في خطوة جريئة فاجأت العالم العربي بادر الرئيس الليبي معمر القذافي بإعلان تخلي بلاده طواعية عن برنامج أسلحة الدمار الشامل وهو القرار الذي قال عنه الرئيس الأميركي جورج بوش انه «يؤهل ليبيا للانضمام من جديد للمجتمع الدولي»، ومازال المراقبون السياسيون في حال ريبة بشأن انصياع طرابلس الغرب للمطالب الاميركية التي دخلت في مفاوضات استغرقت قرابة تسعة أشهر. خاصة ان القذافي معروف بمواقفه القومية العربية التي تعبر على الدوام عن استيائه من الفكر الاميركي. لقد اوضح البيان الليبي ان الهدف من هذه الخطوة هو تحويل إفريقيا والشرق الأوسط إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية متجاهلا بما في ذلك «اسرائيل» وامتلاكها لأكبر ترسانة نووية في المنطقة.
لقد جاء التهديد الأمني الذي يواجه المنطقة العربية نتيجة تمخضات وتغيرات زلزال الحادي عشر اذ كان له الأثر في إسناد قيادة فوقية بصورة غير مباشرة على ظروف المنطقة الحالية والتي جاءت عن طريق حجج الارهاب وتحركاتها وتهديدها للأمن القومي الاميركي. فعقب الذرائع الأميركية بشان أسلحة الدمار في العراق وسقوط صدام حسين بأيديها قد خلق ثغرة أمنية داخل المنطقة .
كل ذلك جعل من واشنطن تنقاد وراء مفردات الى تبني شعارات الخلاص من حكام المنطقة وهو في واقع الامر جرس انذار اميركي إن اساء احدهم التصرف. وبالنظر الى التصرف الليبي من خلال تخليها الكامل عن برنامج أسلحة الدمار فهو قرار جرئ كونه يحمي ليبيا قيادة وشعبا من هلاك اميركي محتمل الا انه ايضا يعبر عن مدى التخاذل الذي اصاب بعض الانظمة العربية من بعد ترويج صور اعتقال صدام امام مرآى العالم.
ويبدو أن ليبيا تراجعت عن اجندتها التي كانت تنادي بها على الدوام ضد الغرب وذلك من خلال اعترافها الصريح بانها كانت جزءا من كتلة «الشر»» الذي صنفته لها واشنطن لفترة طويلة عبر دعمها لصور الارهاب المختلفة متجاهلة بذلك تصريحاتها السابقة ومؤكدة على المزاعم الاميركية بان المنطقة العربية سبيل يرفد اشكال الارهاب
العدد 472 - الأحد 21 ديسمبر 2003م الموافق 26 شوال 1424هـ