزعاج الناس ولكن لا نرضى لأحد أن يزعجنا؟

هذه كلها تساؤلات نتمنى الإجابة عليها، وخاصة ممن على شاكلة ذاك الرجل «المتعنتر» بسيارته الفارهة، فهو يظن بأنه فوق القانون بالطبع، وإننا لم نجد رجال المرور الموجودين في ذاك الشارع يرصدون له مخالفة، أو ينبّهونه على الأقل بعدم وقوفه في الشوارع المكتظّة بالسيارات حتى لا يعطل المرور.

إننا لا نطعم الناس بالأخلاق ولكنّهم يتغذونها من بيئتهم ومحيطهم، وما هذا الموقف إلا دليل على ما قلناه.

لو أن أخينا هذا أوقف سيارته في المكان الصحيح، لما حدثت مشكلة ولما قام الناس بالسب والشتم وصب السوائل على السيارة، ولكن هذه الغطرسة التي بدرت منه ومن غيره في بعض الأحيان، تؤدي إلى كوارث لا تُحمد عقباها، لأنه يغيض الآخرين بتصرفاته ويزيد من حنقهم عليه، كما حدث منذ فترة بين المجنّسين والمواطنين في دوار مدينة حمد.

نتمنى من إدارة المرور تكثيف حملاتها في المستقبل، وأن تدعو الناس إلى التحلي بالأخلاق الكريمة والراقية في الشارع، وخاصة أننا أصبحنا نفتقد إلى الأخلاق المرنة والطيّبة المعهودة في البحرين، حتى نتفادى هذا النوع من المشاحنات في شوارعنا.

وليتوقّع أي شخص يضايق الناس، أنّهم سيُضايقونه، وكما قال الحكماء في السابق: «كما تُدين تُدان»، فلتكن أخلاقنا في الشارع محل وقار ولطف، فأنت واجهة بلدك أينما تكون!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2340 - السبت 31 يناير 2009م الموافق 04 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً