تلقى نواب اتصالات من جهات حكومية نددت بما جاء في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس هيئتي «التقاعد» و«التأمينات» الذي أدان الحكومة صراحة، وحملها الخسائر المليونية للهيئتين. وهذه الاتصالات ليست سوى بداية الضغوط التي ستمارسها الحكومة على «تجرؤ» مجلس النواب عليها، بعد أن تعودت الترحيب بكل ما تقول وتفعل طوال عقود مضت، بما في ذلك الفترة التي شكل فيها مجلس الشورى في تسعينات القرن الماضي. إحدى الوسائل الأهم التي اتخذتها الحكومة هي التقنين لعدم قدرة البرلمان على مساءلة الوزراء عن كل التجاوزات التي سبقت انعقاده منتصف ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، ما يعني أنه لا يمكن لمجلس النواب مساءلة وزير المالية عبدالله حسن سيف ووزيري العمل والشئون الاجتماعية السابق عبدالنبي الشعلة والحالي مجيد العلوي عن أية تجاوزات اكتشفتها اللجنة. يد الحكومة طولى في الضغط على كثرة من النواب وقبله مجلس الشورى، وإذا حدث ذلك، وهو أمر متوقع، فإنه سيوجه ضربة قاصمة لأبرز فعل رقابي حققه النواب طول الفترة الماضية بالنظر إلى صعوبة التشريع، إذ على رغم رفع مجلس النواب مشروعات بقوانين عدة إلى الحكومة منذ دور الانعقاد الماضي فإن الحكومة لم تُحِل بعد إلى البرلمان أيا من هذه القوانين، ما يعني أن الحكومة لن ترحم البرلمان الذي يظن البعض أنه صديق لها. وهذا الظن خاطئ، فالحكومة صديقة من يوافقها الرأي فقط. ستقدم الحكومة إلى المقاطعين هدية ثمينة، انتظروها طويلا، إن هي وقعت في «الجرم السياسي»، ولم تتعاط مع نتائج التحقيق، وعلى الأرجح فإنها ستقع في ذلك، باستقراء تعاطيها مع البرلمان منذ انطلاقته. يمكن للنواب - إن كانوا جادين - الطعن في دستورية المادة 45 من قانون مجلسي الشورى النواب التي تمنع المساءلة، أو التقدم بمشروع قانون لإلغاء المادة المذكورة التي لا ينص عليها الدستور. لكن تغيير القانون يمكن للحكومة أن تعطله سنتين، فتنتهي ولاية النواب الحالي، وربما تنسى القضية
العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ