العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ

جلالة الملك في حديث صريح إلى الصحافة: الحمد لله الذي حبانا بشعب حر يعبر عن رأيه

قصر الصافرية - منصور الجمري 

19 ديسمبر 2003

الحديث مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة كان صريحا، ورؤساء تحرير الصحف حملوا معهم أسئلة اتفقوا عليها قبل ذهابهم الى قصر الصافرية، ولكنهم سرعان ما بدأوا يوجهون أسئلة أخرى، لأن الحوار كان يجذب الحوار والسؤال ثم الجواب يطرح سؤالا وجوابا آخرين.

وبعيدا عن كل المقدمات - التي يضيع فيها وقت المقابلات في العادة - جاءت الأسئلة الصعبة أولا، عما يطرحه البعض من تراجعات في الاصلاح، وعن التجنيس والتمييز وعن الممارسة البرلمانية وحقوق الانسان وعن موضوعات أخرى كثيرة... وهكذا كان الحوار:

جلالة الملك، هناك من يقول إن حركة الاصلاح شهدت تراجعات في الفترة الأخيرة ما يعني انتشار نوع من الاحباط لدى فئات من الناس الذين ناصروا ووقفوا مع الإصلاحات، فما رأيكم في هذا الطرح؟

- نحمد الله أن الآراء لدينا يتم تداولها بحرية، والصحافة تعكس ذلك، وكتاب الأعمدة يتناولون الموضوعات التي تهم المواطنين. اننا نؤمن بالشورى المتبادلة، ونؤمن بضرورة استمرار المواصلة والاتصال، وسنباشر في معالجة كل ما نقدر عليه من مواضيع صغيرها وكبيرها، نحله وننطلق الى الأمام، ولكن دائما بالتشاور وعبر الطرق التي أصبحت آلياتها راسخة لمساعدتنا وحمايتنا جميعا... إن أي شخص لديه رأي فانه يستطيع إيصاله عبر من نلتقيهم، أو عبر الصحافة أو المجالس الحرة أو البرلمان، فلا يوجد أجمل من أن يشعر المواطن بحريته. وليس أجمل من أن يشعر القائد أنه منصف ويقوم بواجبه، وأن الطريق الذي سار عليها القائد يسير عليها الناس، فالقائد في المقدمة وفي الوسط وفي المؤخرة لاستكشاف الآراء، ونحمد الله الذي حبانا بشعب حر يعبر عن رأيه، بشتى الطرق، حتى بالصمت، فالصمت وسيلة تعبير أيضا.

اننا نعيش فترة جميلة جدا تسودها الحكمة والعقلانية، والفرحة تزيد وتكبر نتيجة الثقة بالله وثقة بعضنا ببعض.

إن هدفي أن نبني الثقة التي تأثرت بنبرات الماضي، وإن كان الكمال لله، فإن هدفنا من مسيرتنا هو التقدم وليس التأخر... واذا كان هناك من ينصح ليوضح لنا أين التأخر، فاننا نستمع الى ما يقول. ان بناء البيت يأخذ وقتا أطول من الهدم، فالهدم أسهل بكثير.

انا فخور بكم جدا، فخور بأهلنا في مختلف مناطق البحرين لمساهماتهم. انا فخور بأن هذا الشعب شعب حيّ ليست فيه البلادة أو الكسل، ويمتلك طموحا، متوقد ويعرف معنى التقدم.

ان ما يقوله ابناء الشعب من ملاحظات يجعل المسئولين على حذر وهذا الأمر يعجبني،لأن الانسان لدينا يتكلم عن حقوقه، وينطق اذا حدث له ظلم أو ضيم ونحن بدورنا نحمي الناس من أية إساءات.

الشعب كبير ويحتاج الى مساندة، فهو من الشعوب العريقة التي لها تاريخ وحضارة واحترام وتقدير. والاحترام ليس على أساس الغنى والفقر، فأي انسان يقدم الرأي ويحترم الآخرين له كل احترام وتقدير.

إن من يقول ان هناك تراجعا في الاصلاحات، نقول له «جماعة تعاونوا ما ذلوا»، ومن لديه رأي فليخبرنا به بحرية تامة، وله «الأمان»، فنحن نقرأ ونستمع ونستفسر من المسئولين، فالانسان لديه عينان ويدان، واذا تعاونت الأيدي والعيون، فإن هذا مصدر القوة بعون الله... واذا كان هناك اي تراجع فنحن نستمع الى ذلك... فتجربتنا مستمرة.

نعتقد أننا نسير الى الأمام وليس بنا ارتباك لندور الى الخلف، ولن اسمح لانسان - بعدما مشينا في هذه المسيرة - ان يفكر في العودة الى الخلف، فأنا أستغرب ممن يحاول اعادتنا الى الماضي... نحن ندرس الماضي ونتوجه الى المستقبل.


جلالة الملك في حديث صريح إلى «رؤساء تحرير الصحف»:

فصل القرار الاقتصادي عن السياسي... و«الأمان» للرأي الآخر

قصر الصافرية - منصور الجمري

يتواصل الحديث مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بعد ان أكد أن «من يقول ان هناك تراجعا في الاصلاحات، نقول له «جماعة تعاونوا ما ذلوا»، فالانسان لديه عينان ويدان واذا اجتمعت الأعين والأيدي فانهم يقوون بعون الله... واذا كان هناك اي تراجع فنحن نستمع الى ذلك... فتجربتنا مستمرة، وله «الأمان» من لديه رأي يخبرنا به بحرية ونحن نقرأ ونسمع ونستفسر من المسئولين»... وهكذا استمر الحوار:

مركز للحوارات

جلالة الملك، تطبيقات بعض القوانين تفسر بأنها تراجع، وهناك اشارة الى مثل هذا التراجع في بعض التقارير الدولية؟

- قد يفسر تطبيق بعض القوانين بأنه تراجع، ولكن مجال تغيير القانون موجود. مثلا الدستور يكفل حرية التعبير، واذا وجد قانون يمنع ذلك فانه غير دستوري ويلزم تغييره... فلدينا الميثاق وشعورنا الوطني.

يجب أن يشعر المواطنون كلهم بالحرية في التعبير عن الرأي ولكن بمسئولية. فمثلا نحن لا نقبل ان يتم التشهير بهذه الطائفة أو تلك الفئة على أساس ديني أو اثني أو أي عامل تمييزي آخر...

اننا طرحنا البحرين «مركزا للحوارات» والصحافة يجب أن تخدم هذا المجال بما يقرب بين الناس.

اننا نطرح الحوار بين الجميع، فانا أرى اخواني المسلمين اخوة من دون فرق بين هذا أو ذاك، ولو سمعت شخصا يذكر مذهبا بسوء لو كان بصورة خاصة في مجلس فسأحاسبه...

اننا أسرة واحدة، وهذه هي قوتنا وهي التي تدفع بالبحرين الى التقدم... اما التطرف والغلو والتعصب فهو لا يخدمنا.

أنا بصراحة لا أظن أن هناك دولة تنجح وهي تسير بحزب واحد أو مذهب واحد... ولا يصح إلا الصحيح والأنظمة التي لا تعيش التعددية لا تشعر أنها اسرة واحدة.

فليست لدينا أية اختلافات، والمواقف الوطنية ليست خاصة بمذهب دون مذهب، وهذا ما شاهدناه أثناء التصويت قبيل الاستقلال والانتخابات والميثاق، فالعجم لدينا لم يقولوا نحن عجم بل قالوا نحن بحرينيون ولذلك حييناهم أحسن تحية... المسئولية في الطرح هي أساس حرية التعبير، والجميع لديه هذا الحق.

فصل القرار الاقتصادي عن السياسي

جلالة الملك، ماذا عن الملف الاقتصادي ودوره في الحركة الاصلاحية؟

- أهم خطوة اتخذتها انني سلمت ملف الاقتصاد الى الابن سلمان بهدف السعي إلى الصعود بمستوى اقتصادنا الى مصاف الدول الراقية. لقد فصلنا القرار السياسي عن الاقتصادي. فالقرار السياسي يحتاج الى اجماع المسئولين عن الشأن وهذا يأخذ وقتا أطول. أما الاقتصاد فانه لا يحتمل التأخير ويحتاج الى قرار سريع. حاليا لدينا آلية مجلس التنمية الاقتصادية وقراراته منفصلة عن مجلس الوزراء.

عدم تشريدالمستثمرين

ربما يكون هذا غير واضح حاليا، ولكنه سيتضح أكثر وأكثر. ما هو الشيء الذي يشرد المستثمرين؟ هذا ما وددنا الاجابة عليه.

المستثمر قد يشرد اذا كانت هناك شروط مثل «أسهل لك وتسهل لي»... هذه من الأمور غير الملموسة ولكنها تقال دائما، فكان من واجبنا عدم السكوت، ولدينا الآن آلية لمحاربة مثل هذه الثقافة ولدينا عقاب والمجرم يخاف من العقاب.

لقد قمنا بهذا العمل الاصلاحي في الجانب الاقتصادي وهذا هو الذي شجع دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية على أن تختار البحرين لاقامة منطقة تجارة حرة. البعض يقول ماذا نستفيد؟ كيف لا، فأسواقنا مفتوحة للاميركان اما اسواقهم فليست مفتوحة، واذا فتحت لنا فسنستفيد كثيرا فهم اصحاب أكبر تجارة في العالم.

لقد وعدني ولي العهد بأن الاقتصاد سيكون اساسه المواطن ومصلحة المواطن، وليس مصلحة فئة قليلة، فهدفنا ان يعم الخير الجميع.

خطة لمعالجة البطالة

ولي العهد سيطرح قريبا خطة لمعالجة مشكلة البطالة وهذا سيظهر البرنامج الذي يجعل المواطن حجر الزاوية، لدينا نمو 5 أو 6 أو 7 في المئة ولكن البطالة اذا توسعت فان فائدة هذا النمو لا تتحقق. ربما من الأفضل أن نقلل النمو (لو تم تخييرنا) على أن يتم حل مشكلة البطالة. فالبطالة اذا تراكمت خلقت المشكلات، ولذلك فان ولي العهد مع الخبراء سيعالجون السبب الرئيسي للبطالة وليس عوارض المشكلة... وهذه تتطلب شجاعة ونحن ندعم هذه السياسة. وبلا شك ستكون هناك سلبيات قليلة وقصيرة الأمد ولكن الايجابيات المستقبلية هي الأهم.

ولي العهد ومعه الخبراء نزلوا الى جذر المشكلة وهم الآن بصدد معالجتها بصورة موضوعية وحيادية، لأن العاطل الذي لا يمتلك لقمة عيش كريمة سيخرج مطالبا بحقه...

لقد قال لي صديق ذات مرة «لو أن الدول العربية فكرت كيف تجد لقمة العيش لمواطنيها لوصلت الى مستوى أوروبا». فالمواطن يود أن يعرف كيف سيعيش، مسكنه، غذاؤه، حريته، ونحن اذا وفرنا ذلك فإن حالنا جميعا سيكون أفضل.

معالجة البطالة ليست سهلة، فهي تحتاج الى دراسة قانونية، الى تدريب، الى خبراء لمعالجتها. ان الذي يريح ضميري أنني وضعت السفينة على المسار الصحيح ولا أرضى لهذه السفينة أن تصطدم بالصخور.

في الخمسينات والستينات كانت لدينا مشكلات سياسية برزت فيها فئات من المجتمع البحريني، ومنذ السبعينات لدينا فئات أخرى من المجتمع برزت فيها، ما يعني ان المشكلة ليست لها علاقة بالطائفية وانما بالظروف الاقتصادية التي تعرضت لها هذه الفئة أو تلك...

جلالة الملك، مرة أخرى نسأل عن السرعة التي ستتم فيها الاصلاحات لأن البعض يشير الى التباطؤ؟

- شعبنا ليس بليدا أوخائفا. أنا أريد أن يقول الشعب رأيه، فليس لدينا تسلط الحزب الواحد، ولا نستعبد الناس لأن أمهاتهم ولدتهم أحرارا.... اذا كان هناك أي رأي آخر فنود سماعه. لقد أنجزنا الكثير في ظل ظروف صعبة جدا والفضل في ذلك لأهل الفضل وهم شعب البحرين... اذا جاء شخص ينصح فلا زعل هناك... نقبل النصيحة من أي شخص وأية جهة . فلو جاءت أميركا مثلا وقالت ننصحكم بالاصلاحات نقول لها شكرا ونشور عليها أيضا ونعرض عليها نصائح تنفعها. نحن لسنا مع التباطؤ وفصل القرار الاقتصادي عن السياسي هو للاسراع بالاصلاحات.

الموقف من المقاطعين

جلالة الملك، مازال هناك المقاطعون والمترددون الذين لم يشاركوا في العمل السياسي النيابي، مارأيكم؟

- الجميع تحت مظلة الوطن والمترددون في دخول الساحة خسارة لنا ولهم، لأننا نفتقد آراءهم التي نحب أن نسمعها من داخل النظام وبالصورة الصحيحة. وخسارة لهم لأنهم لا يستطيعون ايصال رأيهم إلى مواقع القرار كما هو حال غيرهم. إنني أشجعهم دائما، فالذين لم يدخلوا لهم مكانة ويجب أن يكونوا معنا، فالمساهمة في الداخل تؤثر أكثر من الخارج.

الأحزاب السياسية

جلالة الملك، ما موقفكم من فكرة تشكيل الأحزاب السياسية؟

- موقفي أتركه للشعب الكريم، ان أرادوا تنظيم أحزاب فهذه رغبتهم وانا احترمها، وان ارادوا تطوير وضع الجمعيات وهي الآن شبه سياسية، فأتركها لهم أيضا. الجميع بحرينيون ولديهم الخيار في طريقة تنظيم صفوفهم.

أداء البرلمان

هل جلالتكم راضون عن مستوى أداء مجلسي الشورى والنواب؟

- اننا فخورون بالرجال والنساء الأعضاء في مجلسي الشورى والنواب وهم من خيرة أبناء البحرين الذين ارتضوا لأنفسهم ان يكونوا في المقدمة ويؤسسوا ويساهموا في مشروعنا الوطني الديمقراطي، وكما تعلمون فإن الجهد كبير في المرحلة الأولى ونحن نقدره لكل النواب، ونقدر لهم أيضا ما يبدونه من تعاون مع الحكومة في العمل من أجل خير ورفاهية المواطن البحريني.

إن التجربة في بداياتها الأولى ولا نشك في اخلاص النواب وسعيهم الدؤوب من أجل تحقيق مصلحة الشعب والبحرين بحسب ما يرونه من اولويات من خلال عملهم كسلطة تشريعية.

ملف التجنيس

جلالة الملك، هناك ملف التجنيس والحديث الذي يدور عنه كثير، فما رأيكم في ما يطرح؟

- التجنيس له قانون وكل القضايا - بحسب علمي - التزمت بالقانون - هناك لجنة تحقيق من النواب تبحث في الموضوع وكيف تم... وللتوضيح أذكر ما يأتي:

لقد جنسنا في الفترة الاخيرة أكثر من ثمانية آلاف من المواطنين الذين يطلق عليهم اسم العجم. هؤلاء مكثوا في البحرين أكثر من 15 سنة، وتم تجنيسهم لأنهم بحرينيون ولا يرتبطون بأي انتماء آخر غير البحرين.

ولدينا قبيلة الدواسر، وهؤلاء بحرينيون في الأصل ونحن لم نجنسهم وانما ارجعنا اليهم جنسيتهم. هؤلاء اخرجوا في العشرينات من البحرين بعد خلاف مع الانجليز. هؤلاء خرجوا مبعدين من قبل الانجليز، واذا كان هناك من تحدث عن شيء غير قانوني فالبرلمان موجود والقضاء موجود.

تغيير التركيبة السكانية

وأود الاشارة إلى الحديث المتكرر عن محاولة تغيير التركيبة السكانية. أود ان اسأل: الاخلال لمصلحة من؟ فالاخلال بالتركيبة يضر الجميع. السنة لدينا أصلهم من مختلف البلدان بعضهم جاء قبل خمسين وآخر من قبل خمسمئة سنة. والشيعة نفس الشيء جاءوا عبر مئات السنين، فأية تركيبة نتحدث عنها؟

بحسب معلوماتي ان الذين جنسوا 52 ألفا، 42 ألفا منهم من الشيعة، ولم نفكر في انهم شيعة أو سنة، بل اننا قلنا اذا كانوا يستحقون الجنسية فهي لهم.

لو اخللنا بالتركيبة فاننا سنتضرر... أين سنسكن هؤلاء؟ اين سنوظفهم؟ نحن نحاول اصلاح منازلنا، فكيف نأتي بأناس من الخارج؟ زيادة السكان تعني زيادة البطالة، زيادة الطلب على الاسكان، زيادة الاجرام.

نعم اذا كان هناك طبيب، أو فني، أو مهندس، أو أديب، فبالامكان ان نمنحه الجنسية لأن ذلك يمثل قوة لنا، ولكن ليس ان نجنس بأي شكل ... فلدينا نمو سكاني متزايد، فكيف نقوم بمضاعفة هذه المشكلة؟

حقوق الانسان

جلالة الملك، تعيش البحرين اجواء احتفالات عدة، ففي السادس عشر من ديسمبر/ كانون الأول أحتفلت البحرين بالعيد الوطني المجيد، كما احتفلت بالاعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر من ديسمبر، كيف تنظرون إلى هذا الاحتفال؟

- لاشك ان يوم السادس عشر من ديسمبر هو ذكرى عزيزة على قلب كل بحريني، ففي هذا اليوم نتذكر بكل تقدير وامتنان كل جهد وطني مخلص ساهم في نهضة البحرين الحديثة الذي أسس لها المغفور له الوالد صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، إذ أكد دور المواطن البحريني باعتباره اهم موارد البحرين وأغلاها، وأثبتت الأيام انه كان تأكيدا صائبا، إذ كان دوره واضحا في مسيرة البناء والتقدم.

ومنذ خطابنا الأول إلى شعبنا العزيز والذي كان بمثابة منهاج عمل للمستقبل، اعتمدنا مبدأ الشفافية والمصارحة، وتأكيد أن البحرين قوية بأبنائها ومؤسساتها وثوابتها وتطلعاتها المشروعة نحو المستقبل في إطار تمسكنا بثوابت النظام الملكي الدستوري. ولاشك ان كل انجاز جديد يتحقق هو دعامة لمملكتنا العزيزة... والآن المواطن البحريني يجني ثمار ما تحقق في السنوات الماضية عبر اصلاحات شاملة تمت بشكل متوازن ببناء دولة المؤسسات والقانون وتوسيع المشاركة السياسية وتكريس حقوق الانسان واجراء انتخابات بلدية وانتخابات نيابية واكبت التطورات التي تمر بها البحرين على المستويين الداخلي والخارجي وهذا بلاشك مصدر فخر واعتزاز لنا.

جلالة الملك، هل ستوقع مملكة البحرين العهدين الدوليين (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)؟

- لا يوجد مانع من ذلك، وإن شاء الله تكون هناك مراجعة لمتطلبات هذين العهدين للشروع في التصديق عليهما.

حقوق المرأة

جلالة الملك، ما موقع المرأة في مشروع جلالتكم؟

- اننا حريصون كل الحرص على تعزيز دور المرأة في التنمية الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، إذ يلعب «المجلس الأعلى للمرأة» دورا مهما في هذا الصدد بعدما حصلت المرأة على حقوقها السياسية الكاملة، بخلاف إسهاماتها المتميزة في النشاط الاقتصادي وفعاليات المجتمع المدني، هذا إلى جانب اهتماماتنا المتواصلة بتحسين خدمات الرعاية الاجتماعية ولاسيما رعاية الطفولة والامومة وذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، بما يقوي من سيادة قيم التكافل الاجتماعي في إطار مجتمع الأسرة الواحدة.

النعرات الطائفية

جلالة الملك، كيف تنظرون إلى من يثير نعرات طائفية وصراعات مذهبية؟

- لا يوجد مجتمع متقدم يخلو من تلك الأمور لكن من المهم ان ندرك كيف نتعامل معها وبأي الوسائل... فلقد مضى زمن الفكر الواحد والمذهب الواحد والتفسير الواحد للحقيقة، فنحن نشهد الآن زمن التعددية والتسامح في رحاب الديمقراطية ودولة القانون، فلا إفراط ولا تفريط، فهذه فلسفتنا وهذا نداؤنا لكل بحريني وبحرينية... ونحن اليوم مصرون على مواصلة تقليدنا الجميل الراسخ ولا يمكن ان نتخلى عنه لانه يمثل جوهر وحدتنا، فنحن حملة المشروع الاسلامي الحضاري الذي يجمع بيننا ولا يفرق... ان الحوار أو الاختلاف حول أية قضية يجب ان يكون موضوعيّا وبعيدا عن اثارة أية حساسيات دينية أو مذهبية أو فكرية... وهذا لا يمكن السماح به أو السكوت عليه، فالمزايدة ليست هدفا في ذاتها، ووجهات النظر المختلفة لا تفرض فرضا بل تدعى للاستماع إليها، ويعود للمؤسسات المعنية المختصة بمقتضى مسئولياتها الدستورية والقانونية وانطلاقا من تقديرها للمصلحة الوطنية ان تحدد المواقف المناسبة حيال الموضوعات المطروحة.

مجلس التعاون الخليجي

جلالة الملك، في ضوء التحولات الراهنة على الساحتين الاقليمية والدولية وما تفرضه من تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية على دول مجلس التعاون الخليجي، ما السبيل الأمثل في تصوركم لمواجهة هذه التحديات؟

- الدائرة الخليجية تكتسب اولوية متقدمة في تحركاتنا الدبلوماسية انطلاقا من ادراكنا لأهمية هذه الدائرة باعتبار انها تمثل الامتداد الطبيعي والحيوي للبحرين ومكمن قوتها واستقرارها، فقد كانت المملكة من أولى الدول التي دعت إلى انشاء مجلس التعاون الخليجي وقدمت دوما كل انواع الدعم والمساندة لتطويره وتفعيله، وكانت في صدارة الدول المنادية بتحقيق التكامل الخليجي ودعمت ومازالت تدعم أية صيغة وحدوية في هذا الإطار انطلاقا من قناعة مفادها ان قوة وفاعلية المجلس هي قوة وفاعلية لأعضائه وللعمل العربي المشترك الذي تسعى البحرين إلى تحقيقه.

لقد أكدنا مرارا ان تدعيم ومساندة مجلس التعاون الخليجي يمثل مصدر قوة ودعما لأعضائه وتعزيزا لقدراتهم على مواجهة شتى التحديات. وتأتي القمة الخليجية المقبلة برئاسة سمو الاخ الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، لتشكل فرصة مهمة من أجل مواصلة ما حققه المجلس من انجازات.

ونتطلع في هذا الصدد إلى التواصل والتعاون والتكامل مع اشقائنا في تفعيل المجلس الأعلى للدفاع المشترك، ودعم مسيرة العمل الاعلامي المشترك في التصدي للحملات المغرضة ضد العرب والاسلام والمسلمين، مؤكدين موقفنا في محاربة الإرهاب والتطرف بكل صوره وأشكاله باذلين كل جهدنا لابراز الرسالة الحضارية والانسانية التي يقدمها الدين الاسلامي إلى العالم، كما نؤكد دعمنا المطلق لإقامة السوق الخليجية المشتركة والاسراع في قيام العملة الخليجية الموحدة كنموذج ناجح للتكامل الاقتصادي العربي وهو الهدف الأسمى الذي نسعى إلى تحقيقه بما يحقق طموحات شعوبنا إلى قطف ثمار التنمية، وذلك بالتوازي مع العمل على تكريس حقوق المواطنة الخليجية وتسهيل انتقال المواطنين والايدي العاملة بين دول المجلس.

وإلى جانب موقفنا الثابت الداعي إلى تكثيف الجهود الدولية للاسهام في إعادة اعمار العراق، والحفاظ على وحدة اراضيه واستقراره من خلال ضمان حق شعبه في تقرير مصيره وقيادته، فاننا لا نكل عن المطالبة بضرورة احلال الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط برمتها باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار ودفع مسيرة التنمية في المنطقة، وهو ما لا يمكن ان يتحقق ما لم تكن هناك تسوية عادلة وشاملة ودائمة لقضية الشعب الفلسطيني تكفل له الأمان والعيش الملائم وحقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف

العدد 470 - الجمعة 19 ديسمبر 2003م الموافق 24 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً