أحالت قمة مجتمع المعلومات في ختام انعقاد مرحلتها الأولى في جنيف الأسبوع الماضي البت في كل القضايا الجوهرية العالقة وخصوصا فيما يتعلق بتمويل الحد من الفجوة الرقمية والإشراف على شبكة الانترنت، إلى قمة مرحلتها الثانية التي تستضيفها تونس في الفترة من 16 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2005. وبادر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي فور انتهاء «قمة جنيف» بإصدار توجيهاته بانطلاق الإعداد لـ «قمة تونس» في ضوء النتائج التي أسفرت عنها مرحلة جنيف الأولى.
وكانت تونس بادرت في العام 1998 بالدعوة إلى تنظيم قمة لمجتمع المعلومات خلال مؤتمر مفوضي الاتحاد الدولي للاتصالات في مدينة مينيابوليس بالولايات المتحدة في إطار السعي إلى مواجهة تحديات الثورة الرقمية.
وأعرب المسئولون التونسيون عن ارتياحهم لنتائج المرحلة الأولى لقمة مجتمع المعلومات. فقد أعلن وزير النقل وتكنولوجيا الاتصالات، الصادق رابح أن تنظيم القمة على مرحلتين سمح بتجاوز العراقيل التي شهدتها مؤتمرات دولية أخرى، وسمح بمزيد من النقاش لمحاولة ايجاد الحلول للقضايا العالقة.
واعتبر رابح أن الفترة التي تسبق انعقاد المرحلة الثانية من القمة في تونس ستسمح ببلورة الأفكار والتوصل إلى موقف توفيقي لحل قضيتي التمويل والإشراف على شبكة الانترنت.
وكانت قضية حظر بعض الدول مواقع على شبكة الانترنت موضع نقاش إذ دافع بعض الزعماء المشاركين في «قمة جنيف» عن حظر الوصول إلى مئات المواقع لأسباب أخلاقية.
ويقول رابح ان «قمة تونس» ستكون فرصة للدول النامية التي تصر على الالتحاق بركب التنمية الصناعية والتكنولوجية للتشديد على مطالبها.
ويقول المسئولون التونسيون إن بلادهم دخلت منذ العام 1995 في مجتمع المعلومات تنفيذا للاختيارات التكنولوجية التي تتضمنها برامج العمل التي أعدتها الحكومة التونسية والتي تشجع المواطنين على اقتناء أجهزة الكمبيوتر المدعمة من قبل الحكومة، وتوفير أجهزة الكمبيوتر في مختلف المدارس الحكومية لتدريب الطلاب على استخدامها، كما ترتبط المؤسسات الخاصة بالشبكات العالمية بما يساعد على تطوير ونمو الاقتصاد الوطني. وتشير الأرقام إلى أن عدد مستخدمي شبكة الانترنت في تونس يزيد حاليا عن نصف مليون شخص، ويتوقع أن يرتفع إلى ثلاثة ملايين في 2006.
ويظهر مسح أجراه أخيرا المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يتخذ من منتدى دافوس في سويسرا مقرا له، أن تحسين البنية التحتية للاتصالات والدخول إلى شبكة الانترنت ومهارات الكمبيوتر يمكن أن يكون أداة قوية جدا في مكافحة الفقر. وتحتل تونس مرتبة متقدمة في قائمة المسح المتعلق باستخدام تكنولوجيا المعلومات، إذ احتلت المرتبة الأربعين فيما احتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى فيما جاءت 11 دولة من الاتحاد الأوروبي بين الدول العشرين الأولى على قائمة المسح الذي شمل 102 دولة.
ويرى مراقبون أن قمة مجتمع المعلومات في مرحلتها الثانية في تونس ستكون الأكثر أهمية إذ ستكون اختبارا لمدى جدية الدول الصناعية المتقدمة في مساعدة الدول النامية لردم الفجوة الرقمية، وتطوير آلياتها التكنولوجية في مجال المعلومات.
ويقول «المنتدى الاقتصادي العالمي» إن الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات قد يكون أفضل السبل للدول النامية لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء. كما دعا الحكومات والشركات التي تريد ازدهار اقتصاداتها إلى الاستمرار في الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات.
وقد عمدت الحكومة التونسية إلى تطوير البنية التكنولوجية فأنشأت «مدينة تكنولوجيا الاتصال» في إحدى ضواحي العاصمة (تونس) كفضاء يتطور فيه التعليم والبحث والتكوين. كما استضافت تونس الكثير من المؤتمرات الخاصة بنظم وتكنولوجيا المعلومات.
ويشير مراقبون إلى أن عدم تمكن «قمة جنيف» من حل الفوارق بين منظمات المجتمع المدني والحكومات، يدفع الناس إلى التطلع إلى «قمة تونس» العام 2005 كموعد يمكن للطرفين حينذاك العمل معا للتوصل إلى إجماع في الموقف.
وكان الرئيس التونسي في كلمته التي ألقاها في افتتاح واختتام قمة جنيف، حاسما في دعوته إلى المجتمع المدني ورجال الأعمال لمشاركة الحكومات «لما فيه خير البشرية». ويضيف هؤلاء المراقبون أن الدول العربية التي حرص زعماء الكثير منها على المشاركة في قمة جنيف في الوقت الذي لم يحضر فيه زعماء الدول الصناعية القمة، تضع أمالا كبيرة على قمة تونس من أجل التوصل إلى قدر أكبر من المعرفة حول الدور الذي يمكن أن تلعبه تكنولوجيا المعلومات في زيادة التنمية البشرية وضمان التقدم الاجتماعي - الاقتصادي.
ويقول خبراء إن المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات تضع على تونس تحديات لتنظيم قمة عالمية بهذا الحجم والنوعية، فيما يقول مسئولون تونسيون ان بلادهم التي سعت إلى عقدها على أراضيها هي على قدر التحدي من أجل إقرار أشكال جديدة من الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص
العدد 471 - السبت 20 ديسمبر 2003م الموافق 25 شوال 1424هـ