العدد 472 - الأحد 21 ديسمبر 2003م الموافق 26 شوال 1424هـ

خمسة أشخاص كانوا يعرفون حفرته... أحدهم وشى به وآخر دلّهم عليها

مصادر موثوقة تروي لـ «الوسط» القصة الحقيقية لاعتقال صدام

أكدت مصادر موثوقة أن عملية اعتقال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قد تمت يوم الجمعة حوالي الساعة الثامنة مساء وليس كما صرح أحد المسئولين العسكريين الأميركان بأن هذه العملية قد تمت مساء يوم السبت الماضي.

وقد أكد رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي في أول تصريح له بعد اعتقال صدام حسين أن العملية قد تمت يوم الجمعة مساء، وفسر التضارب بين الموعدين بأن بعض أعضاء مجلس الحكم العراقي حاولوا استثمار الحدث إعلاميا ليبدوا وكأنهم معنيون بأمر اعتقال صدام، إذ أراد الجلبي أن يوصل رسالة سريعة تقول إن الوصول إلى الرئيس المختفي تم عبر العراقيين وليس عبر الأميركان، وخص بالذكر عضو المكتب السياسي في حزب الطالباني كوسرت رسول الذي أمسك بخيوط العملية التي كشفت مكان اختفاء صدام منذ البداية.

وكان أول من أعلن عن عملية الاعتقال رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني من طهران إذ كان في زيارة خاصة إلى إيران، ولعله كان على اتصال دائم مع مستشاره كوسرت رسول الذي أبلغه في الحال عن هذا الخبر، ولم ينتظر الطالباني إعلان الأميركان عنه، فبادر بسرعة البرق في ابلاغ الإيرانيين عن ذلك، فتلاقفت الخبر وسائل الإعلام المختلفة.

واستطاعت «الوسط» أن تقع على الرواية الحقيقية من مصادر موثوقة، إذ أسردت هذه المصادر القصة منذ البداية وحتى لحظة إلقاء القبض على الرئيس العراقي المخلوع، وقالت إن عملية البحث عن صدام حسين استغرقت وقتا طويلا، ولم يكن بالإمكان الوصول إليه عن طريق المداهمات أو المراقبة الأرضية أو الجوية، لأنه خبير في التضليل والاختباء، وإذا أراد أن ينتقل من موقع إلى آخر، فإنه يستغل أوقات محددة يعرف من خلال خبرته في المنطقة بأنها أوقات لا تشكل ثمة أخطار عليه، وقد جعل مكان اختفائه بعيدا عن أية شكوك، وقريبا من النهر، إذ وضع تحت خدمته زورقا نهريا، يمكنه التنقل به في عموم المناطق التي تقع على النهر وغالبيتها مدن توصم حاليا بمدن المقاومة. القضية بدأت بحسب هذه المصادر منذ فترة قصيرة، حينما جاء شاب في مقتبل العمر طويل القامة أسود الشعر قوي البنية، إلى مقر حزب الطالباني، وطلب مقابلة الطالباني، ولكن حراس المقر أبعدوه وقالوا له ماذا تريد من الطالباني، أخبرهم بأن لديه أمرا خطيرا لا يريد أن يخبر به أحد سوى الطالباني. وحين وصل خبر هذا الشاب إلى الطالباني، أوعز إلى حراسه بأن يفتشوه جيدا ثم يسمحوا له بالدخول.

وبعد وصوله إلى الطالباني، قال مخاطبا الطالباني، إني أعرف مكان اختفاء صدام حسين، ولا أريد أن يعتقل من قبل الأميركان وإنما من قبلكم. وفي الحال طلب الطالباني من هذا الشاب أن ينسق مع كوسرت رسول. وهكذا بدأت العملية، إذ نقل كوسرت رسول الخبر إلى القوات الأميركية، مقترحا عليهم خطة مشتركة تنفذها قوات «البشمركة» ويكون دور الأميركان حماية ظهرهم فقط، ولكن قائد قوات التحالف رفض ذلك وأخذ المسألة على عاتقه ومنع أي تدخل من قبل الأكراد أو ميليشيات الأحزاب الأخرى.

وتقول المصادر إن السبب الذي دعا هذا الشاب الذي كان يعمل مراسلا حربيا لصدام حسين للوشاية به، يكمن في مشاجرة بينه وبين صدام قبل أيام من قدومه إلى مقر حزب الطالباني للتبليغ عنه، وهذه المشكلة تتعلق بطريقة عمل هذا الشاب، فقد تشاجر صدام حسين معه، ورد الشاب عليه بالمثل، ولكن بعد المشاجرة هدأت الأعصاب، فعاد واعتذر من رئيسه، ولكنه اخفى نيته في الوشاية به بأقرب فرصة ممكنة.

وفي العادة كان هذا المراسل ينقل توجيهات صدام إلى بعض حلقات المقاومة التي تتصل به ويتسلم منها تقارير عن عملياتها. وقد اعترف على أسماء الأشخاص الذين كان يلتقي بهم في غضون كشفه عن مكان اختفاء صدام أثناء اعتقاله قبل يوم من تنفيذ العملية لتأمين انجاحها وعدم احداث خلل قد ينتبه إليه صدام حسين، فيما إذا توجه مع هذا المراسل بعد عودته إلى المزرعة لإيصال التقارير أو الرسائل أو الأخبار إليه.

وذكرت المصادر أن هنالك خمسة أشخاص فقط كانوا يعرفون بمكان صدام حسين، وكانوا على اتصال دائم به، وأحدهم هذا الشاب، الذي وشى به وآخر دلهم على مكان الحفرة. وقد كشفت أسماء ثلاثة منهم فقط، بينما تحفظت قوات التحالف ومصادر الطالباني على الاثنين الآخرين، والثلاثة هم العقيد محمد إبراهيم عمر المسلط وفارس الياسين ومحمد الحديثي، هؤلاء جميعا كانوا إما حماية لصدام أو مراسلين له.

وقد أطلقت قوات التحالف سراح العقيد محمد إبراهيم، ويبدو أنه إما أن يكون الشخص الذي وشى بصدام حسين، أي أنه يكون هو نفسه الشاب الأسمر الطويل أو أنه الشخص الذي أرشد القوات الأميركية التي اقتحمت المزرعة إلى مكان الحفرة.

ويبدو أن أهالي تكريت قد عرفوا بما قام به هذا الشخص، فاغتالوه في اليوم الثاني من اعتقال صدام حسين، إذ ألقوا بجثته في مياه دجلة بعد قتله وأعلنوا هدر دم جميع أفراد عائلته من دون استثناء، لأنه، بحسب قناعتهم كان هو الخائن الذي سلم صدام حسين للأميركان. وقالت المصادر إن الشاب الذي كشف مكان صدام لجماعة الطالباني لم يكن يعرف شيئا عن الحفرة، وربما كان يلتقي بصدام في الغرفة الوحيدة الموجودة داخل المزرعة والمخصصة لـ «فلاح المزرعة». لذلك فإن القوات الأميركية حين ذهبت لاعتقال صدام لم تجده في الغرفة وكادت أن تنسحب لولا اعتراف الشخص الآخر الذي كان يحرس صدام في هذه المزرعة على مكان الحفرة، وتم ذلك في اللحظات الأخيرة، إذ رفع الجنود غطاء الحفرة فوجدوا صدام داخلها، فرموا بخرطوش الغاز الخانق إلى داخل الحفرة فخرج صدام وهو يصيح أنا صدام حسين رئيس جمهورية العراق، فاختطفه بعض الجنود وبطحوه بقوة فلامس أنفه أرض المزرعة، فتورم قليلا، ثم ربطت يداه ووضع على رأسه كيس أسود، ونقل في الحال بواسطة احدى المروحيات إلى مطار بغداد، إذ أجريت له فحوصات مختلفة. وفي اليوم التالي اصطحب طارق عزيز للتعرف عليه، ثم زاره وفد مجلس الحكم فأسمعهم كلاما قبيحا لسنا بصدده.

وشككت المصادر بما أعلنته قوات الاحتلال من أن صدام حسين يتعاون مع المحققين، إذ بدأ يستعيد وعيه ويبدو أكثر تصلبا، وهذا ما كشفه لقاؤه بوفد مجلس الحكم إذ وجه لهم كلاما قاسيا وعبارات ملؤها الشتم والتجريح بهم واتهمهم بصفات معيبة

العدد 472 - الأحد 21 ديسمبر 2003م الموافق 26 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:40 ص

      احمد السوداني

    • زائر 3 | 6:38 م

      صدام رحمه الله كان رمزا وطنيا من رموز الامة عاش بطلا شجاعا ابيا وبنى مجدا خالدا وصنع عراقا عظيما سطر ملاحم النصر بيده وقاد معارك الشرف والبولة بنفسه ماخان شعبه ولاانحنى للغرب فتامرت عليه عقالات ودشاديش الخيانة الرخيصة كما هي اليوم تتامر على صانع انجازات اليمن وباني وحدتها الرئيس صالح الذي اثبت للعالم انه القائد الشجاع المخلص الوفي لشعبه ووطنه وهكذل فعل ناصر مصر فهؤلاء هم الرجال احفاد خالد وعمر وعلي وصلاح الدين والفاتح نعمان بن مقرن والغافقي وبن زياد اما اذناب الغرب العملاء فهم حثالات البشر وشعه

    • زائر 2 | 5:48 م

      القبض على صدام

      مجلس الحكم كلهم عملاء لأمريكا وإيران كلهم ...

اقرأ ايضاً