في عالم الاعمال، هناك قطاع خاص متخصّص، يهتمّ بالتخطيط للمستقبل. وبحسب ثقافة هذا القطاع، يمكننا استنتاج الآتي: هناك دائما سيناريوهات ثلاثة: الجيّد. والستاتيكو والسيئ. وهناك دائما ثوابت تستمرّ في المستقبل، يجب بناء السيناريوهات عليها، وهناك ايضا متغيّرات. لكن المهمّ هو في اللامتوقّع، والذي من الممكن ان «يخربط» كل التخطيط (حوادث 11 سبتمبر/ ايلول مثلا). انطلاقا من هنا، يجب علينا، ولمعرفة أو توقّع شكل العالم في العام 2004، ان نسرد الثوابت في هذا المقال، في صورة العالم الماكرو. على ان تستتبعه مقالات لاحقة تتناول الميكرو.
ما الثوابت؟
هي الامور التي لن تتغيّر على الاقلّ في العام المقبل. فماذا عنها؟
أولا اللاعبون الكبار:
الولايات المتحدة
ستبقى الولايات المتّحدة اللاعب الأكبر على الساحة العالميّة. فهي الاقوى، سيّاسيّا، عسكريّا واقتصاديّا. وسيبقى شعار الحرب الاميركيّة على الارهاب كما هو. فالولايات المتحدة تورّطت وتعهّدت بالقضاء عليه اينما وجد. وستبقى عقيدة بوش الاستباقيّة تشكّل الاسس الرئيسيّة لهذه الحرب. وبهدف تحقيق الاهداف، ستستمرّ اميركا بمحاولة تكوين التحالفات الجديدة والتي قد تساعدها على تحقيق هذه الاهداف.
وتبدو ترجمة هذه التحالفات على ارض الواقع، من خلال المؤشّرات العسكريّة التي يمكن رصدها، والتي تبدو واضحة من خلال الزيارات التي يقوم بها وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد. فهو قد زار اليابان، كوريا الجنوبيّة، اوستراليا وأخيرا رومانيا. فكلّ هذه الزيارات، تهدف إلى: إما إعادة تمركز القوات الاميركيّة في بعض هذه البلدان، ككوريا الجنوبيّة. أو الاتفاق مع دول أخرى على إنشاء قواعد عسكريّة اميركيّة جديدة، كرومانيا مثلا. إذا تدور الامور كلّها في العقل الاميركي، فقط على البّعد المتعلّق بالامور الامنيّة.
لكن الاكيد ان الولايات المتّحدة ستركّز على تكوين العمل ضمن المحاور. وتقوم هذه المحاور على دول اساسيّة في كل منطقة أو إقليم. وستدور معاركها، العسكريّة، الاقتصاديّة والسياسيّة على المحاور الآتية: محاور الشرّ، محاور الديمقراطيّة، محاور انتشار اسلحة الدمار الشامل، ومحاور النفط. لذلك يجب رصد كل تحرّك اميركي ضمن هذه المحاور. وإذا ما سبرنا غور هذه المحاور، فإنه يمكننا ان نرصد التحرّك الاميركي، وفي أيّة منطقة.
- بعد ان فشل الرئيس بوش في إيجاد اسلحة دمار شامل في العراق، والتي كانت السبب الرئيسي في الحرب عليه. اضطّر الرئيس بوش، أن يغيّر الشعار - الرافعة لحربه. فهو قد انتقل من الحديث عن اسلحة الدمار الشامل، إلى شعار أكبر، قد يساعده على تأمين تأييد الشعب الاميركي، وخصوصا بعد ان اصبحت التضحيات المطلوب تقديمها أكبر فأكبر. تمثّل هذا الشعار بتغيير الشرق الاوسط، ونشر الديمقراطيّة فيه.
وهو يقلّد بذلك، ما فعله سلفه الرئيس الراحل ابراهام لنكولن. فبعد معركة غيتزبورغ خلال الحرب الاهلية الاميركية. وبما ان الخسائر كانت فادحة. وبما ان شعار الحفاظ على الوحدة الاميركيّة لم يعد مغريا لشعب الشمال. اضطّر الرئيس لنكولن إلى إيجاد شعار - رافعة جديد لحربه. تمثّل شعاره الجديد بـ «تحرير العبيد».
لكن الفرق بين الرئيسين، في ان لنكولن كان ضد مبدأ الحرب الاستباقيّة. بينما بوش مع هذه الحرب. وأن لنكولن كان يكتب خطبه بيده، أم بوش فهناك من يكتب له الخطب. وأن نتيجة حرب لنكولن كانت في المحافظة على الوحدة، وأدّت إلى قيام امبراطوريّة لا مثيل لها في التاريخ البشري ككل. أما نتيجة حرب بوش، وهي في بدايتها غير معروفة النتائج. فهي قد تؤدّي إلى تراجع وحتى إلى سقوط الامبراطوريّة الاميركيّة الحديثة.
- ستأخذ الانتخابات الاميركيّة الحيّز الأكبر من الاهتمام الاميركي. وسيُركّز الحزب الديمقراطي على الحرب العراقيّة لضرب صدقية الرئيس بوش. لكن الاكيد، في ان الحزب الديمقراطي، سيركّز في حملته على إدارة بوش، ليس على الوجود العسكري الاميركي في العراق. فهو وجود سيبقى ويبقى. لا بل هو سيركّز على سوء إدارة هذه الحرب من قبل الرئيس بوش. وبسبب هذا الضعف لدى الرئيس بوش، ستسعى هذه الادارة إلى تأمين الاستقرار في العراق وبكل الطرق الممكنة، حتى ولو بالقوّة. وقد يكون مشروع العرقنة إحدى طرق الادارة الحاليّة لاستيعاب المشكلة بانتظار الانتخابات المقبلة. إذا ستركّز إدارة بوش على ما يُسمّى بإدارة الازمة .(Crisis Management) لكّنه يبدو ان وضع الرئيس بوش قد تحسّن كثيرا، وخصوصا بعد القبض على الرئيس صدّام حسين. لكن الأمر يبقى في ما سيحمله المستقبل.
- ينصّ الدستور الاميركي على ان يقوم الرئيس بإعلام الكونغرس والشعب الاميركي سنويّا عن حال الاتحاد، وعن الانجازات والاخفاقات. وكيف ينوي الرئيس قيادة السفينة في المستقبل، وما هي استراتيجيّته. قبل كارثة 11 سبتمبر، لم يكن العالم وخصوصا القوى الكبرى يهتمّ لمضمون خطاب حال الاتحاد.
فالرؤوساء الاميركيّون، كانوا تعوّدوا إطلاق العقائد الاستراتيجيّة(Doctrines) ، كلما كان هناك تحوّل على الساحة العالميّة قد يؤثّر على مصالح الولايات المتّحدة. كانت عقيدة الرئيس مونرو، عقيدة الرئيس إيزنهاور، كارتر وأخيرا وليس آخرا عقيدة الرئيس بوش بشأن الضربات الاستباقيّة. أما بعد كارثة 11 سبتمبر، فقد أصبح العالم ينتظر ماذا سيرد في خطاب حال الامّة. ولأن اميركا مهيمنة ومتفرّدة بمصير العالم.
يمكننا القول ان خطاب حال الامة الاميركيّة، أصبح بطريقة غير مباشرة خطاب حال العالم ككل. فالخطوط الفاصلة بين السياسة الداخليّة الاميركيّة، والسياسة الخارجيّة قد أُزيلت بالكامل. وذلك بعد أن أصبحت الوزارات الاميركيّة تتدخّل في كل دول العالم، ومن دون استثناء. ها هو رامسفيلد يجول العالم ليؤسّس تحالفات عسكريّة جديدة.
كذلك الامر، أصبح «البنتاغون» يقرّر من من الدول يمكن لها ان تساهم في إعادة إعمار العراق. حتى ان البنتاغون، كان قد ربط من خلال رسالته على صفحته الالكترونيّة، المشروعات في العراق، مباشرة بالأمن القومي الاميركي. وها هو وزير المال الاميركي، يسعى لدى دول العالم لمعرفة كيفيّة تحويل الاموال، هذا عدا عن طلبات تجميد بعضها. لذلك من المنتظر في نهاية يناير/ كانون الثاني 2004 أن يتضمّن خطاب حال الامّة الامور الآتية: الإنجازات في مجال الحرب على الارهاب. الانجازات في مجال نشر الديمقراطيّة، والتركيز على اهميّة العراق كنقطة انطلاق لرسم مستقبل الشرق الاوسط.
سيركّز الخطاب على أهميّة الحرب الدائرة في العراق، وكأنهّا بديل لحرب قد تقع داخل الولايات المتحدة الاميركيّة في حال تمّ التخلّي عن العراق والانسحاب منه. سيؤكّد خطاب حال الامّة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، إذ يرد اسم كوريا الشماليّة. سيؤكّد الخطاب قوّة اميركا الهائلة، وكيف انها مستعدّة لدرء كل خطر قد يطرأ. وسيتطرّق حتما خطاب حال الامّة، إلى الوضع الداخلي الاميركي، وخصوصا في تزامنه مع قرب الانتخابات الرئاسيّة.
وهو سيتضمّن شقيّن اساسيّين هما: في الشقّ الأمني سيؤكّد الرئيس انه يتكفّل بتأمين الأمن للشعب الاميركي وهذا امر سيساعده حتما في الانتخابات. كما سيحاول منع حدوث 11 سبتمبر/ ايلول آخر، تقليدي أو غيره. اما الشقّ الثاني فهو حتما سيتناول الاقتصاد ونموّه. واخيرا وليس آخرا، قد نرى في خطاب حال الامّة شعارات كبيرة وتسميات جديدة. ففي خطاب العام 2003، سمعنا تعبير «محور الشر». وقد نرى مثلا في العام 2004 شعارا جديدا «محور الديمقراطيّة» مثلا. لكن الأكيد، ان مفاهيم القيم الانسانيّة ستكون طاغية على الخطاب. فسيرد الكثير من التعابير الآتية: الخير والشرّ، الصراع ضد الطغيان، الحضارة ومن سيدمّرها، انتهاك حقوق الانسان، الرسالة التي تقوم بها اميركا لصالح البشريّة، الاسلام ورسالته السماويّة الخيّرة.. الخ.
ثانيا: أوروبا
- ستبقى اوروبا تبحث عن كيفيّة الوحدة السياسيّة، بعد ان حقّقت تقريبا الوحدة الاقتصاديّة. وبهدف خلق الانياب العسكريّة إلى جانب قوتها الاقتصاديّة، كي تكتمل منظومة القوّة لديها. ستسعى اوروبا إلى تكوين عسكرها الامبراطوري إذا صحّ التعبير بمعزل عن الناتو والولايات المتحدة. يندرج اقتراح كل من: بريطانيا، فرنسا والمانيا لإنشاء قيادة عسكريّة منفصلة عن الناتو كمثال حيّ لما ورد اعلاه. في الوقت نفسه، تبدو ممانعة بعض الدول الاوروبيّة المنضوية ضمن الاتحاد الاوروبي، لموضوع القوة المنفصلة عن الناتو، وكأنه مؤشّر للممانعة الاميركيّة لهذا المشروع.
كما تعكس هذه الممانعة، خوف الدول الاوروبيّة الصغيرة من الهيمنة المستقبليّة للدول الكبرى على الساحة الاوروبيّة، كفرنسا والمانيا. وإلا فما معنى انتقال الاهتمام الاميركي العسكري إلى اوروبا الشرقيّة. ومحاولة إنشاء قواعد عسكريّة جديدة، قد يكون هدفها احتواء كل من فرنسا والمانيا. لكن الاكيد، ان الطلاق الاميركي الاوروبي سيبقى ويزداد. وان اميركا ستعاقب كل من مانع حربها على العراق.
وإلا فما معنى منع الدول التي لم تشارك، أو مانعت الحرب على العراق، من الاستفادة من إعادة بناء العراق؟ فهل عدنا إلى مقولة كودوليسا رايس، والتي تقوم على: مسامحة روسيا، إهمال المانيا ومعاقبة فرنسا؟ ممكن. باختصار ستبقى اوروبا قارة موحّدة اقتصاديّا، ومقسّمة سياسيّا وعسكريّا.
ثالثا: روسيا
- ستبقى الساحة الروسيّة مسرحا للتفجيرات من قبل مقاتلي الشيشان. وسيستمرّ الرئيس فلادمير بوتين في السعي للسيطرة السياسيّة على روسيا. وإلا فما معنى حربه على الرأسماليّين اليهود، والذين كانوا يموّلون خصومه؟ كذلك الامر، سيحاول بوتين استرداد موقع روسيا على الخريطة العالميّة، حتى ولو أقل مما كانت عليه خلال الحرب الباردة. فهو قد وعى، ان العودة إلى الساحة العالميّة تتطلّب الامور الآتية: استقرار سياسي داخلي، نمو اقتصادي، وتحديث عسكري في وقت لاحق. يعمل هو على السيطرة السياسيّة.
كما يسعى إلى جعل روسيا مركز ثقل الطاقة المستقبليّ. فروسيا قد تكون المموّل الاساسي من الغاز لاوروبا الغربيّة في العقد المقبل. وقد تصبح أيضا المموّل الاساسي للولايات المتّحدة في مجال النفط. فعمليّة الخصخصة في مجال الطاقة هي على قدم وساق. كما ان تحديث البنى التحتيّة قد قطع اشواطا بعيدة. أما تحديث العسكر، فهو امر من المبكّر الحديث عنه، لانه يتطلّب اموالا ضخمة، لا يمكن لروسيا تأمينها في الوقت الحاضر.
ستعمل روسيا وبجدّ على الحفاظ على دائرة نفوذها في محيطها الجغرافي المباشر. قد يندرج السلوك الروسي في المشكلة الجيورجيّة أخيرا كمثال حي على ذلك. واخيرا وليس آخرا، ستبقى روسيا خائفة من نوايا الولايات المتحدة تجاهها. وإلا فما معنى توسيع الاطلسي (الناتو)، وإرسال مبعوثين إلى اوروبا لطمأنة الدول عن إعادة الانتشار الاميركي العسكري على القارة الاوروبيّة؟ وما معنى بناء اميركا رادارا كبيرا في استونيا؟ او قرار الانتشار في بولندا البعيدة عن مسرح قتال الارهاب؟ باختصار، تخاف روسيا من احتواء جديد لها. وذلك في الوقت الذي يخاف فيه صقور البنتاغون من يقظة روسيّة قوميّة.
رابعا الأمم المتّحدة
- لم تعد الامم المتّحدة كما كانت من قبل. فهي لا تملك الانياب العسكريّة لتنفيذ قراراتها، كما كانت عُصبة الامم بعيد الحرب العالميّة الاولى. وهي تنفّذ بشكل مثالي فقط عندما يكون الاقوياء موافقين على الموضوع. لذلك لا يمكن للرئيس بوش انتقاد الامم المتحدة على انها لا تحترم قراراتها. فقد يسأل سائل في هذا الإطار: «من منع، او لم يفرض على «إسرائيل» تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلّقة بالصراع العربي -الإسرائيلي»؟ لماذا نفّذت اميركا قرارات مجلس الأمن حول المسألة الكوريّة، وخاضت حربا لاتزال آثارها ماثلة حتى الآن، ولم تنفّذ القرارت في منطقة الشرق الاوسط، خصوصا وهي كانت قد صوّتت على هذه القرارات، ولم تستعمل حق الفيتو تجاه بعضها؟ ستبقى الامم المتحّدة تعاني من عجزها تجاه حلّ مشكلات العالم، خصوصا ما يتعلّق بالأمن الجَماعي.
فقد يسقط هذا المفهوم من يد المنظّمة الدوليّة، لان تركيبة الساحة العالميّة الجيواستراتيجيّة تغيّرت، مع تبدّل جذري في ميازين القوى. فالقوّة التي كانت قد ساهمت بشكل اساسي في خلق هذه المنظّمة، والمقصود هنا الولايات المتّحدة. أصبحت تنتهك قيم وكل ما قامت عليه هذه المنظّمة. فهي قد ذهبت إلى حرب من دون تكليف من المنظّمة، وهي قد أنذرت بالذهاب مستقبلا إلى أيّة حرب تعتقد انها حيويّة لأمنها القومي حتى أن الولايات المتحّدة، راحت تشكلّ تحالفاتها، خصوصا العسكريّة، مع دول من الترتيب الثالث في التركيبة العالميّة، تتّكل عليها فقط في مرحلة ما بعد الحرب. اميركا تقاتل، وهذه الدول تنظّف بعدها، وتؤمّن عملية حفظ الأمن، لقاء مكافآت اقتصاديّة، وتأمين مظلّة حماية لها. لذلك يبدو مقال أمين عام الامم المتحدة كوفي عنان، وكأنه انعكاس حقيقي للوضع الذي وصلت إلى هذه المنظّمة. فمن هو أفضل من الأمين العام ليُقيّم حال أهم منظّمة دوليّة؟ في مقاله يشدّد عنان على ان هناك تحدّيات جديدة ومخاطر جديدة.
لذلك لا بد من النظر بامعان إلى الآليّات التي كانت تضبط العلاقات الدوليّة. فكيف، يسأل عنان، يمكن حماية أنفسنا ضدّ الإرهاب العالمي، وضدّ أسلحة الدمار الشامل؟ ومتى يكون استعمال القوّة مسموحا؟ ومن يقرّر هذا الامر؟ هل هو على صعيد الدولة كدولة، ام من خلال قرار جَماعي؟ هل الحرب الاستباقيّة مُبرّرة، أم انها إعتداء تحت تسمية أخرى؟ وفي عالم آحادي القطب، كيف سيكون دور الامم المتّحدة؟ ما مصير مفهوم السيادة؟ وإلى أيّ حدّ تقع المسئوليّة على المجتمع الدولي في الحروب الاثنيّة، والمجازر الجَماعيّة؟ من هنا، عمد عنان إلى تأليف لجنة خاصة متخصّصة لدراسة هذه الأسئلة واقتراح السلوك الممكن اعتماده. لكن الاكيد، ان هذه اللجنة ليست لجنة قرار، لا بل هي لجنة استشاريّة.
وقراراتها غير ملزمة للقوى العظمى، وخصوصا للولايات المتحدة الاميركيّة. لكن الاكيد ايضا، انه اصبح من الضروري تحديث هذه المنظّمة. فالظروف التي أدّت إلى خلقها، قد زالت. ولا بد من إيجاد منظّمة جديدة قادرة على التعامل مع التحدّيات الجديدة التي تحدّث عنها عنان في مقاله. في هذا الاطار، قد نرتقب في العام المقبل الكثير من الطلبات، للكثير من القوى الكبرى، والتي ليست ممثّلة في مجلس الأمن، كي تصبح داخل هذا المجلس. تندرج كل من: اليابان، الهند، اوستراليا، البرازيل وكندا في خانة من قد يُطالب. في الختام، أدّت الحرب الثانية، والسلاح النووي ومخاطره إلى خلق الامم المتحدة الحاليّة.
فهل سيتسبّب 11 سبتمبر بخلق منظمة جديدة، واميركا مهيمنة على العالم؟ وإذا كانت اميركا مهيمنة، فهل من مصلحتها ان تؤلّف منظمة جديدة تشارك فيها الاضعف منها من قوى العالم في القرارات الدوليّة؟ أليس من مصلحة العمّ سام، الإبقاء على هذه المنظّمة في ضعفها الحالي، إذ هو حرّ في سلوكه؟ وهل سننتظر وقوع حدث اكبر واخطر من 11 سبتمبر لخلق هذه المنظّمة الجديدة؟ فلننتظر.
خامسا الإرهاب
- سيبقى الإرهاب من الثوابت في العام 2004، وقد يمتدّ إلى أبعد من ذلك. فهو نجم ساحات المعارك الاميركيّة. من دونه، ينحسر الامتداد العسكري الاميركي، وتفلّس مصانع الاسلحة الاميركيّة. إنه ألم رأس لاميركا، وسبب لتوسيع الانتشار وتثبيت الهيمنة. إنه العدو الجديد، والبديل الذي عثرت عليه اميركا خلال بحثها عن «راجح»، على غرار ما قالت، فيروز في المسرحية المشهورة.
سيبقى تنظيم القاعدة الأكثر خطرا على أمن الولايات المتّحدة، حتى ولو ضخّمت هذه الاخيرة هذا التنظيم. وسيظلّ العراق الساحة الرئيسيّة للقاعدة لضرب المصالح الاميركيّة. كذلك الامر، ستسعى القاعدة وباستمرار إلى تنفيذ عمليّات في الاهداف الطريّة، الاميركيّة منها وغير الاميركيّة. فهي مطالبة دائما بإظهار استمراريّتها وصدقيّتها. وهذا لا يكون إلا عبر العمليّات العسكريّة، من تفجيرات وغيرها. ستستمرّ القاعدة، بضرب الانظمة التي تساعد الولايات المتّحدة. لكنّها لن تتأخّر عن تنفيذ 11 سبتمبر جديد، حتى مع اسلحة غير تقليديّة، كالقنبلة القذرة (leghDirty Bomb)
العدد 472 - الأحد 21 ديسمبر 2003م الموافق 26 شوال 1424هـ