لماذا لا يلحظ الناشطون في جمعية التجمع القومي (وهم أيضا ناشطون في نادي العروبة) في اعتقال صدام حسين إلا الـ «إهانة للعرب جميعا»، من باب أن أجنبيا اعتقل رئيسا عربيا. على رغم صحة هذه العبارة في وجه من الوجوه فإنه لربما كان من الأنسب أن يطيح العرب بنظام صدام الفاشي على أن تقود التجمعات القومية هذه الحملة.
لماذا لا يعتبر «التجمع» بقاء صدام طوال 30 سنة إهانة وكارثة للعرب والمسلمين ولجميع الناس على هذه المعمورة لا تقل عن كارثة اعتقاله.
هل يشرّف العرب أن يحكم أعرق بلدانهم طاغية دموي وعنيف كصدام حسين؟ وهل تريد جمعية التجمع القومي أن تحكم بلداننا شخصيات كصدام لا تبقي ولا تذر، وتهلك الحرث والنسل؟
مؤسف أن يصف التجمع القومي المواطنين العراقيين الفرحين بإسقاط صدام بأنهم «تخلوا عن الثوابت الوطنية والقومية»، وكأن التجمع يحب العراق أكثر من العراقيين. ومؤسف أن يعطي التجمع نفسه الحق في توزيع شهادات الولاء للوطن وللعروبة وفق مقاييس لا تمت الى العقلانية واحترام حقوق الإنسان وموازين الحكم الصالح التي يطالب بها، كما توزع بعض الأقلام هنا شهادات الولاء على مقاييسها.
يبدو الناس في العراق أكثر رشدا من التجمع الذي يضم نخبة من المثقفين، فالغالبية الساحقة من العراقيين (بل جميعهم) يدينون الاحتلال الأميركي لبلادهم، ويطالبون بجلائه، ويدينون في الوقت ذاته جرائم صدام، وهذا ما لم يفعله التجمع.
من التناقض أن التجمع يطالب بمحاكمة كل متهم بانتهاك حقوق الإنسان، ويعفي صدام من ذلك على رغم الأدلة الدامغة التي تفيد بتورط صدام في جرائم حرب ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ولا بأي تنظير أيديولوجي
العدد 471 - السبت 20 ديسمبر 2003م الموافق 25 شوال 1424هـ