ربما هذا الجزء الثاني من موضوع كتبته يوم أمس (الجمعة) في عمود مجالس على الصفحة الأخيرة من الصحيفة، وهو طريقة تعامل اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب مع ما نذرت نفسها من أجله، وخصوصا عندما تنفلت الأمور من بين أيدي منظمي المسيرات، فيخرج المسئولون ليقولوا إن هناك من اندس ليخرب، أو ليحرف الأمر عن مساره. فقبل المسيرة بليالٍ، خرجت مجموعة من الشبان الصغار لتلصق صور مجموعة من شهداء التسعينات (فقط) على كل ما هو قائم على الأرض، وتحديدا في الشارع الرئيسي الذي يخترق جدحفص. فلم تسلم إشارة مرور، ولا لافتة إرشادية بتخفيف السرعة أو الاستدلال على المناطق إلا ولصقت عليها صور الشهداء، والتي قامت قوات الأمن في تلك الليالي وما بعدها بمحاولة إزالتها، فربحنا أوراقا بيضاء ممزقة شوهت تلك اللوحات المعدنية التي وضعت لصالح الناس. قد يقول المسئولون في «اللجنة» إنهم غير مسئولين عن التصرفات الفردية، ولكن الأمر هنا يتعدى «اللجنة» إلى الثقافة العامة التي لا ترى سبيلا لإيصال رسالتها إلا عبر الكتابة على الجدران، أو لصق الصور على الممتلكات العامة، وهذا يعد تعديا أيضا غير مبرر، وهو لن يخدم الهدف، بل ربما يقلب الأمر على من قام به، ولن تعدم السلطات سبيلا في إيجاد منافذ قانونية تحاسب على تخريب الممتلكات العامة والخاصة، إلا إذا أراد من يلصق هذه الصور أن يبدو في هيئة «البطل» الذي يتحدى القوانين، ولا يعترف بها. إن المطالبات بالحقوق، أمر مشروع، والمسيرات السلمية، عندما ترخص، وعندما لا تعوق شارعا، ولا تتعدى على حقوق، ويؤمن من يشارك فيها ومن يتعاطف معها، انه يطالب بحقه، من دون الاعتداء على حقوق الآخرين، أيا كانت هذه الحقوق، وعندما يجدد المطالبون طرق مطالباتهم، ويتحلون بالصبر والحكمة والأناة، وتثقيف من حولهم بأن تصرفات صغيرة ربما تقلب عليهم الأمر، وتعيدهم إلى ما قبل المربع رقم واحد
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ