العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ

«واحجاجاه» «1 - 100»

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تعسا لها من ثقافة هزيلة تستخف بعقول الناس وتضحك على ذقونهم. بين عشية وضحاها يتحول صدام الى بطل قومي اسطوري. وهنا نفاجأ بالبكائيات المسطحة كيف تشعل الأرض مآتم حزن وخيام حداد. تلك هي دمعتنا وذلك هو جرحنا، فأقسى انواع الحزن عندما تستلقي على قفاك امام الاضحوكة المبكية، ضاحكا باكيا، ونقول امام بطولات المحامين الخرقاء: كفى هزلا فليس الناس قطيعا لتحتاج الى حزمة برسيم ثقافية. أيّة هيئة دفاع تلك التي تتكلمون عنها والعراق مليء ويكاد يغص ويشرق من دمائه؟ ولماذا العراق وهذه هي بصمات صدام مازالت تلون عيون امهات الشهداء بلون النجيع؟... أننسى صرخة ام رضا الشهابي؟ أننسى حزن والد اسامة عيسى؟ وهل يمكن للسنابس ان تنزع الحداد على رحيل جعفر مختار؟ امهات يكتنزها الألم فارقت ابناءها على أمل اللقاء... رحلوا وما عادوا. وهل يمكن لجدحفص ان تنسى غائبها الغريب حسن سيدعلي أو الحورة تنسى قمرها الحوري؟ ومادام هذا الترافع ليس عن صدام فلماذا لم تبادروا بالدفاع بالأمس عن كل هؤلاء الذين اقتطفهم البعث وهم في عمر الزهور؟... لورود عصفت بها الريح على ازقة العراق وتناثرت غريبة على محطات الغربة، إذ لا صوت يعلو فوق صوت القعقاع وبطل القادسية.

هزئت أمة تمجد ظالميها وترفع راية بيضاء من اكفان شهدائها. العذر لا يغسل لون وأثر الجريمة. ولابد ان يندد الجميع بهذا الموقف المقرف فإنه حملٌ مخيف! فيا ايتها الثقافة كوني عاقرا فالحمل مخيف!!

يا أحمد الموت يا قمرا غيبته سنابك القهر... لماذا رحلت؟ تعال لترى العدالة في اجمل صورها... تعال لترى الرجال كيف يسقطون اوراق التوت عبثا وبدم بارد باسم العدالة... آه ايتها العدالة... كم من الجرائم النكراء ترتكب باسمك؟!!

عشرة اقمار بحرينية توارت في ليلٍ عراقي دامٍ اختلطت دماؤهم بلون دجلة، رحلوا... وتلك هي المأساة... لا قبور لهم... ويا لها من غربة! فكيف تقنع أمّا تبحث بين القبور ان لا قبر لابنها؟!!!

أين محمود الدرازي واين عيسى حسن وأين حسين عيسى وأين فاضل عباس واين اسامة وحسن ورضا وجعفر وأحمد وعلي؟... واين عشرات من المقابر الجماعية ومن السجناء والسجينات؟ هل يجف الدم ويسقط «للتقادم»؟

ويأتي بعض مثقفينا ليعطينا دروسا في الوطنية وحب الاوطان، وتراه صعلوكا غبيا يتفجر صنمية امام نظرة حزن صدامية يبست على حافة قبوٍ لبيت عنكبوت.

فلا عجب فالمثقفون هم الذين حاولوا تطهير يد الحجاج من دم ابرياء الكوفة ودماء اهل المدينة. فالحجاج أيضا شكلت اليه هيئة للدفاع على رغم ان التاريخ يقول إن الحجاج مات تاركا وراءه 50 ألف سجين و30 ألف امرأة في السجن 16 ألفا منهن عاريات بلاثياب، وعلى رغم انه هدم الكعبة بالمنجنيق لقتل عبدالله بن الزبير. خرج علينا المثقف عنترة، والمؤرخ طرزان وآخرون يتباكون على الحجاج، وجاءت نتيجة هيئة الدفاع:

1- قال ابراهيم بن هشام «ما حسدت الحجاج على شيء حسدي إيّاه على حبه القرآن».

2- قال المثقف الكبير الاصمعي «ما كان اعجب حال الحجاج ما ترك - من الزهد - الا 300 درهم... ومصحف».

3- وقال مؤرخ آخر «سمعت ابي يقول: خطبنا الحجاج فذكر القبر انه بيت الوحدة وبيت الغربة حتى بكى وأبكى من حوله». الله يتقبل.

ومؤرخ آخر زاد الملح في الطعام فقال: «إن امرأة مسلمة سبيت في الهند فنادت «واحجاجاه» فلبّاها الحجاج وانفق 7 ملايين من الدراهم حتى انقذها. بل وذهب مؤرخ آخر ليبرر موقفه من هدم الكعبة، وو... الخ. وآخر أراد ان يمدحه فذمه قائلا «كان الحجاج يتجنب المحارم إلا انه كان متسرعا في سفك الدماء!!!».

بعض محامينا الأفاضل لن يقبلوا الدخول في هيئة الترافع عن صدام الا بشروط. بعض هذه الشروط «الحصول على الاجازة الشرعية من العلماء والمجتهدين الشرعيين». وهذه خطوة في غاية الأهمية وانا سأسرد لهم اسماء للعلماء والفقهاء لتسهيل الأمر عليهم.

1- حبذا اخذ الإجازة من السيد الشهيد محمد باقر الصدر فدمه مازال لم يجف الا ان قبره مازال مجهولا. ماذا نقول لك يا ابا جعفر؟! والله اننا لخجلون وقلبنا يقطر دما.

2- السيد محمد صادق الصدر الذي قتل بالرصاص غدرا. فهو فقيه قد يعطيكم هذه الاجازة.

3- حبذا لو تمرون على قبر المرجع المظلوم السيد محسن الحكيم فله 20 ابنا قتلوا على يد «المظلوم» صدام! وان استطعتم فمروا على قبر الشهيدة بنت الهدى فهذه الشهيدة جسدها لعبت به ادوات التعذيب. وان شئتم وأسعفتكم الذاكرة فاذهبوا الى جنة الزهراء إذ يرقد الرجل العظيم الذي تجرع السم فقد تحصلون على الاجازة الشرعية للترافع!! ماذا ستقولون لأقمار بحرينية ذبحت؟ ولشموع كويتية أطفئت؟ ولنجوم ايرانية توارت؟ ولزهور اردنية ومصرية ولبنانية قطفت؟ لا يشرفنا كبحرينيين أن نترافع في أية هيئة وتحت اية ذريعة، وان كان هنالك من نخوة طرزانية فالأحق بها هؤلاء الآلاف من الشهداء والمفقودين. ترافعوا عنهم وعن تعويض عوائلهم فلعل ذلك يمسح شيئا ولو قليلا من عار الكلمة وقبح الموقف، لو تعلمون ذاك عظيم. نرجو من جميع المواطنين البحرينيين والعلماء والمؤسسات الضغط على هؤلاء لمنعهم عن الترافع

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً